الدكتور جلال فاخوري يكتب لنورسات الأردن طوبى لصانعي السلام ..مجداً للكنيسة وعزاً للمسجد.
.طوبى لعراقٍ رفرفت في سمائه أعلام السلام، ومجداً لزعيم ديني كسر كافة أطواق الإضطراب رافعاً بيارق السلام والمحبة لتقول للتنحار والتقاتل تسقط كل أسلحة القتل.
زار البابا عراقاً منقسماً على بعضه شيعة وسنة وأكراداً، تَحتل أرضه قوى الشّر الأمريكية والتركية، تدفع البعض إلى التقاتل والإستمرار بالعنف. فالعنف سلاح الضعفاء ولا يلجأ إليه إلا الأِشرار وذوي النفوس الضعيفة طمعاً بمنصب أو جاه أو مال، لكن لا العنف مجد ولا الإستسلام مفيد، هذا الشعار رفعه البابا فرنسيس في العراق ورفع مكانهما شعار المحبة والسلام. لقد اقتحم البابا كافة الأبواب الموصدة للسلام التي سدّتها قوى الشر وأنصار العنف والإرهاب.
ثمة شعار آخر له من أهمية ما للمحبة من أهمية وهو شعار حوار الحضارات بالإضافة إلى حوار الأديان وحضارة الشرق التي نبعت من عراق الرافدين قبل آلاف السنين. كانت جذورها في أور الكلدانية السومرية التي أعطت العالم معنى ذات قيمة ووجود، وهو معنى محبة الله للإنسان حيث جسّد ابراهيم القيمة الإنسانية بهويات دينية مصدرها حضاري واحد.
من هنا كان اصرار البابا على زيارة أور أصل الوجود الديني. ألقى قداسة البابا عظة جميلة تشرح علاقة الحضارة بالدين وأنّ لقاء الحضارات يضفي على التلاقي الديني معنى وقيمة وأهمية خاصة، سيما وأن للمكان أهمية تفوق الزمان من حيث مصدر الأِشياء، إذ أول معنى إنساني وقيمة للزيارة هو لقاء الحضارات مع لقاء الأديان
. وثاني هذه القيمة للزيارة هو تبيان جرأة المؤسسة الدينية الكاثوليكية (الفاتيكان) في توضيح عظمة المسيحية في بلد شيعي كان على جهل في قيمة الفاتيكان والمسيحية حتى أن رئيس العراق برهم صالح حين حضر القداس الإلهي في بغداد أشاد بعظمة المسيحية حتى قال: لاحضارة ولا شرق بدون مسيحية. ثالثا: في التفاف معظم الشعب العراقي حول أهمية الزيارة قد أخرج العراق من قمقم التزمّت وقصر النظر، فالمسيحية هي مفتاح الأبواب الإنسانية إذ تُغلق أبواب العنف وتشيد بالسلام وتستخدم عناصر سحرية في العلاقات البشرية وهي المحبة والرجاء والإيمان. وهذا كشفت عنه السلطات والزعامات العراقية إذ تحدّثت ولا زالت عن عظمة المحبة، سيما وأن الدعوة للسلام تأتي من أكبر زعيم مسيحي في العالم. رابعاً: اختراق الزيارة للمفاهيم الشيعية التي كانت تنظر للمسيحية نظرة خاصة، فاستبدلت مفاهيم السلام بدل مفاهيم قصر النظر، خاصة حين أعطى البابا أهمية للفقر والإنسحاق وانعدام العدالة والإستكبار، وكلها مفاهيم تقف بوجه الله. كان البابا رسول سلام حقيقي في بلد مضطرب يرفع شعار العنف.
فليسقط السلاح ويسود السلام، وليأخذ المسيحييون دورهم الهام في بناء الحضارة الإنسانية والشرقية خاصة. مجداً لفرنسيس وعزاً للسيستاني وطوبى لعراق ارتضى قبول دعوات البابا للمحبة.