تذكار القديس جوارجيوس اللابس الظفر في البطريركية الأرثوذكسية بالقدس.
إحتفلت بطريركية الروم الرثوذكس في القدس يوم الإثنين الموافق 6 أيار 2021 (23 نيسان شرقي) بعيد القديس العظيم في الشهداء جوارجيوس اللابس الظفر التي تُكرم الكنيسة إستشهاده في عهد الإمبراطور ذيوكليذيانوس عام 303 ميلادي.
وأقيمت الصلوات إحتفالاً بهذا العيد على النحو التالي:
١. في دير القديس جوارجيوس في الحي العبري في البلدة القديمة في القدس أقيمت خدمة صلاة الغروب عشية العيد ترأسها قدس الأرشمندريت بارثلماوس, وصباح يوم العيد ترأس خدمة القداس الإلهي غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث يشاركه أصحاب السيادة متروبوليت كابيتاليس إيسيخيوس, رئيس أساقفة قسططيني أريسترخوس, قدس الأرشمندريت نيكتاريوس وقدس الأرشمندريت كاليستوس بحضور القنصل اليوناني العام في القدس السيد إيفانجيلوس فليوراس وعدد من الرهبان وزوار الدير.
خلال القداس الإلهي القى غبطة البطريرك عظة روحية:
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة عيد القديس جوارجيوس اللابس الظفر 6/5/2021
تعريب قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
لقد بدا لنا تذكار خادم المسيح الكلي الشرف مشرقاً يُرافق تذكار قيامة المسيح ففي اجتماعنا فيه الآن لنعيدنّ له يا مؤمنون مبتهجين. هذا ما يتفوه به مرنم الكنيسة.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيون الأتقياء
إن نور قيامة المسيح مخلصنا الذي لا يعروه مساءٌ قد قادت أقدامنا إلى هذا الدير المقدس والذي يحمل اسم القديس جاورجيوس العظيم في الشهداء، لكي بدالةٍ نعيد لتذكاره المقدس.
تميز القديس جاورجيوس بين شهداء محبة المسيح في أزمنة الاضطهادات للمسيحيين من قبل الإمبراطور الروماني ديكلتيانوس (284- 305). وُلِد القديس جاورجيوس في كبادوكيا من أبوين مسيحيين شريفين كانا من أصحاب الغِنى والشهرة الاجتماعية، وخدم كضابطٍ في صفوف الجيش الروماني، وقد اعترف بإيمانه بالمسيح وتم تعذيبه بشتى أنواع العذابات بعد اعتقاله، وأخيراً تم استشهاده بقطع رأسه، وهو يُعد من قديسي الكنيسة العظام المستشهدين في العصور الأولى، ويوجد قبره الفارغ في كنيسة فائقة الروعة والجمال في المدينة الفلسطينية والمعروفة ما قبل المسيحية باسم ذيوسبوليس والتي لاحقاً أصبح اسمها مدينة اللد، حيث أصبحت هذه الكنيسة مكان تكريم القديس، إذ أن إكرام القديس جاورجيوس قد امتد إلى جميع أرجاء الإمبراطورية الرومية شرقاً وغرباً.
وربما يتساءل أحد ما قائلاً لماذا جاورجيوس العجائبي المجيد تاقت نفسه إلى الشهادة من أجل المسيح؟ وذلك لأن المرنم يهتف قائلاً: إن المحبة تغلبت على الطبيعة “البشرية” فأقنعت العاشق بأن يصل بالموت إلى معشوقه المسيح الإله مخلص نفوسنا. هذا ما يتفوه به ناظم تسابيحه. وأما الملك النبي داؤود فيقول: أَمَّا أَنَا فَبِالْبِرِّ أَنْظُرُ وَجْهَكَ. أَشْبَعُ عندما يتجلى لي مجدك. (مز 16: 15)
لقد عاين هذا المجد الإلهي القديس استفانوس أول الشهداء عندما تم رجمه بالحجارة من قِبَل مضطهديه، فبحسب شهادة القديس لوقا الإنجيلي كاتب سفر أعمال الرسل وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ. (أعمال 7: 55)
إن أنبياء العهد القديم الذين قُتلوا واضطهدوا الذين سبق وتنبأوا بنور العالم أي المسيح كذلك أيضاً والقديس استفانوس أول الشهداء هؤلاء ساهموا في أن يتقبل الشجاع جاورجيوس إرادياً أقوال مخلصنا المسيح «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ. (يوحنا 8: 12)
ويفسر القديس كيرلس الاسكندري أقوال الرب هذه قائلاً: لأن الله كان معروفاً في اليهودية وفي إسرائيل وحدها كان اسمه عظيماً وبقية الأرض كلها كانت تملأها ظلمةٌ عميقة ولم يكن أحد في العالم يملك النور الإلهي والسماوي سوى إسرائيل وحدها.
حقاً لقد كان الحكيم جاورجيوس يحيا ويتحرك في أزمنة طغت عليها وسادت الظلمة الشيطانية وعبادة الأوثان في الأرض كلها حيث كان الأباطرة الرومانيون يؤلهون أنفسهم ويلزمون جميع من يطيعوهم بالسجود لهم وبالأكثر كانوا يشددون على المسيحيين كما يقول المرنم: قدْ برعتَ في طُرق حُسن العبادة، ودَحضتَ ضلالة الكُفر فحططتَ تشامُخ العدو ووطئتَ عجرفتَهُ، فإنَ عقلكَ قدْ توقَّدَ بنار الغِيرة الإلهية فأخمدتَ وقاحة المُتمرِّدين الكَفَرة، ومن ثم اقتبلتَ الإكليل عن استحقاق جَزاءً عمّا كابدْتَهُ من العَذابات وأصبحتَ تمنح الأشفية للبشر، يا جاورجيوس الشّهيد الظّافر.
لقد أُحصي جاورجيوس العجائبي في مصاف وجوق شهداء الكنيسة العظام وذلك لأنه لم يَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا (2تيم 1: 8) كما يوصي القديس بولس الرسول تلميذه تيموثاوس. وبكلام آخر لقد أصبح القديس جاورجيوس رسولاً وكارزاً ومبشراً للحقائق الخلاصية لإنجيل المسيح مُلهماً من كرازة وتعليم القديس بولس الرسول الذي يقول أَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ. (عب 13: 14)
إن المدينة العتيدة ليست هي إلا الحياة الأبدية التي هي ملكوت السماوات والتي قال عنها ربنا لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ (متى 6: 33) لأَنهُ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. (أعمال 14: 22) كما يكرز بولس الرسول.
إن شهداء محبة المسيح يشكلون فخر الكنيسة ومجدها لهذا فهم يتمتعون بشرف وتكريم خاص. وهذا لأن رفات وبقايا الشهداء لها قوة الأشفية لأولئك الذين يكرمونها ويسجدون لها من جهةٍ وعدم فساد هذه البقايا المقدسة تذيع وتخبر معترفةً بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات من جهةٍ أخرى.
وأيضاً من خلال دماء الشهداء القديسين والتي تشكل الشهادة الفعلية التي لا يمكن انكارها لذبيحة المسيح ابن الله ربنا ومخلصنا يسوع المسيح على الصليب من أجل خلاص جنس البشر لهذا فإن القديس بولس الرسول يقول: فَإِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَ الْمَسِيحِ، نُؤْمِنُ أَنَّنَا سَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. عَالِمِينَ أَنَّ الْمَسِيحَ بَعْدَمَا أُقِيمَ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يَمُوتُ أَيْضًا. لاَ يَسُودُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ بَعْدُ. (رومية 6: 8-9)
حقاً إن موت المسيح المحيي أي نور قيامة المسيح قد لبسه من نعيد له اليوم القديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر فلاّح التقوى الذي عشق وتوقَّ بشوقٍ للذي لبس جسداً ووُلد من العذراء والدة الإله مريم ربنا يسوع المسيح مخلص العالم، لهذا فنحن مكرمي تذكاره المقدس في هذا الدير الذي يحمل اسمه في مدينة أوروشليم القديمة مع المرتل نتوسل هاتفين وقائلين: بما أنك ماثل أمام عرش الضابط الكل متشح بالنور. احفظ بتوسلاتك الذين يحبونك ويدعونك بإيمان حار يا جاورجيوس يا من تُوّجتَ شهيداً للمسيح
آمين
المسيح قام
بعد القداس الإلهي إستضافت مُشرفة الدير الراهبة مريانا غبطة البطريرك مع الأساقفة والآباء في قاعة الدير.
٢. في مطرانية بتوليمائيس في مدينة عكا تم الإحتفال في كنيسة القديس جوارجيوس حيث ترأس خدمة القداس الإلهي قدس الأرشمندريت فيلوثيوس الوكيل البطريركي في عكا.
٣. في دير القديس جوارجيوس “المستشفى” في البلدة القديمة ترأس خدمة القداس الإلهي قدس الأرشمندريت متايوس بحضور عدد من الرهبان وأبناء الرعية من البلدة القديمة, وقاد الترتيل المرتل الأول في كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة الأرشمندريت إفسيفيوس.
٤. في دير القديس جوارجيوس في بيت جالا ترأي خدمة صلاة الغروب والقداس الإلهي سيادة رئيس أساقفة جرش كيريوس ثيوفانس يشاركه كهنة الرعية, وبحضور عدد من الرهبان وأبناء الرعية الأورثوذكسية من بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور. وإستضاف الرئيس الروحي للدير الأرشمندريت حنانيا سيادة المطران مع الآباء والحضور.
٥. في كنيسة القديس جوارجيوس في مدينة اللد حيث يوجد ضريح القديس مع ذخائره المقدسة ترأس قدس الأب المتوحد ماركيلوس خدمة القداس الإلهي بمشاركة أبناء الرعية في مدينة اللد.