لبنان لن ينهار كما يشاع فقوته في ضعه بقلم الدكتور جلال فاخوري

ما من سياسي لبناني أو صحفي أو حزبي أو طائفي يحمل صفة رسمية أو غير رسمية إلا ويقول أنّ لبنان على وشك الإنهيار إما مالياً أو اقتصادياً أو سياسيا.

مستندين في ذلك إلى التفكك الطائفي والحزبي والسياسي والضعف الإقتصادي الذي يعاني منه لبنان، ناهيك عن الصراعات السياسية الرسمية التي تحدث بين الحين والآخر على الصعيدين الوزاري أوالرئاسي الجمهوري، والشواهد في لبنان كثيرة خاصة في العشرين أو الخمسة عشرين سنة الماضية، ولا يزال يعيش نفس الأزمة، فلبنان عاجز عن تشكيل حكومة تنقذ الشعب مما هو فيه من أزمة إجتماعية واقتصادية ومالية، ناهيك عن الطائفية البغضية التي تفكك اجتماعياً كل مرورث أو إتحاد أو قوة.


لقد تحدثنا عن لبنان عشرات المرات، لكن الإنقسامات والتفكك والزعامات المهترئة لا تسمح لهذا البلد الرائع أن يعيش بسلام أو طمأنينة.

قبل الحرب الأهلية سنة 1975 كان لبنان سويسرا الشرق بكل ما يوصف به من جمال، لكنّ لبنان بعد الحرب ليس كما قبله، فقد استشرت الطائفية والفسادة وتهريب الأموال و السلاح المتفلّت والإغتيالات والإعتداءات وانعدام الكهرباء والأساسيات كالغذاء والدواء وهلم جرا.


نعم لبنان على شفير الإنهيار رسمياً، لكن قوة لبنان في ضعفه، فقد مرّت عليه أزمات ومراحل أكثر عمقاً وشدة ولم ينهار، حيث أن الطائفية وهي عنصر ضعف وتكسير لوحدة لبنان هي في الآن نفسه قوة. فالطائفية تتجلى في سعيها للحصول على المصالح والمنافع لكنها شديدة الحرص على الأرض والسيادة والحريّة. فالسياسيون والصحفيون والباحثون إذ يرون أن الطائفية هي السبب فيما يجري في لبنان يعتقدون أن الطائفية عبئ ثقيل على لبنان.

لكنّ الطائفية ليست جديدة، فقد عاصرت كافة الظروف منذ سنة 1860 أي حروب الجبل.

وقد تعايشت مع كافة الطوائف خاصة السنة والشيعة والمسيحيين، وقد ازدهر لبنان في ظل الطائفية لفترة طويلة سيما بعد الإستقلال. لكن الذي يحدث الآن أن كل طائفة تريد الحفاظ على موقعها ومكانتها وزعامتها وهيبتها وقدرتها في الحكومات، وهذه الإهداف وإن كانت بغيضة إلا أنها في المفهوم السياسي قوة وشكيمة إذا ما استدعى الأمر إنيهار لبنان ، وإذا ما اعتدي عليه من العدو، ففي لبنان ساسيون ووطنيون لا يتاجرون بالوطن، أما الصغار الذي يمثلون أحزابا ً وقوى تابعة لأمريكا وإسرائيل هي من يريد إنهيار لبنان وتشويه سمعته وبقائه في فراغ عادم، فالخطورة على لبنان لا تكمن بالطائفية ولكن في التطوّف أن جعل الطائفة هي سبباً للمصالح أو وسيلة لها.

Leave A Reply