الإعلام .. “العصا السحرية” للتغيير القادم بقلم الدكتورة باسمة السمعان
كإعلاميين ننقاد كثيرا، وبكل حسن نية وغيرة، في الدفاع عن مبادئ الوئام والعيش المشترك واسس المواطنة الصالحة ونجتهد في قراءة التاريخ ومراجعة الكتب لنتسلح بكم هائل من الامثلة التي تثبت حسن نوايانا وواقعنا الذي نعيشه، اما آن الاوان لنغير الية التعامل مع الاخر واثبات حق وجود الاخر كمواطنين اوفياء لهم نفس الحقوق والواجبات.
نحن في الاردن، نحمد الله اننا نعيش نموذجا رائعا من الوئام والعيش المشترك، يشهد له الجميع في العالم وهو يرجع الي وعي شعبنا اولا، ولحرص دولتنا وقيادتنا الحكيمة على تثبيت تلك المبادئ ، مبادئ الوئام والمحبة والسلام والتي نادت بها جميع الديانات السماوية .
ان السنوات الاخيرة شهدت سلسلة من الاحداث التي شغلت بعض البلدان العربية وهزت استقرارها وأمنها الاجتماعي والاقتصادي ، وجرّت المنطقة الى صراعات ومصادمات اودت بحياة مواطنين ابرياء .. كما مست بحرمة دور العبادة، وكل هذا بسبب ارتفاع وتيرة خطاب الكراهية واتساع هوة الفرقة وتنامي الشحن الطائفي الذي للأسف هيأ له الاعلام مساحات واسعة وعبر شبكات التواصل الاجتماعي بسبب سرعة انتشار المحتوى، وتعدد الخلفيات الثقافية وتباينها للمستخدمين ناهيك عن مصداقية المعلومات واستهداف هذه المنابر للوصول الى الشباب تحديدا، الفئة الأكثر استخداما لهذه المواقع والأكثر تأثرا بها وايضا غياب الرقابة عن المحتوى سهل وصول المتعصبين والمتزمتين واصحاب الفكر المتطرف الى المستخدمين
لذا علينا جميعا كمواطنين ان نؤمن ايمانا قاطعا بضرورة أن يكون الخطاب العربي الاسلامي المسيحي، خطاباً جامعاً، يعظم القواسم المشتركة بين مختلف الاديان، والجميع يعملون على ان يكون الخطاب الثقافي والإعلامي والديني رافضاً للتطرّف والغلوّ والهيمنة” .
فما هو المطلوب منا كإعلاميين اذن؟
أمام هذا الواقع الثقافي الذي يعاد فيه رسم الخريطة الثقافية للمجتمعات العربية وكإعلاميين، ما هو المطلوب منا لنحافظ على الانموذج الذي نعيشه ،حتى لا تصبح ثقافتنا العربية ثقافة قطبيةً أحادية تقوم على إقصاء الآخر.
الحل او جزء منه : هو في التوجه نحو تعزيز القيم السامية، التي دعت اليها الرسالات السماوية، من خلال منظومة التعليم وهيكلة مناهجنا ،جنبا الى جنب مع الترشيد في الخطاب الثقافي والاعلامي، ومنع الخوض في القضايا الدينية الخلافية التي تنمي الصراعات المذهبية، الى جانب نبذ تطرف كل الاقطاب.
لقد جاء في الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني تأكيدا على أن تطوير المناهج أساس العملية التعليمية، ولقد دعا جلالة الملك في الورقة الى ضرورة تطوير مناهج تناسب الظروف الحالية وتفتح أفاقاً للدخول الى المستقبل والبعد عن المناكفات، وايضا “أن التنوع والاختلاف واحترام الآخر ومهارة الحوار مفاهيم مهمة تضمنتها الورقة النقاشية الملكية مع التركيز على أهمية المحافظة على الهوية الوطنية والثقافة العربية والقيم واللغة العربية.
اذن ما هو المطلوب منا؟
تحكيم لغة العقل والمنطق، وان نعزز ثقافة الحوار الايجابي البناء، وقبول الآخر، والايمان بحقوق الشعوب بأن تعيش الحرية والعدالة، والمواطنة الحقيقية في الانتماء والمساواة بين كافة ابناء الوطن الواحد بمختلف شرائحه ومعتقداته وان نعمل بأدواتنا على التقارب بين الشعوب والاديان، ونبذ التعصب بمختلف اشكاله.
اخيرا، ان الاعلام في وقتنا الحاضر يملك قضية واحدة، ولكنه يسعى نحو رؤية موحدة، فهو رغم التطور المنظور في منظومة صناعة الخبر من خامات الصور المتفرقة على ارض الواقع، الا انه مازال حتى الساعة في شوق لوحدة الرؤية العربية الجامعة.