ثماني سنوات على اختطاف الكاهن اليسوعي باولو دالوليو في سورية
نورسات الاردن
في التاسع والعشرين من تموز يوليو من العام ٢٠١٣ تعرض الكاهن اليسوعي الإيطالي باولو دالوليو لعملية اختطاف في مدينة الرقة السورية. ثماني سنوات مضت على هذا الحادث الأليم ولم يُعرف شيء مؤكد عن مصيره لغاية اليوم. وعلى الرغم من مرور تلك السنوات نُظمت هذا الخميس مبادرات عدة إحياء لهذه الذكرى الحزينة وللتأكيد على أهمية تعزيز الحوار واللقاء وارتداد القلوب، وهي قيم كان يسعى الأب دالوليو إلى تعزيزها من خلال الرسالة التي كان يقوم بها في سورية.
يقول من تعرفوا على هذا الكاهن الإيطالي إنه كرس حياته لخدمة القريب، لاسيما الشعب السوري الذي كان صديقا حقيقيا له. وكان يتمتع بالقدرة على الإصغاء، وهو موقف يسهل ويعزز اللقاء مع الآخر، والتعرف على من هم مختلفون وهذه الصفات مكّنته من حمل النور إلى أماكن كانت تسودها العتمة، وبالتحديد إلى سورية التي كانت وما تزال تعاني من الإرهاب، ومن الحقد الذي هو ثمرة تطرف لا يعرف حدودا. ومما لا شك فيه أن إحياء ذكرى الأب دالوليو اليوم – بعد ثماني سنوات على اختطافه – يعني عدم إخفاء الألم الناجم عن فقدانه وفي الوقت نفسه السعي إلى تجديد الرجاء والمثابرة على نشر الرسالة التي عمل من أجلها يوميا، في إطار خدمته للكنيسة الجامعة. كثيرةٌ هي المبادرات التي أُطلقت في الذكرى السنوية الثامنة لاختطافه ومن بينها أمسية تأمل تُنظم مساء اليوم في مدينة فيرونا، تتمحور حول العبارات التي كان يرددها الأب دالوليو والخبرة التي عاشها في دير مار موسى في سورية حيث أمضى قسطا كبيراً من حياته. حيث ان ريكاردو كريستيانو، الصحفي الخبير في الشؤون الفاتيكانية، ومؤسس جمعية الصحفيين أصدقاء الأب دالوليو، الذي سلط الضوء على قدرة هذا الكاهن على الإصغاء والتي جعلت منه قريباً من الشعب السوري وصديقاً له. استهل كريستيانو حديثه لافتا إلى أهمية أن يطّلع الشبان بنوع خاص على فكر الأب دالوليو، موضحا أن الكاهن الإيطالي كان مقتنعا بضرورة قيام “لاهوت بين الأديان” باسم إيمانه الشخصي. وقد عمل على بناء هذا اللاهوت انطلاقا من شخصية اسماعيل، ابن إبراهيم، الذي يعتبر الإسلام أن والده شاء أن يضحي به لكن هذا الأمر لم يحصل، وقد طرد من العشيرة مع والدته. وتحدث عن وجود أوجه شبه بين دموع الوالدة التي لم تجد المياه في الصحراء لابنها المحتضر، ودموع مريم عند الصليب. ولفت إلى أن الأشخاص المتروكين والمهمشين هم مختارو الله. بعدها أشار الصحفي إلى أن الأب دالوليو ولو كان موجودا اليوم بيننا لكان قد سعى جاهدا إلى نشر مفاهيم الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli Tutti، وهذه الفكرة تراوده في كل مرة يتم الحديث عن الأخوّة بين البشر. وذكّر بأن الكاهن اليسوعي بذل جهودا حثيثة من أجل هذه الأخوة. وثمة من طلبوا منه أن يسعى إلى حمل المسلمين على الارتداد إلى المسيحية في سورية وكان يقول لهؤلاء إنه لا يشعر بهذه الرغبة، بل يريد أن ترتد كل نفس بشرية إلى عمل الله. وشدد كريستيانو في هذا السياق على الحاجة الملحة إلى نظرة نبوية للحوار، في إطار اختبار جديد لعمل الروح القدس. ولفت إلى أهمية الضيافة التي هي جزء لا يتجزّأ من الثقافات الدينية في الشرق الأوسط، ومن الأخوة التي يسعى إليها البابا فرنسيس. هذا ثم توقف كريستيانو عند ما كتبه الأب دالوليو بشأن العولمة، مؤكدا أنها أضرت جداً بالسوريين المسلمين والمسيحيين على حد سواء. ولفت – على سبيل المثال – إلى أن النساء المسيحيات في سورية شاهدن في التلفاز المسيحيات في الغرب اللواتي يرتدين أزياء مختلفة. وهكذا بدّلن أنماط حياتهن، ما أدى إلى فقدان الخصوصيات وفي نهاية المطاف ولّد صداماً داخل المجتمع عوضا عن تعزيز الثقافة الواحدة المشتركة. وهذه المواقف التي لم يتردد في التعبير عنها جلعت من الكاهن اليسوعي صديقاً للشعب السوري كله. رداً على سؤال حول التغيّرات التي شهدتها سورية على مدى السنوات الثماني الماضية لفت الصحفي الإيطالي إلى موت وفقدان الآلاف من الأشخاص، والذين لم يُعرف عنهم شيء لغاية اليوم، شأن الأب دالوليو. وقال: لقد حصلت أمور مرعبة في سورية، كاستخدام السلاح الكيميائي والقصف وانتهاك حقوق الإنسان. وختم حديثه لموقعنا الإلكتروني مؤكدا أنه على الرغم من كل ما جرى سقط جدار الخوف في سورية. |
Comments are closed.