صلوات صوم السيدة العذراء
نورسات الاردن
كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك
لوس أنجلـوس- كاليفورنيـا
جمعية جنود مريم-فرقة سلطانة الملائكة
صلوات صوم السيدة العذراء
من 31يوليو حتى 15 اغسطس 2021
أو من يوم 7 اغسطس حتى 22 اغسطس 2021
اعداد وتجميع
الشماس نبيل حليم يعقوب
تقديم
من اجل بنيان بعضنا البعض وتعميق الوحدة في المسيح يسوع يرجى المشاركة قي صلوات هذا الصوم المبارك وذلك لاستمطار مراحم الله بشفاعة أمنا القديسة مريم. صلواتنا نقدمها الي الله مع مريم أمنا باب السماء، الملكة والأم الحنونة سيدتنا مريم العذراء، ونحن نتأمَّل في انتقالها المجيد إلى السماء بالنفس والجسد، فنعرف عظمة اختيار الهنا القدير لها فنقّدم لله شكرنا العميق على ما يغمرنا به من نِعم وسعادة لا توصف، إذ بحّبها قد جذبتِ قلوبنا الي اللهِ ورفعتها الى ابنها الحبيب. فنلتمس منكِ يا الهنا الصالح بشفاعة أمنا مريم ان تتعهد قلوبنا وتحميها من الزلل ومن كل شر ومن كل خطيئة لتكون حقا هياكل للروح القدس، ولنثبُت في محبتكِ لنكمل رسالتنا حسب مشيئتك تعالى وزدنا تقوى وورع وغيرة رسولية لننمو في كل فضيلة ونمجدك فيكون لنا الخلاص والحياة الجديدة معك. آمين. نطلب من الرب أن تكون هذه الصلوات سبب بركة روحيـة للجميع وأن تساعد أبناء الكنيسة الكاثوليكيـة على التعمق في فهم معنى انتقال القديسة مريم أم يسوع ولننموا جميعا في الإيـمان ونأتي بالثـمار الـمرجوة ببـركة الرب وشفاعة أمنا مريم العذراء.
لوس انجلوس في يونيو 2021
الشماس نبيل حليم يعقوب
اليوم الأول:
مهما كانت مشاعرنا نحو القديسة العذراء مريم فلن تكون ابداً بقدر عظمتها واستحقاقاتها فإن تلك العظمة ستكون دائما أكثر من اية أفكار او آراء نعرفها او نعلنها عنها. حتى نتكلم عن مريم يجب ان يكون لدينا معنى وفهم حقيقي لكل ما يثير التعجب من نِعم وكمال وقوة ومجد. انها مريم التي ولدت يسوع الذي هو المسيّا المنتظر “مرْيَمَ الَّتِي وُلِدَ مِنْهَا يَسُوعُ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ.“(متى16:1). ان الإنجيل المقدس الذي يعلن لنا هذه الحقيقة لا يقضى وقتا لكي ينشد تسبيحات في هذا الشأن ففي تلك الكلمات القليلة فقط أساس كاف لأي تسبيح يمكن ان يكون لتقديم المديح والتسبيح لمريم. ان كرامة العذراء مريم كأم الله يعني لا شيئ أكثر من انه نوع من التأكيد على حقيقة انها أصبحت أما لابن العلي “هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ”(لوقا32:1)، وان نتيجة لتلك الأمومة الإلهية انه قد أُحضرت لأعظم مجد محتمل لذلك صرخت اليصابات وهي ممتلئة من الروح القدس قائلة:”«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟!“(لوقا42:1-43).
ان تلك المكانة خلقت عهد خاص ما بين مريم والله وفي ذلك العهد أصبحت مريم ابنة الأب وام للإبن وعروس للروح القدس بطريقة غير عادية صالحة لهاِ فقط «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.“(لوقا35:1). في فضيلة لذلك العهد أصبحت مريم في الحقيقة سلطانة العالم والسماء. عند القول بأن يسوع قد وُلد من مريم هو بمثابة القول انه لا يوجد احد أعلى ولا أعظم من الله ذاته فهو اله مريم التي ولدت يسوع ابن الله الكلمة المتجسدة. ان عظمة مريم مأخوذة من عظمة ابنها يسوع لأن عظمته ضرورية لكي تظهر عظمة مريم فمن امتياز وعظمة الإبن قد يمكن ان تُعرف الأم. ان امتياز مريم كونها أم يسوع هو الأساس لكل النِعم التي سُرّ الله ان ينعم بها عليها “ أَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ”(لوقا49:1). أيضا كون مريم هي ام ليسوع قد أعطاها الله كنوز من النعم وان بعض القوانين العامة ومنها عقاب الخطيئة الأصلية لم تطبق على والدة الله لكونها أعطت البشرية مخلص العالم كقول الملاك ليوسف:”أَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ (متى21:1).
صلاة: يا قديسة مريم، عندما أخذ في عبن الاعتبار مقدار عظمتك ومكانتك اشعر بالخوف
المقدس من تقصيري في تقديم التسبيح والشكر لكِ والي الله فساعديني يا أمي ان اعرف بحق من تكون من اختارها الله لتكون اما لأبنه الوحيد فاكرمك في كلامي وافعالي ليتمجد ابنك الي الأبد. آمين.
نافذة: يا مريم أم يسوع ساعديني كي اعرف عظمة ابنك ِ
يتلى بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الثاني – مشابهة مريم لإبنها يسوع
عندما نتأمل في مريم العذراء القديسة في ميلادها وحياتها وموتها ومجدها السماوي يمكننا ان نجد تشابه ما بينها وبين يسوع تجعلنا نتعجب. فالقديسة مريم كانت في اتحاد مع ابنها بإعلان
سماوي ابدي«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ”، هكذا تقول الحكمة الأزلية عن نفسها في الكتاب المقدس: مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ، مُنْذُ الْبَدْءِ، مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ.“ مَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا”(امثال22:8-23 و27-28). ان هذه الآيات تتكلم بالطبع عن يسوع ولكن يمكن كما يقول احد الآباء تطبيقها على أم يسوع. كم من الوعود والنبؤات والرموز والشخصيات التي جاءت في العهد القديم تشير للعذراء التي منها سيأتي يسوع المخلّص. ان يسوع كان بلا خطيئة ولهذا فلقد وهب أمه نعمة التحرر من الخطيئة الأصلية فلا يعقل ان القدوس يسكن في رحم غير مقدس. ان كلمة الله عندما كان في رحم البتول لمدة تسعة أشهر وعند طفولته غذّته العذراء من دمها ولبنها. وفي أثناء حياة يسوع الغير علنية عاش معها لمدة ثلاثون عاما في نفس البيت ونفس الحالات ونفس نمط الحياة ونفس التردد على المجمع للصلاة ونفس الزيارات لأورشليم في عيد الفصح والمصاحبة في الصلاة العائلية. وعند بدء خدمة يسوع العلنية شاركت مريم ابنها في معاناته من الرفض والتشكيك. لقد صاحبت مريم يسوع في رحلته المسيانية حتى اقدام الصليب وما بعد القيامة فتشارك جماعة الرسل والكنيسة الأولى في الصلاة والرعاية. لقد جعل يسوع امه مريم تصاحبه في رحلته منذ التجسد حتى القيامة وحلول الروح القدس. لقد طابقت مريم معياران هامان، فهي اول من سمعت كلمة الله وحفظتها، وكما كتب القديس البابا يوحنا بولس الثاني قائلا:” ان مريم هي اول من دعاها الله وأول تلميذه ليسوع حتى قبل ان يبدأ يسوع في دعوة تلاميذه الإثنا عشر قائلا لكل منهم “اتبعني”(يوحنا43:1). عند البشارة تسمع كلمة الله عن طريق الملاك وتجيبه ب”نعم” ووصفت نفسها بأنها خادمة للرب وبفرح سلّمت نفسها لخطة الله من أجلها:” فليكن لي بحسب قولك”(لوقا38:1).
أكثر من هذا استمرت مريم “تسمع” و “تحفظ” كلمة الله من خلال كل حياتها فنحن نرى طاعة مريم لكلمة الله في الزيارة بطريقتان: أولهما تسمع رسالة الملاك عن حبل اليصابات الإعجازي وتؤمن بذلك وتذهب مسرعة لزيارتها (لوقا36:1 و39)، وثانيا سبحت اليصابات مريم خاصة كواحدة “مباركة” لأنها آمنت “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1). هكذا في انجيل لوقا فلقد عُدت مريم ضمن “المباركين” لأنها سمعت وحفظت كلمة الله.
ونحن نرى أيضا طاعة مريم لكلمة الله في تسمية الطفل حسب كلام الملاك (لوقا21:2)، واكثر من هذا فعند ظهور الملائكة للرعاة وحضورهم للمغارة وسردهم لكل ما قيل او أعلن ذُكر “وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلاَمِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا19:2)وعند فقد يسوع في الهيكل ووجوده بين العلماء فلقد جاء:” وَكَانَتْ أُمُّهُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذِهِ الأُمُورِ فِي قَلْبِهَا”(لوقا51:2).
لقد استمرت مريم في إيمانها حتى بدء خدمة يسوع العلنية وفي قانا الجليل أمرت الخدام ان يصغوا لكلمة ابنها ويطيعوها “مهما قال لكم فأفعلوه” (يوحنا5:2) واحتفظت طوال مسيرة حياتها في طاعة كلمة الله والعمل بها حتى النهاية ووقفت عند صليب ابنها في لحظات موته وفي النهاية ذهبت مع يوحنا الحبيب الى بيته حسب أمر إبنها وأيضا بعد القيامة ذهبت الى الجليل مع باقي الرسل حسب طلب يسوع (متى 16:28) وبقيت مع الرسل فى أورشليم عند حلول الروح القدس فى الخماسين (أعمال 14:1).
ان كان من يحفظ الشريعة ووصايا الله قد طُوّب كما جاء فى سفر الأمثال: “الذي يحفظ الشريعة طوبى له”(امثال18:29)،”طوبى لمن يحفظ اقوال الكتاب”(رؤيا7:22)، فكم تكون مريم التى حافظت على تطبيق الشريعة (لوقا22:2و41) وكانت “تحفظ ذلك الكلام كله فى قلبها”(لوقا51:2)؟
لقد شابهت مريم ابنها في تنفيذ مشيئة الأب السماوي فاستحقت التطويب والمجد المعد لكل من يؤمن ويتمم مشيئة الله. ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها،وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب وجاء سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا :” وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا”(رؤيا1:12)، هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح.
صلاة: اشكرك أيها الرب يسوع لأنك وهبتنا أما هذا هو مجدها وكرامتها ان تكون مشابهة لك في تنفيذ مشيئة السماء فأجعلنا يارب نستحق ان نكون أبناء لها واخوة لك. آمين.
نافذة: يا مريم أمي وسلطانتي قوديني لإبنك يسوع.ِ
يتلى بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الثالث: مجد مريم في السماء
القديسة مريم العذراء والملكة تملك الآن في السماء فوق الملائكة والآباء والأنبياء والرسل. مريـم هـى أم الـملك والسلطـانـة لأن يسوع إبنهـا هو الـملك والسلطان الذي تسجد له جميع ملائكة الله (عبرانيين6:1). ومريـم العذراء إرتفعت بالطبيعة البشريـة الى حالة من الـمجد تأهلت أن يتخذ منها ابن الله جسداً لـه. من أجل هذا يرفع التقليد الكنسي كرامـة العذراء فوق الـملائكة وكل الرئاسات الملائكية ويطلق على مريم “سلطانـة الملائكة”، فالـملائكة بالرغم من كونهم أرواحاً ناريـة إلاّ انهم لم يـبلغوا من اللياقـة ما يؤهلهم لقبول طبيعة الله الناريـة، أما مريم الفتاة الـمباركة فقد احتوت فى لحمها ودمها طبيعة الله الناريـة تلك التى ترتعب منها الـملائكة وبذلك استحقت هذه الـمكانـة بأن تكون “سلطانة الـملائكة”.
وأيضا هي اعلى مكانة من الآباء فالآباء البطاركة إبراهيم واسحق ويعقوب الذين كان اخلاصهم عظيم فلقد فاقتهم مريم في اخلاصها وايمانها، والله هو “إلـه ابراهيم وإله اسحق وإلـه يعقوب”(خروج6:3)، ومكانـة مريم العذراء كسلطانة وكـملكة تعلوا مكانـة الآبـاء لأنهـا هـى التى ولدت “ابن الله”(لوقا35:1). فمريـم فاقت إيـمان ابراهيم وعظمة داود وحكمة يوسف، فلقد مارست طوال حياتها الإيـمان والصبر والحكمة وكل أنواع الفضائل فاستحقت ان تلقب بـ”سلطانة الآبـاء”.
وايضا في اللاهوت الكنسي ترتفع العذراء مريم فى درجة قربها من الله وبالتالي قداستها وشفاعتها أكثر من جميع الأنبياء لأن سر العذراء أعلى من موهبة النبوة، فالأنبياء قبلوا الروح القدس فى الذهن والفم لينطقوا بكلام الله الى فترة زمنية محددة، أما العذراء مريم فقد قبلت الروح القدس ليتحد بكل كيانها حتى يستطيع كلمة الله أن يأخذ من لحمها ودمها جسداً له. ولقد أرسل اللـه الأنبياء فـى القديـم للشعب العِبـرانـي ليعلنوا مشيئـته ويخبروا الشعب عن الـمسيح الآتـي لخلاص العالـم، ومريـم هي التي حققت جميع تلك النبوات وولدت مخلص العالـم.
والعذراء أعلى من الأنبياء لأنهـا أولا نبيّة وأتت بنبوة أعلى مما أتـى به الأنبياء فلقد نطقت مريم بعظائم الله “فقالت مريم تعظم نفسي الرب وتبتهج روحـي بالله مخلّصي لأنـه نظر الى تواضع آمتـه فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنـى لأن القديـر صنع بـي عظائـم وإسمه قدوس” (لوقا46:1). ولقد تحققت بالفعل تلك النبوة وكل الأجيال تطوب مريم العذراء وتكرّمهـا. إذن فنحن أمام نبوة فائقة تلقى ضوءا باهرا على شخصية العذراء وتضعها فى مستوى أعلى من كل ما عداهـا من الأنبيـاء وكل بشر.
ومريم هي ايضا أعلى مكانة من الرسل، فالرسل هـم الإثنـا عشر تلميذا الذين اختارهم الرب يسوع
الـمسيح ليعاينوا حوادث حياتـه على الأرض ويشهدوا لـه أمـام العالـم بعد حلول الروح القدس عليهم، ومريـم أم يسوع أي أم الـمعلّم والرب والقدوس فمكانتهـا تعلوا مكانـة الرسل لكونـهـا أم الله ونجد فـى كتاب الرؤيـا شاهداً لـمكانـة مريـم العظيـمة: ” وظهرت فـى السماء آيـة عظيـمة امرأة ملتحفـة بالشمس وتحت قدميهـا القمر وعلى رأسهـا إكليل من اثنـى عشر كوكباً”(رؤ1:12) وأجمع اللاهوتيون أن هذه الـمرأة هـى مريـم التى أشرق منها شمس البِر، فالشمس الـمتسربلة بها هو ربنا يسوع المسيح، والقـمر الذى تحت رجليهـا هو يوحنا المعمدان أمـا الكواكب الإثنا عشر التى على رأسهـا فهم رمز للإثنـى عشر رسولاً محيطين بهـا يكرمونهـا. وهـى أيضـا سلطانة الرسل لأنهـا قد رافقتهـم فى حمل الرسالة الخلاصيـة للعالـم حتى بعد موتهـا وإنتقالهـا وجلوسها عن يمين إبنهـا الإلهـى فهى تواصل عملها الرسولي بنشر رسالة ابنهـا الإلهـي فـى جميع ظهوراتهـا فـي العالـم.
صلاة: يا قديسة مريم، أنتِ بعد يسوع رجائي وحياتي فاحصلي لي ثباتا في محبتي ليسوع وخدمتي له على الدوام الي ان أحيا معكما في السماء الي الأبد. آمين.
نافذة: يا مريم الملكة أملكي على كل حياتي.ِ
يتلى بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الرابع: من يمكنه ان يحصل على مثل هذا المجد
“كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مَا لَمْ تَرَ عَيْنٌ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِ إِنْسَانٍ: مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَه”(1كورنثوس9:2)، فكيف يمكننا ان نتفهم ما الذي قد أعدّه الله للقديسة مريم التي أحبته أكثر من كل القديسين جميعا؟ ان المجد الذي تتمتع به القديسة مريم نسبياً ليس فقط لمكانتها ولكن أيضا لما تستحقه، ولكي نحكم كيف يكون مجد مريم علينا ان نعرف من تكون ام الله تلك التي ولدت مخلّص العالم. ولكن اذا كان مجد القديسين يقاس باستحقاقاتهم وفضائلهم فعلينا اذا ان نقدر مكانة تلك التي قدمت حياتها كلها لخدمة رب الخليقة كلها. ان ملك مريم لا يعني أن يُعجب به فقط من بعيد، فإيمانها وخدمتها للرب يجب ان يُحتذى به من كل مؤمن فهي أم لنا ومثال لنا.
ان العهد الجديد يعلمنا ان كل مسيحي مؤمن بالمسيح سيشترك في ملكه، فلقد قال يسوع لرسله
هذا الوعد:” فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي، فِي التَّجْدِيدِ، مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ. وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ. وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ”(متى28:19-30)، وبالمثل وعد تلاميذه الذين سيبقوا معه في تجاربه سيحكمون إسرائيل الجديدة:” أَنْتُمُ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعِي فِي تَجَارِبِي، وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا، لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي، وَتَجْلِسُوا عَلَى كَرَاسِيَّ تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ»(لوقا28:22-30).والقديس بولس عكس ذلك التعليم مشيرا لتلميذه تيموثاوس قائلا:” صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا”(2تيموثاوس11:2-12). في سفر الرؤيا لن تكون مريم الشخص الوحيد الذي يُعطى له الأكليل، فصور الأكليل ترجع للمشاركة في ملكوت المسيح والذي أعطي لكل القديسين كثواب او جائزة لثباتهم في الإيمان للنهاية من خلال التجارب والضيقات والإضطهادات:” كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ” (رؤيا10:2)، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إِكْلِيلَكَ”(رؤيا11:3)، “وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ”(رؤيا4:4)، “فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ”(رؤيا2:6) و “ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ”(رؤيا14:14).وحيث ان العهد الجديد قد بيّن لنا ان مريم العذراء هي مثال وأنموذج لتلميذ ليسوع ومن يسمع لكلمة الله ويحفظها ويعمل بها:” فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ»(لوقا38:1)، “فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ»(لوقا45:1)، “فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا»(لوقا21:8) و”أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ»(لوقا28:11)، وأيضا لشخص ظلّ امينا طوال حياتها:” هؤُلاَءِ كُلُّهُمْ كَانُوا يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ وَالطِّلْبَةِ، مَعَ النِّسَاءِ، وَمَرْيَمَ أُمِّ يَسُوعَ، وَمَعَ إِخْوَتِهِ(اعمال14:1) وحتى ثابتة معه حتى موته على الصليب (يوحنا25:19-27). ان سفر الرؤيا يعكس تماما ان مجدها الملكي ومشاركتها في ملك المسيح ومتوجة بأكليل على رأسها من اثنا عشر كوكبا هو تحقيق لكل الوعود التي اعلنها السيد المسيح.
صلاة: يا سلطانة السموات والأرض مريم ساعديني كي انشد مع الملائكة والقديسين تسبحتك أنشودة التعظيم لربي يسوع. آمين.
نافذة: يا مريم يا أم النور نوّري قلبي وروحي وجسدي.ِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الخامس: حب القديسة مريم
ان تقدير الله نحو أي بشر هو المقياس الوحيد الذي نملكه حتى يمكن تقييمه بشكل صحيح فمن يحبه الله يجب علينا نحن ان نحبه ايضاً. لكي نتفهم ما الذي يجب ان نفكر فيه عن القديسة مريم وكمية الحب نحوها يلزم ان نعرف تقدير الله لها وبرهان حبه الذي أعطاه لها:” هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ” ويقول الروح القدس “وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ. رَأَتْهَا الْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا. مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ، جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟”(نشيد الاناشيد8:6-10). ان الزوجة المحبوبة بهذه الطريقة الغير طبيعية من الله يجب ان تملك بعد الله قلوبنا ومشاعرنا. ان حب الله لمريم واضح فدعاها ملاك الرب قائلا: “ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ” (لوقا30:1)، ولقد قاده ليهبها كل امتياز ونعمة حتى ان رئيس الملائكة جبرائيل حياها أيضا قائلا: ” سلام لكِ ايتها الممتلئة نعمة”، لذلك فحبنا للقديسة مريم ينبغي ان يضعها في مكانة فوق أي شيئ آخر بعد حبنا الي الله تعالى. ان الله قد أحب مريم حباً عجيبا حتى انه قد وضعها في المتكأ الأول في السماء وعلى الأرض لم يحظ به أي مخلوق آخر ولذا فحبنا وإكرامنا لتلك التي أعطاها الله تلك المكانة واجبة علينا.
ان القديسة مريم العذراء هي الإنسانة الوحيدة التي أنتظر الله آلاف السنين حتى وجدها ورآها مستحقة لهذا الشرف العظيم “التجسد الإلهي”، ذاك الشرف الذي شرحه الملاك جبرائيل بقوله:
“الروح القدس يحل عليكِ وقوة العلىّ تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعى أبن الله” (لو35:1). لهذا قال عنها الكتاب المقدس “بنات كثيرات عملن فضلاً أما أنت ففقتِ عليهن جميعاً ” (أمثال9:31). هذه العذراء القديسة كانت في فكر الله وفى تدبيره منذ البدء ففي الخلاص الذي وعد به آدم وحواء قال لهما ” أن نسل المرأة يسحق رأس الحية “(تك15:3). هذه المرأة هي العذراء ونسلها هو المسيح الذي سحق رأس الحية على الصليب. أن الـمـجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني يحث المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريما خاصاً، موضحا طبيعة هذا التكريم وأساسه والاختلاف الجوهري بين هـذا التكريم وعبادة الله، ويوضح ان إكرام أم الله موجه إلى المسيح موضوع الإيمان المسيحي، بمعنى أن مختلف صيغ التكريم للعذراء يجعل الابن يُعرف ويُحب ويُمجد.
ان حبنا للقديسة مريم تلك التي ترقب احتياجاتنا ومعاناتنا وتعرف من هم الأبناء يقودنا حتماً للسيد الـمسيح، فكلمات مريم العذراء في عرس قانا الجليل للخدام “مهما يأمركم به فإفعلوه”(يوحنا 5:2) ما زال قائماً. في كل الـممارسات التقوية نجد ان هدفها هو تمجيد السيد المسيح؟، ومريم العذراء فى جميع ظهوراتها تكرر هذا الرجاء “مهما قال لكم إفعلوه” فهي تحرص على أن تقود ابناءها نحو الـمسيح. ان كل تمجيد او إكرام مقدم ما هو إلاّ أصداء لما كان يردده شعب اسرائيل فى القديم عند قبولهم لعهد الله على جبل سيناء: “جميع ما تكلّم به الرب نعمل به..ونأتمر به”(خروج3:24و7)، وجددوه ايام يشوع (يشوع24:24)، وعزرا (عزرا12:10) ونحميا (12:5)،وهى أيضاً تلبيـة لأمر الله القائل: “هذا هو إبني الحبيب فله إسمعوا”(متى5:17).
صلاة: اشكر الرب على جميع بركاته التي وهبها لي واشكره على جعل مريم أمه أماً لي انا أيضا ولذا اطلب منك يا الهي بشفاعة أمي مريم ان تجعلني أهلاً لتقديم الإكرام اللائق لها وأن أنشر حبها لكل من يتوق لحب الأم الالهية. آمين.
نافذة: يا مريم هيكل الله المقدس علّمينا أن نقدس اجسادنا كهيكل للروح القدسِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم السادس: شفاعة مريم
ان القديسة مريم هي الإبنة المحبوبة من الله الأب السماوي وأم الإبن الوحيد وعروس الروح القدس وحتى نتفهم معنى تلك الكلمات سوف يصبح لدينا بعض المعرفة عن مكانة مريم. كإبنة بلا عيب للأب السماوي فهي أكثر كمالا من المخلوقات جميعها وقربها من قلب اباها السماوي غير محدودة. لقد أعطيت الآن في السماء مكانة وسلطان فوق كل الملائكة والآباء والأنبياء. وكأم حقيقية للإبن الكلمة المتجسدة والذي كان خاضعا لها فهل لا يقبل الآن صلاتها وشفاعتها من اجلنا؟ ان سليمان الحكيم قال لأمه بتشبع في القديم:” «اسْأَلِي يَا أُمِّي، لأَنِّي لاَ أَرُدُّكِ”(1ملوك20:2)، فعندما تصلي مريم لأجلنا ستتقبل نفس الإجابة لأنها أعظم من بتشبع.
في اللاهوت الكنسي ترتفع العذراء مريم فى درجة قربها من الله وبالتالي قداستها وشفاعتها أكثر من جميع الأنبياء لأن سر العذراء أعلى من موهبة النبوة، فالأنبياء قبلوا الروح القدس فى الذهن والفم لينطقوا بكلام الله الى فترة زمنية محددة، أما العذراء مريم فقد قبلت الروح القدس ليتحد بكل كيانها حتى يستطيع كلمة الله أن يأخذ من لحمها ودمها جسداً له.
إن وساطة المسيح لا تحول دون إقامة وسطاء آخرين بين الله والناس يتعاونون معاونة خدمية فى إتحاد البشر بالله. انهم يهيئون لقبول الخلاص كما هيأ المعمدان الشعب لإقتبال المخلص ولنا أمثلة عديدة من الكتاب المقدس فقد اختار الله ابراهيم واسطة تتبارك به جميع الشعوب، واختار موسى ليؤسس عهداً بين الله وشعبه، واختار الملوك والكهنة والأنبياء مسؤولين عن الشعب وحاملي مشعل العهد، اختارهم لا ليكونوا حاجزاً وفاصلاً بين الله والبشر بل ليكونوا امتداداً منظوراً لعمل الله فى العالم.
والـمسيح يسوع هو الوسيط الـمخلّص (1تيموثاوس 5:2) ، (أع12:4)، (عبرانيين 25:7) وبعد قيامته وصعوده جعل الكنيسة امتداداً لوساطته مع البشر فأعطى الرسل وخلفاؤهم مسؤولية نشر الكلمة والسلطان على العماد والإفخارستيا وغفران الخطايا، ولا شك انهم لا يزيدون شيئاً على وساطة المسيح ولكن المسيح يصل بواسطتهم الى جميع البشر.
وأما القديسون الذين هم أعضاء جسد الـمسيح السري الـمـمجدون والذى يتمتعون بالمجد معه “وبعد ذلك رأيت فاذا بجمع كثير لا يستطيع أحد أن يُحصيه من كل أمّة وقبيلة وشعب ولسان واقفون أمام العرش وأمام الحَمل لابسين حُللاً بيضاً وبأيديهم سعف نخل وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللحَمل وكان جميع الملائكة وقوفاً حول العرش وحول الشيوخ والحيوانات الأربعة” (رؤيا 9:7-11).
فهم أحياء وليسوا أمواتـاً ” أنا إله ابراهيم وإله اسحق وإله يعقوب والله ليس إله أموات وإنما هو إله أحياء”(متى32:22).
“أدع لعلّ لك من يجيب وأنظر إلـى أيّ القديسين تلتفت”(أي 1:5) كما قال أليفاز التيمانى لأيوب.
فهم يحملون صلواتنا ويطلبون من الله من أجلنا ولهذا فنحن نصلي معهم ونطلب شفاعتهم.
هـم وسطاء لا يستطيعون استمداد شيئ لنا إلا إستناداً على إستحقاقات المسيح، ولذا فوساطتهم انما هي وساطة توسل والتماس ولا حظوة لها في عين الله إلا إذا تمت بإسم المسيح.
فقول الرسول بولس الى تلميذه تيموثاوس ان ” الوسيط بين الله والناس واحد الإنسان يسوع المسيح” (1تيمو5:2) لا ينفى شفاعة القديسين، لأن الرسول يقصد فى كلامه ان المسيح وحده هو الشفيع والوسيط فى الخطيئة الأصلية، وهو وحده الذى خلّص الجنس البشري “الذى بذل نفسه فداءاً عن الجميع”.
وعندما تصرّح الكنيسة وتؤمن بشفاعة القديسين وعلى رأسهـم الدائمة البتولية سيدتنا مريم العذراء فهذا لايعني اننا نؤمن بوسيط أو شفيع آخر فـى الخطيئة الأولى التى سقط فيها الإنسان سوى يسوع المسيح، وإنمـا نجعل سيدتنا مريم العذراء والملائكة وسائر القديسين وسطاء وشفعاء بأمورنا الجسدية وبالخطيئة التى نرتكبها نحن وليس بالخطيئة التى سرت إلينا من الإنسان الأول.
فوساطة مريم العذراء ليست وساطة خلاصية بل هى وساطة تمثلية كما أعلن الوحي على لسان بولس الرسول:”إقتدوا بـي كما أقتدي أنا بالمسيح” (1كورنثوس 1:11)، فنحن عندما نصلي لها أو الى أي من القديسين فإنـما نصلى معها الى الله وحده. فمريم تشترك معنا فى شركة الصلاة”إذا اجتمع اثنين معاً للصلاة”(متى 19:18)
فهى لا تحجب صلاتنا الى الله او تقف حائلاً بيننا وبينه بل هى تشترك معنا فى الصلاة الى الله. فشفاعـة العذراء هي مدخل للمقابلة مع المسيح. فحينما تشفع فينا العذراء من أجل معونة أو شفاء أو توبة، انـما تدخلنا فى مـجال علاقتها بالمسيح فالعذراء تهبنا كل إمـكانياتها الموهوبة لها
لنتقدم بها الى المسيح.
صلاة: يا قديسة مريم انه لم يُذكر ان احد قد التجأ اليكِ وطلب شفاعتكِ ورُد خائباً لذلك اطلب منك يا أماه ان تصلي معي وترفعي صلاتي الي ابنك الحبيب وليتمجد دائما في كل زمان ومكان. آمين.
نافذة: يا مريم البتول ساعديني أن أحيا في طهارة.ِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم السابع: الشفيعة المؤتمنة
أن إعلان ان مريم العذراء هى الشفيعة للمؤمنين يرجع تاريخه الى القرون الأولى للمسيحية وجاء ان وساطتها إما (1) لأنها أم الله المملؤة نعمة فهي تحتل مكان وسيط ما بين الله ومخلوقاته،(2) او لأنها مع المسيح وبعده مباشرة تعاونت فى مصالحة الله مع البشر عندما كانت على الأرض، او (3) لأنها موزعة للنعم التى يهبها الله لعبيده المخلصين. لأي سبب من الأسباب السالفة الذكر يلزم ان يكون المفهوم ان وساطة مريم انما هي ثانوية وتعتمد أساساً على وساطة المسيح الأساسية فيعتبرها البعض (امين الخزانة) أو المتصرف للنعم السماوية. ولابد ان نفهم جيدا انها ليست هى المعطية للموهبة او النعمة السماوية وان دورها فقط هو طريقة الإنتقال. وعندما ندعوها كأم تعرف من هم البنين وحاجاتهم فهى تقدم لنا المعونة بالصلاة معنا امام الله.
ان المجمع التريدنتيني (1545-1563) أعلن فى جلسته رقم 25 والتى كانت فى 4 ديسمبر 1563:”ان القديسين الـمالكين مع السيد المسيح يقدمون صلواتهم لأجل البشر وانه حميد ومفيد ان نطلب صلواتهم بخشوع ونلتجئ الى عونهم ومساعدتهم لنوال عطايا الله ونعمه بواسطة ابنه سيدنا يسوع المسيح الذى هو وحده مخلصنا وفادينا”.
ولقد أعلن البابا بيوس الثالث عشر سنة 1891 ان كل النعم والبركات انما تأتي لنا من الله عن طريق مريم، وقد تبعه بعد ذلك فى نفس الإيمان ما تبعه من الباباوات.
فشفاعة مريم ترتكز أيضا على كونها اشتركت مع ابنها فى المجد السماوي بإنتقالها بالجسد والنفس الى السماء، فإذا كان القديسون الذى يملكون ويحيون مع المسيح كما جاء فى سفر الرؤيا (رؤيا4:20-6)،وتتفاوت درجات مجدهم حسب ما جاء فى رسالة بولس:”ومن الأجساد اجساد سماوية وأجساد أرضية ولكن مجد السماويات نوع ومجد الأرضيات نوع آخر، ومجد الشمس نوع ومـجد القمر نوع آخر ومـجد النجوم نوع آخر لأن نجماً يمتاز عن نجم فى المجد، هكذا قيامة الأموات”(1كورنثوس 40:15-42)، فكم بالحري مجد مريم تلك التى وصفها سفر الرؤيا:”وظهرت آية عظيمة فى السماء إمراءة ملتحفة بالشمس وعلى رأسها إثني عشر كوكباً”(رؤيا12:1).
وهؤلاء القديسين يتشفعون لأجل الأحياء (2مكابين 12:15-14) فكم بالحري مريم العذراء إذ انها حية فى المجد السماوي ولأنها انتقلت للحياة حيث تقف كملكة الى يمين ابنها حسب ما جاء فى مزمور 44 الذى ترى فيه الكنيسة وصفاً لمريم العذراء “قامت الملكة عن يمينك” فشفاعتها تستمدها من وجودها الى جانب ابنها الإلهي.
إن الله قريب منا وقد صار جسداً فحل فينا وسكن بيننا ولكنه أراد بغنى رحمته ومراحمه أن يجعل البشر شركاءه فى عمل الخلاص وامتداداً لوساطته فى العالم فإن نحن أنكرنا هذه الحقيقة جعلنا من ملكوت الله ومن شركة القديسين أي المؤمنين مجموعة من الأفراد المنعزلين الذين لا رابط بينهم ولاعلاقة. وإن نحن تساءلنا عن مدى وساطة الإنسان فى خلاص الإنسان نجيب ان الله وحده يعرف هذا المقدار.
أنه بصلاة مريم مع الكنيسة فى العلية، أعطى لمريم وهى عضو فى الكنيسة دوراً بارزاً نحو المؤمنين فهى أم الكنيسة.
صلاة: يا قديسة مريم، أنتِ مدينة الله وكل التسبيح المقدم لكِ من المؤمنين انت تستحقينه” قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ”(مزمور3:87)، “ «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ مِنْ إِلهِكِ فِي كُلِّ خِيَامِ يَعْقُوبَ، وَفِي كُلِّ أُمَّةٍ يُسْمَعُ فِيهَا بِاسْمِكِ يُعَظَّمُ لأَجْلِكِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ».(يهوديت31:13).آمين.
.نافذة: يا مريم الممتلئة نعمة صلّي لأجلي.ِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الثامن: مريم ملجأ الخطأة
نلتجئ لـمريم لأنهـا أم مثلنـا وعليه فنحن نشعر بجاذبية خاصة نحوها لتشفع لنا عند ابنها الإلهـي.
ففى الواقع لا يتجاسر الخاطئ فى كثير من الظروف أن يذهب رأساً إلـى يسوع لطلب الرحمة، وذلك لأنـه يعلم كل العِلم إن يسوع هو إلهـه وخالقـه، الرب العظيم الذى أهانـه وأغضبـه وداس
وصايـاه، ولكنـه لا يخشى التقرب إلـى والدة يسوع ويطلب شفاعتهـا، لأنهـا ليست إلهه وخالقه، وليست ربـه وديـّانـه، إنـما هـى أم حنون ترثـى لشقاء إبنهـا الضال الخاطئ، فتقوده إلـى إبنهـا
الإلهـى، طالبـة العفو والغفران.
ويوجد فى التقليد الكنسي صلوات وتضرعات لـمريم العذراء يرجع تاريخها للقرن الثالث الـميلادي ومرفوعة لـمريم طالبة حمايتها وشفاعتها للإنقاذ من كل خطر. وطوال تاريخ الـمسيحية حتى يومنا هذا تمتلئ الكنيسة بالـمدائح والتضرعات والتسابيح والترانيم لـمريم العذراء لتشترك معنا فى
شركة الصلاة إلى الله.
صلاة: يا والدة الإله أنت هي الكرمة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة، نسألك أيتها المملوءة نعمة، مع الرسل، من أجل خلاص نفوسنا. مبارك الرب إلهنا. مبارك الرب يوما فيوما، يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنا (كي نين، كي آ إي، كي ايستوس إي أوناس تون إي أونون آمين Ke nun ke `a`i ke ic touc `e`wnac twn `e`wnwn `amyn – الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين) .
نافذة: يا قديسة مريم يا أم ربي صلي لأجلناِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم التاسع: أم الكنيسة
إن يسوع بوعده لنا ” لن أترككم يتامى” (يوحنا28:18 ) فأرسل لنا روحه الـمعزي بعد قيامته وصعوده للسماوات. وأعطى الـمجد أن يحل الروح القدس على الكنيسة بوجود العذراء(اعمال14:1), فولدت الكنيسة فى ذلك اليوم وصارت العذراء أمــاً للكنيسـة(أعمال4:2).
فالعذراء مريم كانت موجودة فى البشارة وقبلت أن يتجسد إبن الله فى أحشائها البتول وسلّمت ذاتهـا بكليتهـا فى تواضع عجيب. وكانت موجودة عند الصليب عند أقدام إبنهـا الوحيد الذى بذل ذاتـه من أجل خلاص العالـم (يوحنا19:26-27). وها هى تتواجد عند حلول الروح القدس على الرسل
والتلاميذ يوم الخمسين.
وعن دور العذراء فى الكنيسة نجده مبينا اولا فى سفر الرؤيـا: “وظهرت آيـة عظيمة فى السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثنى عشر كوكبا وهى حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد، فولدت ابنا ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد”(رؤيا1:12-5) ان هذه الصورة ترينا العذراء على رأس الكنيسة –القمر- ومزانـة بشمس البر (يسوع) ومتوجة بالإثنى عشر تلميذا، وهى بهذا تربط ما بين الشمس والقمر او بين المسيح والكنيسة.
لهذا دعاها البابا ليون الثالث عشر (مات 1903) فى رسالتـه البابويـة (سبتمبر 1895):” ان مريم هى أم الكنيسة ومعلّمة وسلطانة للرسل”. والبابا يوحنا الثالث والعشرين (مات1963) يدعو مريم قائلاً:”أم الكنيسة وأمنـا الأكثـر حباً”.
ان لقب “ام الكنيسة” أستخدم اول مرة بمعرفة اسقف ترافس فالأم التى أرادت مـجداً للكنيسة لا تزال تعود الى أبناء الكنيسة لتحقيق ومواصلة هذا الـمجد. إن يسوع لم يتركنا يتامى بل أرسل روحه القدوس وأرسل ايضا مريم أمــنـا. إن عمل العذراء فى السماء هو إمتداداً لعملها على الأرض، فلقد لعبت دوراً كبيراً فى سر الفداء وفى ذبيحة الـمسيح الخلاصية وهذا الدور الفريد جعل وساطتها تختلف عن وساطة القديسين وشفاعتهم لتشمل الكنيسة بكاملها.
صلاة: ليس لنا دالة عند ربنا يسوع المسيح سوى طلباتك وشفاعتكِ يا سيدتنا كلنا العذراء والدة الإلـه”(من صلاة الليتورجيا).
نافذة: يا قديسة مريم يا أم الكنيسة صلي لأجلناِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم العاشر: الثقة في مريم العذراء
ربما لا يجد البعض ثقة تامة نحو اللجوء لمريم العذراء فيتباطئ البعض في طلب المعونة او يترددون او حتى تكون هي في ذيل قائمة من يلتجئ اليه الفرد من قائمة القديسين. ان القديسة مريم علمتنا كتير من الصفات كالمحبة والتواضع وانكار الذات فلما ملاك الرب جاء لها وقال ان الرب اختارها قالت له “ها انا امة الرب ليكن لي كقولك”، لما ذهبت لأليصابات لم تتغير بعد ان حيتها ودعتها “ام ربي”، فقامت بخدمتها بنفسها.
اليست مريم العذراء هي ملجأ الخطأة؟ نلتجئ لـمريم لأنهـا أم مثلنـا وعليه فنحن نشعر بجاذبية خاصة نحوها لتشفع لنا عند ابنها الإلهـي. ففى الواقع لا يتجاسر الخاطئ فى كثير من الظروف أن يذهب رأساً إلـى يسوع لنطلب ان يغفر لنا خطايانا، وذلك لأنـه يعلم كل العِلم إن يسوع هو إلهـه وخالقـه، الرب العظيم الذى أهانـه وأغضبـه وداس وصايـاه، ولكنـه لا يخشى التقرب إلـى والدة يسوع ويطلب شفاعتهـا، لأنهـا ليست إلهه وخالقه، وليست ربـه وديـّانـه، إنـما هـي أم حنون ترثـى لشقاء إبنهـا الضال الخاطئ، فتقوده إلـى إبنهـا الإلهـى، طالبـة العفو والغفران.
اليست مريم العذراء هي باب سماءنا؟
“الباب” يـمثل الـمدخل لـمكان ذي أسوار أو لـمكان يصعب الدخول إليـه إلاّ عن طريقـه. والكتاب الـمقدس يذخر بأمثلة عديدة عن “الباب”:”إرفعن رؤوسكن أيتها الأبواب وإرتفعن أيتها الـمداخل الأبديـة فيدخل ملك الـمجد”(مز7:23)،و”هذا باب الرب فيه يدخل الصدِيقّون”(مز20:117)،”أنا الباب. إن دخل بـى أحد يخلص ويدخل ويخرج ويجد مرعـى” (يوحنا9:10). وفى رؤيـا يعقوب عندما رأى فى حُلم كأن سلـماً منتصبة على الأرض ورأسها إلـى السماء وملائكة الله تصعد وتنزل عليها (تكوين12:28) وبعد أن استيقظ يعقوب من نومـه خاف وقال: “ما أهول هذا الموضع ما هذا إلاّ بيت الله هذا باب السماء”(تكوين17:28)، ورأى مفسرو الكتاب الـمقدس فـى هذا السلّم رمزاً عن مريم العذراء التى نزل الله الكلمة عليه للأرض وتُصبح بهذا مريم “سلّم السماء”. ورأى الآباء فى وصف رؤيـا حزقيال النبي من انـه “دخل مجد الرب إلـى البيت من طريق الباب الذى وجهه نحو طريق الشرق”، ومن أن “هذا الباب يكون مُغلقـاً لا يُفتح ولا يدخل منه رجل لأن الرب إلـه إسرائيل قد دخل منه فيكون مُغلقا” (حز4:43،2:44) من أن هذا الباب الـمغلق هو مريم. وفى وصف يوحنا الإنجيلي عن أبواب أورشليم السمائيـة ومن أنهـا من اللؤلؤ ما هو إلاّ صورة لبهاء وطهارة مريم (رؤيا21:21). ومريم فتحت لنـا باب السماء لأنهـا ولدت يسوع الذى فتح لنـا السماء بعد غلقهـا بخطيئـة آدم وحواء.
فلنلتجئ الي الله بيسوع المسيح فهو الطريق الحق للحياة الأبدية ولكننا نأتي ليسوع عن طريق
مريم أمه فهي الطريق الأكيد للوصول ليسوع ولكي نجده ونتقبل منه كل العطايا والنِعم.
صلاة: يا قديسة مريم أمي الحبيبة لكم انا شاكرا لكِ لكل البركات التى نلتها من الله طوال حياتي بشفاعتك المتواصلة من أجلي. فدعي كل القلوب مكرسة لمجد ابنك ومجدك واجعلي كل لسان ينطق بالتسابيح لأبنك الإلهي قائلين:” آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ
وَالْقُوَّةُ لإِلهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ!(رؤيا12:7).
نافذة: يا أم يسوع وياأمي ساعديني لكي أصل معك وبك ليسوع ربي.ِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الحادي عشر:” السلام لمريم”
عندما تردد صلاة السلام الملائكي يوميا وتدعوها قائلا: “السلام عليك يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة انت في النساء ومباركة ثمرة بطنك يسوع. يا قديسة مريم، يا والدة الله، صلي لأجلنا نحن الخطأة، الآن وفي ساعة موتنا. آمين“،فهل تتأمل في تلك الأشياء المجيدة التي تنادي بها مريم العذراء وما تحمله من تعزية وتوجيهات بالنسبة لك؟
قبل ان تتلوا تلك الصلاة فربما من المستحسن ان تضع تلك الصلاة موضوع للتأملات الروحية فهذا يساعدك ان تتلوها بعمق وانتباه وفهم أكثر لكل كلمة تحتويها.
انت تحي مريم العذراء قائلا: يا ممتلئة نعمة”، فهل تفهم معنى تلك التحية وما تعنيه تلك الكلمات القليلة؟ وعندما تردد ” الرب معكِ” فهل تتفهم ما معنى ان الرب يكون مع انسان؟
وما معنى تحية القديسة اليصابات للعذراء “مباركة انت في النساء ومباركة ثمرة بطنك”
الـممتلئـة نعـمة”، وباليونانيـة (خاريتون kecharitomene) وهى تعنى الإمتلاء من النعمة حتى
الفيض وهذا الإمتلاء من النعمة هو عمل الرب فهو يملأ بنعمته كل محبيـه، وهذا الإمتلاء هو
بدء التلامس بشخص الـمسيح. هذا اللقب أثبت الوضع الحالي “ايتها الـممتلئة نعمة” وليس التى
ستمتلئ نعمة. فالكلمة تعنى عملا قد بدأ في الماضي ومستمر في الحدوث في الحاضر.
عندما ندعو مريم “ممتلئة نعمة” تعنى ان مريم مثال لعلاقة جديدة بين اللـه والإنسان، فلقد حاول الإنسان منذ القديم أن يتقرب الى اللـه، فقّدم لـه ذبائح وتقدمات إسترضاء وإستعطاف وإتقاء، غير ان اللـه لم يرتض بهذه الذبائح لأنهـا بقيت حاجزا بين اللـه والإنسان، وأعطى اللـه للإنسان عن طريق الوحي الطريق الوحيد لإرضاء اللـه وهو قلب الإنسان فيقدمـه ذبيحة للرب. فى القديم بعض الوسطاء قد جسدوا حضور اللـه للشعب بتابوت فيه عصا ولوحا العهد والذى كان رمزاً للعهد مع اللـه وكلامـه، وبعد بناء الهيكل وهو الـمثال الحي لوجود اللـه بين شعبه،وها الآن إختار اللـه من بين الذين أخلوا قلوبهم لإستقبالـه فحلّ فى أحشاء مريم الطاهرة ليدخل العالـم ويعيش بين الناس. هذه العلاقـة الجديدة بين اللـه والإنسان وهذا الـمثال وضح تماما فى مريم بنوع فريد وقد أرادهـا اللـه فى قلب كل إنسان وهو الإمتلاء من النعـمة والـمتاحـة لكل فرد منـا.
الرب معكِ”
دعونا ننظر الى تأكيد الملاك لمريم قائلا: “الرب معكِ“(لوقا28:1). من خلال الأنجيل تلك الكلمات للتحية قد استخدمت ووجهت لرجال ونساء الذين قد دعاهم الله لمهمة خاصة لها تأثير على كل شعب إسرائيل. كانت مهامهم تتطلب سخاء كثير وتضحيات وثقة عظيمة ولهذا أُعطي لهم مثل ذلك التأكيد جتى لا يواجهوا مثل تلك الضيقة وحدهم فالله سوف يكون معهم يرشدهم ويحميهم ويقويهم. واحد من أعظم القادة في تاريخ إسرائيل تمت تحيته بمثل تلك “الرب معك”. فمثلا عندما ظهر الله ليعقوب مؤكدا له العهد ومباركا له قائلا: “ وَهَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ، لأَنِّي لاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى أَفْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ»(تكوين15:28). ومثل ذلك عندما دعا الله موسى من العليقة المشتعلة ليقود الشعب من ارض مصر فقال:” «إِنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَهذِهِ تَكُونُ لَكَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ الشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ، تَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى هذَا الْجَبَلِ»(خروج12:3). وأيضا قبل ان يقود يشوع بن نون الشعب في معركة في ارض الميعاد قال الله:” لاَ يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. كَمَا كُنْتُ مَعَ مُوسَى أَكُونُ مَعَكَ. لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ”(يشوع5:1). وعندما دعا ملاك الرب جدعون ليدافع عن الشعب من غزو الأعداء حياه قائلا:” «الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ»(قضاة12:6). وعندما وضع الله داود على رأس مملكته الدائمة فقد ذكّره الله بأمانته له قائلا:” وَكُنْتُ مَعَكَ حَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ، وَقَرَضْتُ جَمِيعَ أَعْدَائِكَ مِنْ أَمَامِكَ، وَعَمِلْتُ لَكَ اسْمًا عَظِيمًا كَاسْمِ الْعُظَمَاءِ الَّذِينَ فِي الأَرْضِ”(2صموئيل9:7). وعندما دعا الله ارميا ليكون نبياً للأمم قال له:” لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ، يَقُولُ
الرَّبُّ»(ارميا8:1).
من موسى الي ارميا السِمة واضحة “الرب معك” إشارة ان شخص ما قد دُعي الي مهمة عظيمة
ستكون صعبة وضرورية ومستقبل إسرائيل سيكون على الأكثر معتمدا على كيف ان ذلك الشخص سيقوم بدوره. ان الشخص التي وجهت له هذه الكلمات والمرسلة من الله لدعوة مهمة وثقة الله في ذلك الشخص التي أوكلت له هذه المهمة بالغة الأهمية وتاريخ إسرائيل والعالم معتمدا على تلك اللحظة وعلى استجابة ذلك الشخص الذي اختاره الله. ولكن هذا الشخص تم التأكيد له انه ليس وحده فالله سيكون معه في مهمته مساعدا له في أي عمل لا يستطيع وحده القيام به فيد الرب
تسند وتعضد وتقوي.
ضع نفسك في تلك القصة وتخيل ماذا تعني تلك الكلمات بالنسبة لمريم تحيية من ملاك الله قائلا لها :”الرب معكِ” مشيرا ان شيئا كبيرا سيتم طلبه منها، ففي الحقيقة انها مدعوة ان تقف في تقليد إسرائيل وتاريخه كأحد الأبطال مثل موسى ويشوع وداود وارميا – أناس عانوا وضحّوا وأعطوا أنفسهم كلية للرب. ها هي الآن مدعوة الي مهمة شاقة والتي ستتضمن الكثير من التحديات والصعوبات ومستقبل شعب الله سيكون معتمدا كيف ستجيب.
دعونا الآن نتأمل في معاني الكلمات التي أعلنتها اليصابات. قالت لمريم:” «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ”(لوقا42:1)، ان تلك الكلمات تجلب للذاكرة كيف ان اثنتان من ابطال العهد القديم ياعيل ويهوديت قد تم وصفهما، وهما المرأتان الوحيدتان في كل الكتاب المقدس والتي تم تسبحتهن بذلك الوصف. بعد ان هزمت ياعيل القائد الأممي سيسرا والذي كان يعاير شعب الله “مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى الْوَتَدِ، وَيَمِينَهَا إِلَى مِضْرَابِ الْعَمَلَةِ، وَضَرَبَتْ سِيسَرَا وَسَحَقَتْ رَأْسَهُ، شَدَّخَتْ وَخَرَّقَتْ صُدْغَهُ. بَيْنَ رِجْلَيْهَا انْطَرَحَ، سَقَطَ، اضْطَجَعَ. بَيْنَ رِجْلَيْهَا انْطَرَحَ، سَقَطَ. حَيْثُ انْطَرَحَ فَهُنَاكَ سَقَطَ مَقْتُولًا”(قضاة26:5-27)، جاء ان دبّورة قاضية إسرائيل قالت بفرح:” تُبَارَكُ عَلَى النِّسَاءِ يَاعِيلُ امْرَأَةُ حَابِرَ الْقَيْنِيِّ. عَلَى النِّسَاءِ فِي الْخِيَامِ تُبَارَكُ”(قضاة24:1). وبالمثل، عندما هزمت يهوديت القائد الأممي أليفانا والذي حاول ان يأخذ المدينة اليهودية “وَقَالَ لَهَا عُزِّيَّا رَئِيسُ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ مِنَ الرَّبِّ الإِلهِ الْعَلِيِّ فَوْقَ جَمِيعِ نِسَاءِ الأَرْضِ”(يهوديت 23:13). لذلك فكلا المرأتان ياعيل ويهوديت اعتبرا مباركتان بين النساء لأن الله استخدمهما لينقذ الشعب من
اعدائهم.
ومريم تقف في وسط هذا التقليد ويطلق عليها “مباركة بين النساء” ومثال ياعيل ويهوديت كانت
مريم أيضا آداة في خطة الله لإنقاذ شعبه، ولكن هناك اختلاف واحد حيوي فلم تكن مريم متداخلة في معركة فعلية فهي مشتركة ومساهمة في خطة الله للخلاص من خلال الحبل بيسوع في احشائها. ان ذلك ما كانت تعنيه بكل دقة اليصابات عندما استمرت لتشرح لمريم وتقول لها انها “مباركة بين النساء” لأن “ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ”(لوقا42:1). مريم مباركة لأن الطفل الي تحمله هو الذي سيحقق خطة الله للخلاص لإسرائيل وللعالم، وكما جاء في انجيل لوقا بوضوح نوع الخلاص الذي سيجلبه ذلك الطفل سيتضمن اكثر من تحرير سياسي مما جلبه ياعيل
ويهوديت. ان الطفل الذى في احشاء مريم يأتي لينقذ شعبه من عدو اكثر ظلمة الا وهي الخطيئة.
ان مريم شاركت مع ياعيل ويهوديت بصورة ما بما جاء في سفر التكوين عن سحق رأس اعدائهم “ وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ»(تكوين15:3). وتلك النبؤة عن المسيّا المنتظر والذي اعلنها الله عن امرأة سيكون لها إبن وهو الذي سيسحق رأس الحيّة الا وهو الشرير. ان ياعيل ويهوديت هزموا أعداء إسرائيل العسكريين بقطع رؤوس قادتهم ولكن مريم وابنها فهو الذي يمكنه وحده ان يسحق رأس اكبر عدو لأسرائيل وهو الشرير، وبهذا فمريم هي تلك “المرأة” تحقيقا لتلك النبؤة التي جاءت في سفر التكوين (15:3) والتي ظهرت فيما بعد في عرس قانا الجليل وتحت الصليب وفي رؤيا يوحنا اللاهوتي
(رؤيا1:12-9 و يوحنا4:2 و يوحنا 25:19-27).
نقطة أخرى بخصوص تلك التحية “مباركة أنتِ فى النساء ومباركة هى ثمرة بطنكِ”، هذه التحية
مشابهة لتلك التحية التى استقبل بها المسيح فى اورشليم “مبارك الآتى بإسم الرب”(متى29:21) و”مبارك الآتي بإسم الرب ملك اسرائيل”(يوحنا13:12) وهنا تحية لأم الـملك.
“الـمبارك” كان يستعمل عند اليهود للتعبير عن الله الذى لا يجرؤ احد ان يلفظ اسمه،فزكريا يبدأ تسبحته “مبارك هو الرب إلـه اسرائيل”(لوقا18:1)،وفى محاكمة يسوع سنجد رئيس الكهنة يسأل “هل أنت الـمسيح إبن الـمبارك”(مرقس7:14)،ونحجها ايضاً فى تحية ملكيصادق لإبراهيم “مبارك ابرام…ومبارك الله العلي”(تكوين19:14).
ففي كل مرة تتلوا صلاة السلام الملائكي تأمل في معاني “ممتلئة نعمة” و “الرب معك” و” مباركة انت في النساء” حتى تتلوها بكل فرح وانتباه وتمجيد لأم يسوع.
صلاة: أنت هي أم النور المكرمة، من مشارق الشمس إلى مغاربها يقدمون لك تمجيدات يا والدة الإله السماء الثانية، لأنك أنت هي الزهرة النيرة غير المتغيرة والأم الباقية عذراء، لأن الآب اختارك، والروح القدس ظللك، والابن تنازل وتجسد منك. فاسأليه أن يعطى الخلاص للعالم الذي خلقه، وأن ينجيَّه من التجارب. نسبحه تسبيحا جديدا ونباركه الآن وكل أوان وإلى الأبد. أمين.
نافذة: يأ أم الخالق صلي لأجلناِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الثاني عشر:” تكملة السلام الملائكي”
. يا قديسة مريم، يا والدة الله، صلي لأجلنا نحن الخطأة، الآن وفي ساعة موتنا. آمين
يـا قديسـة مريـم
تعتقد الكنيسة فـي قداسة مريم الفريدة فـي نوعهـا والتي تفوق الخليقة السماوية، حتى الشاروبيم والسيرافيم، فلقد أمضت حياتهـا فـي قداسة واقتنت كمالاً للروح والجسد وصيرتهـا نعمة الله قدس أقداس حقيقياً يسكنه الله لهذا صارت قديسة في كل شيئ. والقداسة هـي أن يُفرز الإنسان نفسه عن الـمسيرة الطبيعية لأهل العالـم ويُخصص القلب للرب، ومريم العذراء قـد استحقت هذا اللقب أن تكون قديسة لأنهـا امتلأت من النعـمة الإلهيـة كما دعاها ملاك الرب ” يا ممتلئة نعمة”، واتحدت إرادتهـا مع إرادة الآب السماوي فأتـمت مشيئة الله فيهـا فقالت:”ها آنذا آمـة للرب”، “فليكن لـي حسب قولك”.
يـا والدة اللـه
“والدة الإله” ليس مجرد إسم ولا هو لقب تكريمي للعذراء، إنـما هو تعريف لاهوتـي يحمل حقيقة حيّة إيـمانية، وتحمل لنا أيضا فعل محبة الله فى أعلى صورها. الحقيقة ان العذراء مريم ولدت الإله الـمتأنس، أي الـمسيح بلاهوتـه وناسوتـه، وعندما نقول عن أم انها ولدت إنسانا لا نقول انها أم الجسد فقط بل أم الإنسان كله مع انها لـم تلد روح الإنسان الذى خلقه الله، هكذا تدعى القديسة مريم والدة الإله ولو انها لم تلد اللاهوت لكن ولدت الإله الـمتأنس. إذا كان السيد الـمسيح هو الله الذى ظهر في الجسد كقول الرسول بولس: “عظيم سر التقوى الذى تجّلى فى الجسد”(1تيمو16:3) فوجب أن تدعى العذراء بأم الله فهي أم يسوع، ويسوع هو الله وعلى هذا تكون القديسة مريم هي أم الله.
صليّ لأجلنا
عندما نطلب منها الصلاة لأجلنا نعلم ونؤمن بفاعلية شفاعتها، لكن ماذا يقول الكتاب بخصوص الشفاعة وخاصة شفاعتها؟
من أمومتها تصدر شفاعتها، أمومتها لنا وأمومتها ليسوع، أمومتها لنا تجعلها تهتم بخلاصنا وما نحن بحاجة اليه هذا ما ظهر جليّاً في قانا الجليل، وأمومتها ليسوع تجعلها تطلب منه بثقة وبمعونة الام والابنة القديسة ننال ما نصلي معها من اجله. قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته “فادي البشر” رقم 22: “حب الله يدنو منّا بواسطة هذه الأم ويتخذ بذلك علامات أكثر فهماً للبشر، وهذا الحب، وهذه الشفاعة هي شفاعة ثابتة لكل مَنْ إفتداهم يسوع”(نور الأممLG 66).
ان الكتاب المقدس يقدّم سلسلة شواهد عن الشفاعة: إبراهيم تشفّع لسادوم وعمورة(تكوين 18: 20-32) ولو وجد في سادوم وعمورة أشخاص أتقياء وصدّيقين كان الله مستعدٌ لأن يستجيب لشفاعة إبراهيم. إرميا تشفّع في شعبه في حياته وفي مماته” يقول راح الناس يتضرعون له إن يصلي إلى الله من أجلهم، وهو وعدهم أنه سيصلّي وسيعطيهم الجواب (إرميا 42: 4)، فإرميا
كان عنده علاقة مع الرب إلى حدٍّ إنه كان يصلّي ويأخذ جواب من الله ويقوله للناس. هذه هي ذروة العلاقة والثقة بينه وبين الله، فقد كان يصلي ويطلب إلى الله. والأجمل إن الرب إستجاب لإرميا(إرميا 42: 7).
بعد موته أيضاً كان يشفع لشعبه (2مكّابيين 15: 14): “هو إرميا نبي الله الذي يكثر الصلوات لأجل الشعب والمدينة المقدسة”. نجد أيضاً في (أشعيا 59: 16) أن الله كان يتشكى على عدم وجود شفعاء على الأرض يساعدونه على عدم ضرب شعبه: “تعجّب الرب أنه لا وجود لشفيع”.
كذلك ف(حزقيال 22: 30) “بحثت عن رجلٍ يقف أمامي مدافعاً عن الأرض فما وجدت، لذلك
أصبّ عليهم سخطي. المزامير تقدم شاهداً على الشفاعة(مزمور 132: 1): الشعب يطلب من الله أن يذكر إبراهيم وداود ليترأف بهم لأجلهم (إبراهيم وداود). أيضاً شواهد في سفر (دانيال)
موسى عندما صنع الشعب تمثال الذهب وعبده. ايليا الذي صلى لينزل المطر، وأقام ابن الارملة.
اذاً الشفاعة هي مُعطى موجود في الكتاب المقدس، من هنا لا نستغرب اذا
تشفعت بنا من اختارها أماً لتحمي وتساعد وتسهر على أبناء كنيسة ابنها.
صلاة: تحت ستر حمايتك – نلتجىء يا والدة الله القديسة – فلا تغفلي عن طلباتنا – في احتياجاتنا إليك – لكن نجّينا من جميع المخاطر على الدوام – أيتها العذراء المجيدة المباركة.
نافذة: يأ معونة المسيخين صلي لأجلناِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الثالث عشر: ” تكملة السلام الملائكي”
نحن الخطأة
ان أهم موقف يأخذه الإنسان هو التواضع، فالعشار الذي صلى في الهيكل وتواضع وخجل ان يرفع نظره عن الأرض لأنه أدرك كم هو خاطئ وكم هي عظيمة قداسة الله، رجع إلى بيته مبرر كما قال الرب نفسه، أكثر من الفريسي الذي يمارس الشريعة. اذن ان التواضع يضعنا مباشرة أمام حقيقتين، الحقيقة الأولى هي صغرنا، خطايانا، حقارتنا، وما إلى ذلك، بمقابل الحقيقة الثانية، حقيقة الله اللامتناهي، القدوس، الحكيم، والرحيم، هذه الأخيرة هي الكفيلة ان
تجمع الإنسان، ان تجعله يقف امام الله متوسلا المغفرة، منتظرا العون، والرحمة. ان الكتاب المقدس يقول كلهم أخطأوا وأعوزهم مجد الله، حتى لا يتزكى إنسان أمامه. كما يقول أيضا ان الله لا يريد موت الخاطئ بل ان يعود عن خطيئة ويحيا. نعم ان الله يرفض الخطيئة لانه قدّوس، ولكنه يريد توبة الخاطئ، هنا بالاقرار نعلن قداسته على قدر ما نعي خطيئتنا، أيضا اننا بهذا الوعي نستعد ان نصلح فساد طبيعتنا لان المعرفة طريق للشفاء. كما نعرف ان
الخطيئة هي التي أدخلت الموت والألم إلى العالم، ومريم هي التي أدخلت الحياة اليه، باقترابنا منها نفرغ ما نحمل من خطيئة، نتصفىّ، لنملئ ما تحمل في قلبها أي الله. ان الاقرار يستلزم الصدق وهو بداية الشفاء، فلا نلبس قناعا على قناع، ولا نخفي حقيقة على كذبة، الاقرار بالخطيئة هو الاستعداد لقبول النعمة التي تفيض من مريم وتتحول إلينا لتسقي نبات
الفضائل فينا.
اننا عندما نذكر “نحن” في صلاتنا، نؤكد على نوع من التوبة أي الرجوع لبعضنا البعض، الإهتمام ببعضنا، هذه ال نحن تعيد وحدة الاخوة التي تنقطع بالخطيئة، انها تذكرنا اننا لبعض، واننا نتقدم وننمو بنفس الارض، تعلمنا ان الكنيسة هي نحن لاجل أنا وأنا لاجل نحن، انها محاولة تحقيق وصية “أحبوا بعضكم بعضا”. هذه ال نحن تجعلنا بحق شعب الله الجديد والذي له رأس واحد يسير في طريق واحدة إلى الملكوت الواحد .
الآن
تعني اليوم ايضاً، وهذا يعني يوم الرب، انه حضور الرب الذي يخلص، الآن هي دعوة
لهذا اللقاء بيننا وبينه. الآن يعني ان يتحقق ما تحقق بالمسيح، وما تحقق بالرسل والقديسين،
حضور وقداسة الله. الآن صرخت استنجاد، انها حالة طارئة لا تحتمل التأخير والتأجيل، اذ ان نفوسنا على أهبة الهلاك تحت ضربات المجرب وتحت نير الخطيئة، وفي سكة مظلمة. انها صرخة ابناء يؤمنون بالأم.
في الكتاب المقدس يذكرها كثيراً مثلاً: عندما حضر بطرس لقيصرية قال له القائد نحن الآن على استعداد لنسمع كلام الله، عندما خلص الملاك بطرس بعد قليل قال الآن ادركت ان الله ارسل ملاكه ليخلصني، انها لحظة اكتشاف ووعي، بعد ظهور الرب لتلاميذه صاروا يشهدون له الآن أي كل يوم حتى يومنا، وبولس في خطابه لأهل أثينا، الآن يدعو الله البشر ليتوبوا، انها دعوة آنية للتوبة، وعند خروج يهوذا من العلية قال يسوع الآن قد تمجد ابن الإنسان مشيراً ان المجد يتحقق ابتداء من الصليب حتى القيامة، ويقول الآن تعرفون الآب وقد رأيتموه، لان من يراني يرى الآب، انها دخول في عالم الله، انها أي مكان وكل مكان حيث نستطيع ان نتعرف على الله ونحبه بيسوع ابنه. وبما ان الآن هي تدل على يوم الرب الذي هو يوم الفصل والتمييز يوم الدينونة، فهنا نعرف انه يمكن ان تكون كل لحظة هي ساعة موتنا، فهي اذن للاستعداد من الآن لساعة موتنا ووقوفنا أمام الله.
وفي ساعة موتنا
هي كما قال يسوع، انها حاضرة كل آن، كل لحظة، لا أحد يعرف ساعة موته، وساعته
بالعموم، أي ساعة تجربته الكبرى حيث يتأسس خلاصه أو يتم سقوطه وهلاكه، انها ساعة مجده وساعة هوانه على حسب الحالة التي يكون فيها، ان الرب يشدد علينا بعدة أمثلة حتى نكون مستعدين لاننا لا نعرف بأي ساعة يأتي السارق، المجرب، الموت، ولانكم لا تعلمون في أي ساعة يأتي العريس، أو صاحب البيت، فاذا وجدكم ساهرين أعد نفسه لخدمتكم.
اننا نطلب من مريم حتى لا تغفلنا ساعة الموت، حتى لا تكون هذه “الآن” غافلة عنا، أو بعيدين عن مفهومها، نطلب منها بما أنها حاضرة لتدرك متى ينفذ منا خمر الحياة حتى تتدخل وتنشلنا من اليأس الأخير، وحتى نكمل حياتنا في بفرح العرس السماوي، كل القديسين كانوا على استعداد لساعة الموت وكانوا يتحضرون لها كل يوم، يقول القديس انطونيوس بما معناه، اعتبر نفسك انك لن تكمل يومك هذا، وعند المساء قل لنفسك انك لن يأتي عليك الصباح، فانك ستعرف عندها كيف تتحضر للموت وكيف تعيش. حتى ان الكثير من القديسين لشدة حرارتهم بالصلوات والتوبة وذكر الموت، اضحوا ينتظرونه كما ينتظر السجين اطلاق سبيله، انهم اضحوا على موعد مع من هو الحياة بحرارة حتى تصوروا ان الموت هو العائق
أمامهم لبلوغ الاتحاد بالله نذكر على سبيل المثال القديس اغناطيوس الانطاكي.
ان مريم هي حاضرة دائمة لمن يدعوها خاصة في ساعة الموت ولنا كثير من القصص
التي تذكر حوادث من هذا النوع، انها حاضرة مع ابنها تنتظر وتهيئ لأبنائها يوم خروجهم ونطلب منها ان تجعلنا مستعدين “صلي لأجلنا لنستحق مواعيد المسيح”.
آمين
بها نختم كل صلواتنا، وهي تعني الامانة، أمانة الله للمؤمنين به فلا يخذلهم ولا يتركهم وهو قادر بأمانته ان يوصلهم إلى ميناء الخلاص الأخير، وهي اسم الله الذي يقول “أنا الآمين” في سفر الرؤيا، فهو الامين وحده على كل ما خلق، لا أحد يستطيع ان يكون أمين على كل شيء، اذ ليس له كل شيء ولا يدركه ولا يحيط به. ان الله هو الثبات، ثبات المواعيد والخيرات، ثبات الصلاح بذاته.
انها تعني، نعم، ليكن ما قلته، كما انت تريد، ليكن كذلك، انها يقين باستجابته تعالى للفقير والمحتاج، هي جواب المؤمن لله على مشروع خلاصه، من هنا مريم عندما قال لها الملاك ستحبلين وتلدين ابنا… جاوبت فليكن لي حسب قولك، أي آمين، نعم، وهي استمرت ثابتة على هذه النعم، حتى تحت أٌقدام الصليب، انها تشبه نذرا نذرته مدى حياتها، نعم مريم تشبه إلى حد بعيد قول يسوع في البستان: “يا ابت فليكن لي حسب قولك”. وفي الأبانا نقول لتكن مشيئتك،
ضمنيا لا مشيتنا، في الفرح والحزن، في الألم والمجد. لقد استعدت مريم لكل ذلك بنعمها، وهي كعبد يهوه في أشعيا (42 : 52) مستعدة ان تتحمل الآمها، وبالتالي تدخل مجدها، ونحن بصلاتنا لها نقول آمين، أي علمينا كيف نسير على خطاك، قوينا لنقول نعم الآن وفي ساعة موتنا، ان نثبت في الآم حتى نبلغ المجد. معك ومع ابنك. له المجد إلى الأبد.
صلاة: يا يسوع، الحي فى مريم، تعال وعش فينا بروحك القدوس، بمواهبك الـممتلئة، بطرقك الكاملة، بفضائلك الحقة، وبالوحدة فى أسرارك. املك علينا، ضد أعدائنا التى تهددنا، ضد العالم، والجسد والشرير بقوة روحك القدوس ولـمجد الله الآب. آمين
نافذة: يأ شفيعة الحزاني صلي لأجلناِ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الرابع عشر: تقديم الإكرام للقديسة مريم
إن الإلتجاء الى مريم وطلب شفاعتها إيمان راسخ منذ الأجيال الأولى فى الكنيسة وتمتلئ الطقوس الكنسية بالـمدائح والطلبات والصلوات لـمريم العذراء فلا نخجل من اللجوء الى مريم ونصرخ اليها ان تصلي معنا الى ابنها الإلهي ليرفع هذا الحزن او ليعطينا الصبر للإحتمال وفى كل هذا نكون متمثلين بمريم فى إحتمالها لسيف الوجع الذى غرس فى قلبها او فى إتضاعها وقبولها لمشيئة الرب “ليكن لي حسب قولك”.
وهذا الإكرام يتطلب منـا أن نعمل كل شيئ ومريم هي قدوتنا
أن نقتدي بقدر الإمكان بحياة مريم العذراء فى كل ما نصنعه . قال يسوع ” ياأبتاه..أنا مـجّدتك
على الأرض، إذ اتممت العمل الذى أعطيتني لأعمله” (يو 4:17) ، ان الله يتمجد بالعمل الذى
نعمله وفقا لإرادة الله وبالثمار التى نعملها “بهذا يتمجد أبي وتكونون تلاميذي إذا أتيتم بثمر كثير”
(يو8:15). فمريم قد استسلمت لإرادة الله “ها أنا آمة الرب فليكن لي بحسب قولك”(لوقا38:1).
فمسيرة مريم هى مسيرة كل مسيحي يدخل بالإيمان فى علاقة مع الله. وبالنظر الى مريم نسير
كما سارت وتكون غايتنا الأخيرة هي المسيح يسوع وحده.
مريم عاشت حياة الأرض بكل ما فيها من صعاب وقلق, عاشت فقيرة ولم تضطرب ولم تقلق
وواظبت على صلتها بالله والهيكل.
عاشت مطرودة، غريبة في أرض بعيدة عن وطنها ولم تتكاسل أو تهرب من أمام الرب.
عاشت حياة الترمل ولم تتذمر أو تشتكي بل واظبت صلاتها ورسالتها.
عاشت ثكلى بعد رحيل الإبن ولم تلعن السماء والأرض..
عاشت عذراء عفيفة ولم تشتهي إلا أن تكون آمـة للرب…
عاشت زوجـة ترعى منزلها وواجباتها ولم تهمل بيتها او الإهتمام برعاية ابنهـا الوحيد رغما عن ضآلة الدخل.
وهذا الإكرام يتطلب منـا أن نكون مشابهين صورة إبنها
“اهتموا بـما فوق لا بـما على الأرض” (كولوسي 2:3)
فهل رأت فيك مريم يسوعاً آخر؟..لا فى صنع الـمعجزات بل فى نشر الحب والسلام وإنكار الذات وخدمة الفقراء…هل رأت فيك مريم إنسانا سلم إرادته كلها لأبيه السماوي؟..وهل رأت فيك إنسانا يحيا فى العالم وهو ليس فى العالم لأنه من فوق؟..هل رأت فيك إنسانا متواضعاً غير مـحباً للمال منفذاً إرادة السماء وليست إرادتك أنت؟..هل رأت فيك نور الـمسيح وعظمة ومجد الله؟..وهـل رأت فيك القداسة والبر ومحبة القريب؟.
وهذا الإكرام يتطلب منـا ان نكون مواظبين على الصلاة
ما هى أقرب الصلوات الى قلب مريم؟ ..أي صلاة كانت صغيرة أو كبيرة يلزم أن تكون مـستمرة وثابتة وبعمق وإيـمـان.
فهل تصلي أم لا؟..هل صلاتك مستـمرة؟..هل تعي ما تقوله فى صلاتك أم هى تـمـتـمات شفاه فقط؟..هل تكون متخليا عن كل شهوة أرضية أو دنس عند إقترابك من الصلاة؟..هل تعلم ان الصلاة هى لقاء الـمحبين فلا تقول إني أحب الله او مريم وانت لا تصلي؟..هل رأت فيك مريم رجلا للصلاة كأرميا وموسى وداود ودانيال وكإبنها يسوع الذى لم يترك فرصة إلا وانفرد وصلى لأبيه السماوي؟..هل تسمع مريم صلواتك وهى لا تطلب إلا الشهوات الأرضية ومجد الأرض؟
هذا الإكرام يتطلب منـا أن نكون منفذين لـمشيئة الرب ووصاياه
إن كل إهتمام الشخص الـمـسؤول هو أن يرعى ويلبي طلبات من يحبه وليس فقط فى مأكل أو
مشرب أو مستلزمات الحياة بل ايضا كل ما يدخل السعادة فى قلب الـمحبوب..وإذ نقول اننا نحب مريم فهي لها طِلبة واحدة أعلنتها فى القديم ومازالت تعلنها فى كل وقت وزمان ومكان..”مـهـما قال لكم فأفعلوه” (يو 5:2)..أعلنتها فىعرس قانا الجليل وهى الوصية الوحيدة التى ترددها دائما لأبنائها وبها توجه قلبنا سراً إلى وصايا الـمـسيح، لتتميمها بكل دقة كما أوصت أصحاب العرس..
هذا الإكرام يتطلب منـا بعض الـممارسات التقوية
حضور الذبيحة الإلهية والتى هى تجسيد لحياة ومجد السيد الـمسيح
تلاوة أبانا والسلام والمجد شكراً للرب يوميا.
قراءة يومية فى الكتاب المقدس والتأمل فى ما تم قراءته
قراءة كتب مخصصة عن مريم العذراء
الإلتزام بأصوام الكنيسة
خدمة الأخرين
الـتقدم لسر التوبة.
صلاة: أنت هى الـممتلئة نعمة يا والدة الإله العذراء نسبحك لأن من قِبل صليب إبنك إنهبط الجحيم، بطُل الـموت، أمواتا كنا فأنهضنا واستحققنا الحياة الأبدية، ونلنا نعيم الفردوس الأول من أجل هذا نـمجد بشكر الغير مائت المسيح إلهنـا. آمين.
نافذة: يا مريـم ، أم النعمة الإلهية أفيضي علينا نعم السماء.
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
اليوم الخامس عشر: أبعاد انتقال مريم العذراء الى السماء
ما آمنت به الكنيسة منذ القرون الأولى وعبرّت عنه بطرق متنوّعة في الصلوات الليترجيّة ومواعظ الآباء، وتحديد العقيدة في الكنيسة الكاثوليكيّة في موضوع انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى المجد السماوي، هو إعلان للعظائم التي صنعها الله في مريم العذراء، بحسب قولها: “ها منذ الآن تغبّطني جميع الأجيال، لأنّ القدير صنع بي عظائم، واسمه قدّوس، ورحمته الى جيل وجيل للّذين يتّقونه” (لوقا1: 48- 50). إنّ عظائم الله قد رافقت مريم العذراء طوال حياتها، وبما أنّ الله هو إله الحياة التي لا نهاية لها، تؤمن الكنيسة أنّ ما صنعه الله من عظائم لا يتوقّف عند حدود هذه الحياة بل يمتدّ الى ما بعد الموت. ويستطيع كلّ مؤمن أن يقرأ في مسيرة حياة مريم العذراء مسيرة إيمانه، وفي مصير مريم العذراء بعد الموت مصير كيانه ومصير شخصه في نهاية الزمن.
الروح القدس أحيا جسد العذراء
يقول بولس الرسول: “إذا كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات ساكنًا فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحيي أيضًا أجسادكم المائتة بروحه الساكن فيكم” (رومية 8: 11).
انتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو نتيجة لعمل الروح القدس فيها. فالروح القدس الذي حلّ عليها وأحيا جسدها لتصير أمًّا لابن الله هو نفسه يكمّل عمله فيها ويحيي جسدها المائت وينقله الى المجد السماوي. الروح القدس هو قدرة الله المحيية، وهذه القدرة لا يوقفها شيء: إنّها حركة دائمة، وديناميّتها تفوق ما يستطيع عقلنا البشري تصوّره. بهذه القدرة كان يسوع يشفي المرضى ويخرج الشياطين ويقيم الموتى (راجع لوقا 4: 18- 19؛ مرقس18:12-28). وبهذه القدرة قام هو نفسه من الموت. وبهذه القدرة سيقيم الأموات في الدينونة العامة. ولأنّ مريم العذراء كانت في جسدها ونفسها مستسلمة استسلامًا تامًّا لعمل الروح القدس، آمن المسيحيّون منذ القرون الأولى أنّها حصلت حالاً بعد موتها على قيامة الجسد التي هي مصير كلّ المؤمنين في نهاية الزمن.
بهاء القيامة
الخلاص في الديانة المسيحيّة ليس إنقاذ الإنسان من الخطايا بقدر ما هو إعادته الى بها الصورة الإلهيّة التي خُلق عليها.. الديانة المسيحيّة هي ديانة البهاء والمجد، وتلك السمة هي التي تبرّر وجودها وتثّبت صحتّها. فإذا كان لله وجود، وإذا كان الله قد ظهر لنا في شخص ابنه وكلمته وصورة مجده يسوع المسيح، فلا بدّ من أن يكون الله إله المجد والبهاء. وهذا ما تعبّر عنه الكنيسة في اعتقادها بانتقال مريم العذراء. تقول الكنيسة البيزنطية في إحدى صلوات عيد رقاد السيّدة: “ما أعجب أسرارك أيّتها السيّدة النقيّة، لأنّك ظهرت عرشًا للعليّ، واليوم قد انتقلت من الأرض الى السماء. فمجدك وافر البهاء، ويعكس أشعّة المواهب الإلهيّة” (صلاة المساء الكبرى). إنّ أشعّة المواهب الإلهيّة التي حصلت عليها مريم العذراء تنعكس في حياتها. فهي السيّدة النقيّة لأنّها “ممتلئة نعمة”، وقد “ظهرت عرشًا للعليّ”، لأنّ ابن الله سكن فيها، وتكلّلت تلك المواهب “بانتقالها من الأرض الى السماء”، وظهر فيها مجد الله الوافر البهاء.
لا يمكننا التنكّر للواقع والتغاضي عن الخطيئة في العالم. ولكنّ قيامة المسيح هي أيضًا جزء من هذا الواقع. من قبر المسيح انبعث نور الله، ومع المسيح القائم من بين الأموات دخل مجد الله العالم، ويعمل كالخمير على تجديده من الداخل. تاريخ العالم ليس تاريخ معركة مجهولة المصير بين الحقّ والباطل، بل تاريخ ولادة جديدة. يقول بولس الرسول: “إنّ الخليقة قد أُخضعت للباطل .. إنّما على رجاء أنّ الخليقة ستُعتَق، هي أيضًا، من عبوديّة الفساد الى حريّة مجد أبناء الله. فنحن نعلم أنّ الخليقة كلّها معًا تئنّ حتى الآن وتتمخَّض، وليس هي فقط، بل نحن أيضًا الذين لهم باكورة الروح، نحن أيضًا نئنّ في أنفسنا منتظرين التبنّي افتداء أجسادنا” (رومية 8: 20-23). نحن من الآن أبناء الله، ولنا باكورة الروح، ولكنَّ ما نحن عليه سيتجلّى على أتمّ وجه في المجد الخالد، فيكون عندئذ للجسد المفتدى، القائم، قسط من السعادة كبير، حسب قول بولس الرسول:” الإنسان الأوّل من الأرض، من التراب، والإنسان الثاني من السماء. فعلى مثال الترابي يكون الترابيّون، وعلى مثال السماوي يكون السماويّون، وكما لبسنا صورة الترابي نلبس أيضًا صورة السماوي” (1 كورنثوس 15: 47- 49). في وسط عالمنا لبس المسيح السماوي جسدنا الترابي، وبهذا الجسد ارتبط بعالمنا. وقيامته الجسديّة لم تفقده ارتباطه بنا، بل بدخوله مجد الآب، صار ارتباطه بنا أكثر اتّساعًا. ارتفع عن الأرض ليجتذب اليه الجميع (يوحنا 12: 32)، ارتفع الى السماوات ليملأ مجده جميع الأرض، بحسب قول المزمور: “ارتفع اللهمّ على السماوات، وليكن مجدك على جميع الأرض” (مزمور 57: 12؛ راجع أيضًا أفسس 4: 8- 10). المسيح لم يتمجّد وحده. “فبعد إذ أميت بالجسد، استردّ الحياة بالروح، وبهذا الروح عينه مضى وبشّر الأرواح المضبوطة في السجن” (1 بطرس 3: 19)، أي إنّه نزل الى “الجحيم” مقرّ الأموات حيث كانت نفوس الصدّيقين تنتظر، كفي سجن، مجيئه الخلاصي وصعودها معه الى السماء، وبشّرها بأنّ عمل الفداء قد تحقّق، وتمّ الانتصار على الموت. وفي الموضوع عينه يتكلّم إنجيل متّى عن عامه كسيرين من الأموات مع المسيح: “القبور تفتّحت، وكثيرون من القدّيسين الراقدة أجسادهم فيها قاموا، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدّسة، وتراءوا لكثيرين” (متّى 27: 52-53).
إنّ ابن الله الذي “له مجد الآب من قبل كون العالم” (يوحنا 17: 5) قد تجسّد في أحشاء مريم
العذراء. وبسبب تلك الشركة الروحيّة في المجد والبهاء بين السيّد المسيح وأمّه، آمنت الكنيسة أنّ مريم العذراء، بعد موتها، شاركت ابنها مجد قيامته كما شاركته، في تجسده، مجد ظهوره.
قيامة الأجساد:
جسد الإنسان، في نظر الكتاب المقدّس، ليس سجنًا يجب التخلّص منه للوصول الى العالم الحقيقي، عالم الأرواح. نظرة الكتاب المقدّس الى الإنسان لا تقوم على التناقض بين الجسد والروح، بل على التناقض بين الفرد المنعزل المتقوقع على ذاته والشخص المنفتح في علاقاته على الكون وعلى الآخرين وعلى الله. والجسد هو ما يتيح للإنسان الحيّ أن يرتبط بعلاقات بنّاءة بالكون والآخرين والله. فالجسد هو إذن الإنسان ذاته من حيث ارتباطه بالعالم الخارجي. لذلك أيضًا رأى معظم آباء الكنيسة، ولا سيّمَا في الشرق، أنّ التجسّد كان لا بدّ منه، ولو لم يخطأ الإنسان، وذلك ليكتمل ارتباط الله بالإنسان وارتباط الإنسان بالله، ونعمة الله التي تعمل في الإنسان تعمل فيه حيث يبني ذاته ويحقّق كيانه وعلاقاته، فتجعله في روحه وفي جسده أكثر انفتاحًا على الله وعلى الآخرين. للنعمة قوّة تغيير وانفتاح، وعملها هو عمل الحياة الإلهيّة نفسها. كلّ اتصال بالله لا بدّ له من أن يغيّر الإنسان، وإلاّ كان الله مجرّد وهم ابتكره خيال الإنسان ليكوّن لنفسه ما يتعلّق به في هذه الحياة المتقلّبة. إلهنا شخص حيّ يحوّل كلّ من يتّصل به، يدخل أعماق الإنسان ليملأه بحياته الإلهيّة. وقيامة الأجساد هي امتلاء الإنسان من تلك الحياة الإلهية في كل أبعاد كيانه وفي كل ارتباطاته بالله وبالكون وبالآخرين.
إيمان الكنيسة بانتقال مريم العذراء بجسدها ونفسها الى السماء هو اعتراف بأنّ اتّحادها الصميم بالله بجسدها ونفسها، هذا الاتحاد الذي تحقّق لها بتجسّد ابن الله في أحشائها، كما تحقّق لها أيضًا بأمانتها لمحبّة الله واستسلامها لعلم الله فيها طوال حياتها، هذا الاتّحاد يستمرّ بعد موتها باشتراكها في مجد القيامة. فكما تمجّد ابنها وصار مرتبطًا بدخوله مجد الله بالعالم كلّه، هكذا أيضًا تمجّدت مريم العذراء وصارت مرتبطة بالعالم كلّه. وما سيحدث لجميع المؤمنين في القيامة العامة، أي ارتباطهم الكامل الممجّد بالعالم وبالله، قد حدث لمريم العذراء كما حدث لابنها يسوع المسيح لدى قيامته من بين الأموات.
ثمّ إنّنا في انتقال مريم العذراء الى المجد السماوي نقرأ عمل الروح القدس في الإنسان. وكل مؤمن يعرف أنّ مسيرة حياته هي مسيرة عمل الروح القدس فيه. ومريم هي في الكنيسة رمز عمل الله في كل مؤمن.
صلاة الي مريم العذراء سيدة الإنتقال
ايتها العذراء الطاهرة، انت ام الله وام كل البشر، نحن نؤمن ايمانا صادقا انكِ قد انتقلت جسدا
ونفسا للسماء لتملكي كسلطانة على الملائكة والقديسين ومتحدين معهم ها اننا نسبح ونبارك الرب
الذي اختارك فوق كل الخلائق ونقدّم لكِ كل الإكرام وتحية الحب والتمجيد. نحن نثق في رحمتك تلك التي هي دائما على اسنعداد دائم لمساعدتنا في وقت الضعف والحزن والألم. قوينا يا مريم في وقت التجربة وافرحي معنا في فرحنا وانتصارنا. كوني قائدتنا وقوتنا وعزاؤنا خلال رحلة الحياة. امنحي معونتك السماوية ورحمتك الي ابناؤك المتألمين في هذا العالم، وخلّصيهم من نيران الحرب والإعتقال والجوع والطرد والتشرد. عزّي قلوبهم واشفي أجسادهم واحضريهم الي مكان أكثر أمنا وسلاما. نحن على ثقة وإيمان في وعد الله بقيامتنا وها اننا نتطلع اليكِ لأنكِ أنتِ حياتنا ورجاؤنا وسعادتنا فقودينا نحو هذا اليوم حتى بعد بعد ان تنتهي رحتنا في ارض الغربة هنا على اأرض فترينا يسوع ثمرة بطنكِ المباركة. يا شفوقة يا رؤوفة يا مريم البتول. آمين.(البابا بيوس 12).
نافذة: يايسوع ارسل روحك القدس انتحد بك وبمريم امك الى الأبد.. ّ
نصلّي بيت من المسبحة الوردية مع تلاوة طلبة العذراء المجيدة.
تلاوة المسبحة الوردية
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.
التقدمة: أيتها البتول الكلية الرأفة، سيدتي، إني أقدم لك هذه المسبحة الوردية, بحسب نية جميع أبناؤكِ المتقين الذين أرضوك بهذا الإكرام المقدس فأسألك، أيتها السيدة العطوف, أن تقبليني في شركتهم, وتقبلي مني هذا الإكرام بإستحقاقات فضائلهم. آمين.
صلاة للروح القدس: هلّم أيها الروح القدس، وأرسل من السماء شعاع نورك. هلم يا أبا المساكين. هلم يا معطي المواهب. هلم يا ضياء القلوب. أيها المعزي الجليل، يا ساكن القلوب العذب، أيتها الإستراحة اللذيذة. أنت في التعب راحة، وفي الحر إعتدالٌ، وفي البكاء تعزية. أيها النور الطوباوي، إملأ باطن قلوب مؤمنيك، لأنه بدون قدرتك لا شيء في الإنسان ولا شيء طاهر: طهَّر ما كان دنساً،أسق ما كان يابساً، أشف ما كان مريضاً، ليّن ما كان صلباً,،أضرم ما كان بارداً، دّبر ما كان حائداً. أعط مؤمنيك المتكلين عليك المواهب السبع، وإمنحهم ثواب الفضيلة، هب لهم غاية الخلاص، وأعطهم السرور الأبدي.
او تتلى الصلاة التالية: يـا روح الله القدوس، يا من جعلتني أرى كل شيئ، وعرّفتني الطريق للوصول الى الـكمال، أنت الذى منحتنـي النعمة الإلهيـة لأسامح ولأتغاضى عن الأساءة التى لحقتنـى، أنت الذى معي فى كل الأحداث الطارئـة فى حياتي، أشكرك على كل شيئ مؤكداً لك مرّة أخرى بأني لا ولن أريد أبداً أن أنفصل عنك مهما كانت مشتهياتي الدنياويـة. أنى أريد أن أكون معك ومع محبّيك فى الأمجاد السماويـة الأبديـة، فأشكرك على حبّك لي وللذين أُحبّهم بالمسيح يسوع ربنا لأن لك الـمُلك والقوة والـمجد إلى الأبد. آمين.
فعل الندامة: يا ربي وإلهي, أنا نادم من كل قلبي, على جميع خطاياي, لأنه بالخطيئة
خسرت نفسي والخيرات الأبدية, وإستحققت العذابات الجهنمية.وبالأكثر أنا نادم, لأني
أغظتك وأهنتك, أنت يا ربي وإلهي المستحق كل كرامة ومحبة. ولهذا السبب أبغض الخطيئة فوق كل شرّ. وأريد بنعمتك أن أموت قبل أن أغيظك فيما بعد. وأقصد أن أهرب من كل سبب خطيئة, وأن أفي,بقدر إستطاعتي, عن الخطايا التي فعلتها. آمين.
قانون الإيمان: نؤمن بإله واحد, آبٍ ضابط الكل, خالق السماء والأرض, كلما يرى وما لا يرى,
وبرب واحد يسوع المسيح, إبن الله الوحيد, المولود من الآب قبل كل الدهور, نور من نور, إله حق من إله حق, مولود غير مخلوق, مساوٍ للآب في الجوهر, الذي به كان كل شيء. الذي من أجلنا نحن البشر, ومن أجل خلاصنا نزل من السماء,وتجسد من الروح القدس, ومن مريم العذراء وتأنس. وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي, تألم وقبر, وقام في اليوم الثالث, كما في الكتب. وصعد إلى السماء, وجلس عن يمين الآب, وأيضاً سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات, الذي لا فناء لملكه. وبالروح القدس. الرب المحيي, المنبثق من الآب والإبن, الذي هو مع الآب والإبن يسجد له ويمجد, الناطق بالأنبياء. وبكنيسة واحدة, جامعة, مقدسة, رسولية. ونعترف بمعمودية واحدة, لمغفرة الخطايا, ونترجى قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي. آمين.
الصلاة الربيّة: أبانا الذي في السماوات, ليتقدَّس إسمُكَ, ليأت ملكوتك, لتكن مشيئتك,
كما في السماء كذلك على الأرض, أعطنا خبزنا كفافَ يومنا, واغفر لنا خطايانا, كما نحنُ نغفر لمن أخطأ إلينا. ولا تُدخلنا في التجارب, لكن نجِّنا من الشرير. آمين
السلام الملائكي: السلام عليك يا مريم, يا ممتلئةً نعمةً, الربُّ مَعَك, مباركةٌ أنتِ في النساء, ومباركةٌ ثمرةُ بطنكِ سيدُنا يسوعُ المسيح – ياقديسة مريم ياوالدة الله, صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة, الآن وفي ساعة موتِنا. آمين.
المجد: المجد للآبِ والابن والروحِ القدُس – كما كان في البدء والآن وعلى الدوام وإلى دهر الداهرين. آمين
يا يسوع الحبيب: يا يسوع الحبيب, أغفر لنا خطايانا, نجّنا من نار جهنم، وخُذ إلى السماء جميع النفوس, خصوصًا تلك هي التي بأكثر حاجة إلى رحمتك. آمين.
صــلاة
أيّتها العذراء مريم، يا سلطانة الورديّة المقدّسة، يا من تحقّقت فيك جميع النبوءات وتحقّق وعد الله
للبشر. فتشرّفت بحمل الإله مخلّص العالم وقدس الأقداس، وكنت له أمًّا حنونة رافقته طوال حياته على الأرض: فرحت بفرحه وحزنت بحزنه وتمجّدت بمجده.
استحققت أن ندعوك شريكة في فداء العالم وخلاصه. فكنت أمًّا لجميع البشر منتَخَبة من الله لتكوني رسولة محبّة وسلام لأبنائه، تحقّقين رغبته وهي إنهاض البشر من الخطيئة وإزالة روح الشرّ من النفوس. أدركت سرّ الفداء فكان خلاص البشر عنوان رسالتك الطويلة وأسرعت بكلّ غيرة لإنقاذ أولادك من براثن الخطيئة. كيف لا! ولأجل ذلك تألّم ابنك ومات وتألّت معه. كانت جراحاته تطعن قلبك الطاهر الذي ما برح ينـزف دمًا بسبب خطايا العالم ومعاصيه، هذا العالم الذي يميل نحو الشرور ويسير بعكس إرادة الله ومشيئته.
ولكنّكِ الأم الشفوق الغيورة على خلاص أبنائك لا تريدين أن يهلك أحد منهم، فكانت ورديّتك التي تجسّد محبّتك لنا، سلاحًا لمحاربة الشرّ، عندما أصبح العالم ينهار رازحًا تحت نير الخطيئة.
نسألك أيتها الأم العطوف أن لا تدعينا نهلك وكوني لنا العون الدائم، واطلبي لنا من الله الرحمة والصفح عمّا فعلت أيدينا من مآثم. وكما استمعت لتضرّعات القدّيس عبد الأحد نسألك أيضًا أن تقبلي تضرّعاتنا، وتساعدينا أن نسير على خطاه، فنجعل من ورديّتك المقدّسة سلاحنا الدائم ضدّ كلّ الأخطار وتجارب الشرير. فنصلّيها بكلّ خشوع وحبّ لكي نستحقّ أن ننال بها شفاعتك وحبّك وحنانك وعطفك.
أيتها الأم الرؤوف كوني دومًا معنا ليكون السلام في بيوتنا ومجتمعاتنا، سلام المسيح الذي أحبّ العالم محبّة لا متناهية، فدفع ثمن خلاصه دمه وحياته.
اجعلينا يا مريم أن نسلك طرق الربّ القويمة وكوني شفيعتنا رغم تناسينا لك، لأنّنا ضعفاء، قوّينا
بقوّة الروح القدس الذي حلّ عليك، فنكون رسلاً وشهودًا لكلمة الله القدّوس نحملها في قلوبنا وتكون الوحيدة على ألسنتنا لأنّ لا شيء أرفع وأسمى وأقدس منها.
عرّفينا يا أمّنا حقارة الأرض وبهاء السماء، لندرك مدى السعادة التي تنتظرنا. فيكون هذا العالم
فقط مسرح جهاد يوصلنا للملكوت حيث السعادة الحقيقيّة بقرب خالقنا. فنستحقّ أن نشاهد مجده
وعظمته، ويكون لنا شرف تسبيحه وتمجيده برفقة الملائكة والقدّيسين إلى دهر الدهور. آمين.
كيفية تلاوة المسبحة الورديـة
رسم إشارة الصليب
صلاة للروح القدس
فعل الندامة
تلاوة قانون الإيمان
التقدمة فى بدء تلاوة المسبحة
على الحبّة الكبيرة تحت الصليب، صلاة “الأبانا”
على الحبة الأولى من الحبات الثلاث: السلام للأب الذى خلقنا ثم السلام عليك يا مريم..
على الحبة الثانية: السلام للإبن الذى فدانا ثم السلام عليك يا مريم……….
على الحبة الثالثة: السلام للروح القدس الذى يحيينا ثم السلام عليكِ يا مريم…
المجد للآب والإبن والروح القدس – كما كان في البدء والآن وعلى الدوام وإلى دهر الداهرين. آمين
(ثم تتلى أسرار الوردية: الفرح، النور، الحزن، المجد. وعلى كل سر من الاسرار العشرين، نصلي “الأبانا” مرة، و”السلام” عشر مرات، و”المجد” مرة واحدة. هذا ويمكننا في نهاية كل سر أن نضيف بعد “المجد للآب” الصلاة التي علّمتها العذراء للأولاد الثلاث في فاطمة:”يا يسوع الحبيب، اغفر لنا خطايانا، نجّنا من نار جهنّم والمطهر، وخذ الى السماء جميع النفوس، خصوصاً تلك التي هي بأكثر حاجة الى رحمتك”).
صلاة: يا سُلطانة السماء والأرض، ألجالِسَة في حَضرَة المَلِك السَّماويّ، إقبَلي مِنّا هذا التَكريم، بِمَقام القُربان المَقبول لَدَيكِ ولدى يسوع ابْنِك. وأرسِليإلَينا نِعمَة الغُفران الكامِل على جَميعِ خَطايانا، ووَفِّقينا أن نَخدُمَكِ ونَعبُد إبنِك بِخُلوص المَحَبّة والغَيرة، مِن صَميم القَلب، بِواسِطَة هذه المَسبَحة الوَرديَّة، إلى النَفَس الأخير. وفي ساعَة مَوتِنا أحضَري عِندَنا، أيَّتُها الرَحومَة الشَفوقة، واطْرُدي عَنّا مَحافِل الجِن الخُبَثاء. ونَجّينا من العُقوبات الجُهَنَّميّة والمَطهَريَّة بِما أنَّكِ حِمايتنا. ونَوِّري عُقول المَسيحيِّين، وردّي الضالّين مِنّا إلى حَظيرَة الخِراف الناطِقَة، أعني بيعَة السَيِّد المَسيحيّة الحَقيقيّة، الجامِعَة، الرسوليّة. لِكَي بِرأيٍ واحِد وَفَمٍ واحِد، نُعَظِّمكِ ونُمَجِّد الثالوث الأقدس:
الآب والإبن والروح القُدُس، الآن وإلى أبَد الآبدين. آمين.
– يا رَبّ إستَمِع صَلاتي.
– وَصُراخي إلَيكَ يأتي.
– فَلْتَستَرِح نُفوس المَوتى المؤمِنين.
– بِرَحمَة الله والسَّلام. آمين.
س : تضرعي لأجلنا يا والدة الله القديسة
ج : لكي نستحق مواعيد المسيح
طلبـة العذراء مريـم الـمجيدة
كيـريـاليسون كريستياليسون (2)
يـا ربنـا يسوع الـمسيح أنصت إلينـا
يـا ربنـا يسوع الـمسيح إستجب لنـا يا رب
أيهـا الأب السـماوي ارحـمنـا يارب
يـا إبـن اللـه مخلص العالم ارحـمنـا يارب
أيهـا الروح القدس اللـه ارحـمنـا يا رب
أيهـا الثالوث القدوس الإلـه الواحد إرحـمـنـا يارب
يـا قديسـة مريـم صلـى لأجلنــا
يـا والدة الله صلـى لأجلنــا
يـا عذراء العذارى صلـى لأجلنــا
يـا أم سيدنـا يسوع الـمسيح صلـى لأجلنــا
يـا أم النِعمـة الإلهيـة صلـى لأجلنــا
يـا أمـا طـاهـرة صلـى لأجلنــا
يـا أمـا عفيفـة صلـى لأجلنــا
يـا أمـا غيـر مدّنـسة صلـى لأجلنــا
يـا أمـا بغيـر عيب صلـى لأجلنــا
يـا أمـا حبيـبة صلـى لأجلنــا
يـا أمـا عجيـبـة صلـى لأجلنــا
يـا أم الـمشورة الصالـحـة صلـى لأجلنــا
يـا أم الخـالـق صلـى لأجلنــا
يـا أم الـمخلّص صلـى لأجلنــا
يـا أم الكنيسة صلـي لأجلنــا
يـا بتولا حـكـيـمة صلـى لأجلنــا
يـا بتولا مـكّرمـة صلـى لأجلنــا
يـا بتولا مـمدوحـة صلـى لأجلنــا
يـا بتولا قـادرة صلـى لأجلنــا
يـا يتولا حنـونـة صلـى لأجلنــا
يـا بتولا أمـينـة صلـى لأجلنــا
يـا مرآة العـدل صلـى لأجلنــا
يـا كرسي الحـكمة صلـى لأجلنــا
يـا سبب سرورنـا صلـى لأجلنــا
يـا إنـاء روحيـا صلـى لأجلنــا
يـا إنـاء العِبـادة الجليلـة صلـى لأجلنــا
يـا وردة سـرّيـة صلـى لأجلنــا
يـا أرزة لبنـان صلـى لأجلنــا
يـا برج داود صلـى لأجلنــا
يـا برج العــاج صلـى لأجلنــا
يـا بيت الذهـب صلـى لأجلنــا
يـا تابوت العـهـد صلـى لأجلنــا
يـا باب السـماء صلـى لأجلنــا
يـا نجـمة الصـبح صلـى لأجلنــا
يـا شفـاء الـمرضى صلـى لأجلنــا
يـا ملـجـأ الخطـأة صلـى لأجلنــا
يـا معـزيـة الحزانـى صلـى لأجلنــا
يـا معونـة النصارى صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الـملائكـة صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الأبـاء صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الأنبيـاء صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الرسـل صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الشهـداء صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة الـمعتـرفيـن صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة العذارى صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة جمـيع القديسيـن صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة السـموات والأرض صلـى لأجلنــا
يا سلطانة حُبل بهـا بلا دنس الخطيئة الأصلية صلى لأجلنـــا
يـا سلطانة إنتقلت للسماء بالنفس والجسد صلى لأجلنـــا
يـا سلطانـة الورديـة الـمقدسة صلـى لأجلنــا
يـا سلطانـة العـائلات صلـى لأجلنــا
يا سلطانة جميع الشعوب صلي لأجلنا
يـا سلطانـة السـلام صلـى لأجلنــا
يـا حـمل اللـه الحامـل خطايـا العالـم انصت الينـا
يـا حـامـل اللـه الغافـر خطايـا العالـم استجب لنا يارب
يـا حمل اللـه الرافـع خطايـا العالـم ارحمنـا يارب
كيـريـاليسون كريستياليسون كيـريـاليسـون.
Comments are closed.