لذكرى مجزرة المرفأ
نورسات الاردن / د.جلال فاخورى
على الرغم من صغر مساحة لبنان وعدد سكانه إلا أنه من أكثر المجتمعات الشرق أوسطيه حضارة وتطوراً وتعاملاً وتكيّفاً مع الحياة. فاللبنانيون يحبون الحياة ويتعاملون معها بسبب توارثهم لحياة الفينيق الذين أرسوا للبشرية والتاريخ حضارة وإرثاً مادياً تقليدياً وسياحياً سيبقى خالداً، وحرص اللبنانيين على أن تبقى حياتهم ممتعة لكونهم بلداً سياحياً، لذلك يحرصون دائماً على نقل الحياة الجميلة للأجيال رغم أن تواجدهم في بلاد الإغتراب أضفى على سمعتهم التاريخية نوعاً من الجمال لا يضاهى.
لكنّ المآسي والحروب لاحقتهم منذ زمن طويل فمن حرب الجبل الأهلية بين الدورز والمسيحيين سنة 1840 والحرب الأهلية سنة 1975 وحروبهم مع إسرائيل سنة 1982 و1989، 2002، 2006 حيث تقُّض هذه الحروب مضاجعهم في كلِّ مرة وينهضون كالفينيق. في 4 آب 2020 استفاق اللبنانيون على تفجير مرفأ بيروت الذي يعتبر من أنشط وأكثرحركة من كافة المرافأ العربية. من هنا يمكن القول أنّ التفجير وليس انفجار مرفأ بيروت أحدث كارثة لبنانية وكارثة عربية انعكست على العالم سوءَ لا كمرفأ نشط فقط بل كإدارة لبنانية تنشر الروح اللبنانية في العالم كإكسير يستوجب استيعابه.
من ناحية أخرى أتى تفجير مرفأ بيروت في ظروف لبنانية بالغة السوء فأحدث كارثة نفسية لدى الناس سواء من ناحية القتلى والمصابين أو من ناحية ما يسببه التفجير من انعكاس مالي سيء على حالة سيئة ابتداء. أما من ناحية الإنفجار فأنا لا أستبعد نظرية يد خارجية لها مصحلة في التفجير لتُتهم بها فئات لبنانية تحافظ على لبنان أكثر من نفسها. وثمة أمر آخر بالغ الحساسية وهو بعد مرور سنة كاملة على التفجير لم يصل التحقيق إلى خيوط، فماذا هناك؟ ولماذا لا يستطيع القضاء التوصل إلى خيوط؟ ولماذا يُستبدل القضاة المحققين واحداً بعد الآخر؟ ولماذا حينما استدعي بعض المسؤولين للتحقيق اختفى التحقيق؟
فمن وراء تدمير حضارة لبنان؟ ولمصلحة من يتم تدمير اقتصاد لبنان؟ ولماذا لم يشار في التحقيق إلى إمكانية وجود أجندة خارجية تلعب سلباً؟ ولماذا يُسمح للغرب بالتدخل في الشؤون اللبنانية وفرنسا وأمريكا والخليج وإيران وتركيا؟ ولماذا تُتهم فئات لبنانية دون سواها؟ هل لسلاحها أم لنفوذها أم لولائها للغرب؟ إن النظام اللبناني غامض ويستدعي النظر باتفاقية الطائف وجدّه، ولماذا لم يتم توجيه التهم إلى الدول المعادية؟ ومن المؤلم أن التفجير ترافق مع أزمة لبنان السياسية والمالية مما يزيد الشكوك على أن التفجير ذا أهداف سياسية سيئة.
Comments are closed.