الاب جهاد يعود إلى الرقة رغم المصير المجهول لسلفه المختطف

نورسات الاردن

“إبقاء اليد ممدودة دوماً نحو العالم الإسلامي وبناء جسور تناغم كي نشهد للعالم أن العيش معاً وبسلام بين أشخاص مختلفين ليس فقط ممكنا لكنه أيضا أمر جميل”. هذا ما جاء في رسالة للرئيس الجديد لجماعة دير مار موسى في سورية الأب جهاد يوسف سلط من خلالها الضوء على معنى وغاية الرسالة التي يقوم بها.

مما لا شك فيه أن الأب جهاد يسعى جاهداً إلى متابعة الرسالة التي أطلقها في سورية الكاهن اليسوعي الإيطالي الأب باولو دالوليو، الذي اختُطف في مدينة الرقة لثماني سنوات خلت، وبالتحديد في التاسع والعشرين من تموز يوليو عام ٢٠١٣ ولم يُعرف عنه شيء لغاية اليوم.لمناسبة انتخابه على رأس هذه الجماعة الديرية أجرت وكالة الأنباء الكنسية الإيطالية “سير” مقابلة مع الأب جهاد يوسف شدد فيها على ضرورة إتمام مشيئة الله والحفاظ على الكاريزما الذي تميّز به الأب باولو دالوليو، لافتا إلى أن هذا هو الالتزام المشترك لجميع الرهبان والراهبات المنتمين إلى جماعة دير مار موسى. وأضاف أن الجماعة الديرية تواظب على الصلاة مع العالم الإسلامي ومن أجله، تحركها الفضولية الروحية، كي تفهم كيف يمكن للمسلمين أن يقتربوا من الله وكيف يمكننا كمسيحيين أن نشعر بالانتماء إلى مسيرة الحج المشتركة.الأب يوسف وهو سوري الجنسية، وسيرأس على مدى السنوات الثلاث المقبلة هذه الجماعة الديرية التي تتألف من أربعة رهبان وأربع راهبات فضلا عن راهب واحد متبدئ، ويتوزع هؤلاء على ثلاثة بلدان إذ يقيمون في دير مار موسى الواقع في قرية النبك السورية وفي دير العذراء القديسة في السليمانية بكردستان العراق، وأيضا في دير المخلّص في بلدة كوري بمحافظة لاتينا الإيطالية.في حديثه لوكالة الأنباء “سير” قال الأب يوسف إنه عندما ترك بيته كان يرغب بشيء واحد، ألا وهو أن يصبح راهباً، ولم يطمح يوماً لأن يكون رئيساً لجماعة رهبانية. وأضاف أنه خلال المجمع العام وعندما تم التداول باسمه تقبل مشيئة الرب، مدركا أن الخيار الذي اتُخذ جاء ثمرة للصدق والصلاة. ومضى يقول: لقد قبلتُ هذا الأمر وأنا أعي تماما المسؤولياتِ التي تنتظرني: أي أن أكون أباً روحياً لجميع الأعضاء، كما ينصّ النظام الداخلي، وذلك كي يشعر جميع الرهبان والراهبات بأنهم محبوبون، فضلا عن القيام بالمسائل العملية في إطار الحفاظ على روح الجماعة. ولفت إلى أن عدد هؤلاء الرهبان والراهبات ضئيلٌ قياساً مع الواجبات المطلوبة داخل الدير، لذا يتم توزيع المسؤوليات على الجميع. وتوقف بعدها عند عملية الانتخاب قائلا إنها تأتي نتيجة لخيار “ديمقراطي” الذي يُبرز حرية الضمير التي لا تعني أنه يحق لكل فرد أن يفعل ما يشاء، لأننا نتحدث عن ديمقراطية الإصغاء وتمييز علامات الأزمنة واحتياجات الجميع ومختلف الأوضاع. إنها ديمقراطية تُعنى بما يريده الله وبحاجات الأخوة والأخوات.ردا على سؤال حول أبرز التحديات التي تواجهها الجماعةُ بعد الجائحة، ذكّر الأب يوسف بأن الأولوية بالنسبة لجماعة دير مار موسى هي الناس على اختلاف تنوعهم وظروف حياتهم. وقال: نود أن نقدم مجدداً للشبان والعائلات والرعايا خبرات المقاسمة والعمل اليدوي والتواصل مع الطبيعة، والحوار الفكري والصمت والصلاة، وذلك كي يكون الخير العام في صلب حياة كل شخص. وأضاف أن جماعة دير مار موسى ملتزمة في الحفاظ على التنوع البيولوجي في المنطقة وفي مكافحة ظاهرة التصحّر، موضحا أنه يتم العمل حاليا – بالتعاون مع بلدية النبك وإحدى المنظمات غير الحكومية – على احتواء مكب للنفايات، خرج عن السيطرة خلال الحرب.هذا ثم عبر الأب جهاد يوسف عن أمله بأن تستطيع الجماعة الديرية أن تستضيف الزوار والحجاج في أقرب فرصة ممكنة فضلا عن استئناف الدورات الدراسية والتأملات مع المسلمين والتي بدأت منذ سنوات، وقد توقفت بسبب الحرب أولا ثم نتيجةً لجائحة كوفيد. ولفت إلى أنه في كردستان العراق تمكنت الجماعة – خلال الجائحة – من إطلاق منتدى عبر الإنترنت، وهي تعمل أيضا على مشروع تأسيس مكتبة تفتح أبوابها لجميع الباحثين. وهي رسالةٌ بالغة الأهمية في مناطق تعيش أوضاعاً من الهشاشة كسورية وكردستان العراق. ولم يُخف وجود بعض العراقيل التي أدت إلى نشوب الحرب، هذا فضلا عن الصعوبات الاقتصادية التي تنال من كرامة الأشخاص، لافتا إلى أن هذه المجتمعات المتعددة الأعراق والثقافات والديانات تفتقر إلى الثقة بالمستقبل. وهذا الأمر ينطبق على الشباب بنوع خاص الذين يطرحون أسئلة بشأن مستقبلهم، لا يجدون أجوبة ملائمة لها.

وذكّر الأب جهاد يوسف – في ختام حديثه لوكالة الأنباء الكنسية “سير” – بأن سورية تعاني من البطالة والعقوبات الدولية ومن تواجد القوات الأجنبية على أراضيها، كالأمريكيين والأتراك والروس والإيرانيين والأكراد. أما كردستان العراق فيعاني، شأن سورية، من آفة الفساد ومن مشاكل في العلاقات ضمن النسيج الاجتماعي. وإزاء كل الصعوبات والتحديات – ختم قائلا – لا بد أن نفهم ما هي مشيئة الرب كي نتكمن من ترجمتها على أرض الواقع من خلال مشاريع وبرامج ملموسة

Comments are closed.