العفة والبتوليّة جزء سابع

نورسات الاردن


اعداد راهبات دير مار يعقوب

البتوليّة قبل السّقوط
لقد دعا الله الإنسان بعد أن رتّب له الخليقة تحت سلطته لمشاركته في حياته، لأنّ الإنسان إنّما هو صورة وعمل الطّبيعة الإلهيّة كما يقول الكتاب المقدّس: “وخلق الله الإنسان على صورته ومثاله”. إنّ النّقاوة هي التّشابه الرّئيس بين الله والإنسان
.

فالطّهارة الفردوسيّة لأوّل زوج مثال على ذلك. فآدم وحوّاء لم يولدا من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل. لم يرثا طبعاً فاسداً من طبيعة سابقة لهما. إنّما خلقهما الله شيئاً جديداً لم يتلوّث من قبل وبالطّريقة التي أرادها لهما الرّبّ. لقد خُلقا على شبهه ولا يمكن أن يكون أعظم من هذا أي أن يكونا على شبه الله في البرّ، في النّقاوة، في القداسة.

كانا كلاهما باريّن بلا خطيئة. كانا في منتهى الجمال جسداً ونفساً وروحاً. فحياتهما إذن كانت حياة ملائكيّة، وهذا دليل على وجود البتوليّة قبل السّقوط لآن آدم لم يعرف زوجته إلا بعد السّقوط.
أثر السّقوط على البتوليّة:
إنّ هذه الحياة الملائكيّة لم تدم طويلاً، لأنّ الشّهوة غرّبتهما بعيداً عن الفردوس أي عن حياة الشّركة مع الله، ففقدت الطّبيعة البشريّة بذلك صورتها الإلهيّة ونقاوتها وبساطتها، وعرفت الخطيئة واختبرتها، ودخلت في صراع بين الجسد والرّوح، وهبطت إلى المستوى الجسدي كثيراً، وأصبح من السّهل أن تخطئ، لا بل أصبحت عبدة للخطيئة تسود عليها الأهواء الشّريرة، فصار الإنسان مائلاً نحو الشّر والكبرياء والاشتهاء،

ولحقه الألم والموت كما يقول القدّيس غريغوريوس النّيصصي: “إنّ الثّوب الذي ألبسه الله لجدّينا الأوّلين بعد المعصية يرمز إلى الأفكار العالميّة التي إن قُبلت تؤدّي إلى الموت. لأنّ آدم قبل الخطيئة كان عارياً بدون أي خجل أو خوف عائشاً قرب الله”.

ثم يتابع النّيصصي قوله: “لذلك كان زواج آدم وحوّاء آخر مرحلة من مراحل بعدهما عن الفردوس بعد ظهور الأهواء، كما قلنا، وأصبح هذا الزّواج مقترناً بالموت الذي لم يكن موجوداً في طبيعة الإنسان. لأنّ الله لم يخلق الموت ولكنّ الإنسان هو الذي أوجده باختياره عندما خالف وصيّة الخالق”.
منقول من مجلة التراث الأرثوذوكسي

Comments are closed.