سيد الفاتيكان ببودابست
نورسات الاردن: د. جلال فاخوري
خرج البابا فرنسيس من العملية الجراحية في الأمعاء قبل شهرين، ولا يزال في طور التعافي، والبابا فرنسيس ومنذ توليه سلطاته البابوية قبل سنوات يحاول أن يزور كل بلدٍ فيها مسيحيين من منطلق المسؤولية عن رعايا الفاتيكان وحرصه الشخصي على التعاون والوفاء للكنيسة في العالم مصداقاً لقول السيد المسيح: أنتم نور العالم وملحه، وبحسب قول بولس الرسول: عليكم يقع تعريف العالم وتشجيعة على الإيمان.
ومنا هنا كانت زيارات البابا المتعددة والمتنوعة متضمنة المهرجانات العالمية التي ابتدأها قداسة القديس الراحل البابا يوحنا بولس الثاني، وفي كل بلد يزوره سيد الفاتيكان يقول كلاماً رعوياً لاهوتياً مضفياً على رسائله روحاً فلسفية بالغة، وعبارات وخطابات البابا للعالم هي رسائل رسولية تنمِّي في الإنسان روحاً سماوية أرادها الله للبشر عن طريق الفاتيكان.
فالإنسانية المعذّبة إذ تعاني من الألم والجوع والمرض وغياب الأخلاق المسيحية تبعث على التثوير أي تثوير الروح الإنسانية ضد الإضطهاد والتجاهل والقهر وحرمان الحرية والتعامل مع البشر كمخلوقات دونية، وهذا يعني رفع سوية البشرية إلى المرتبة التي خلقه الله بها. فالقهر والإضطهاد والجوع والمرض والإستعباد هي مسائل خارج الدائرة الإنسانية وهي تفتيت للروح الإنسانية وعبودية مضى عهدها وأصبحت من مخلّفات الماضي وتحطيم للروح الشخصية الإنسانية وهي تثوير ضد الكرامة الإنسانية. ولا يفوت الخطابات البابوية التعريف بروح المسيح كيف تعامل مع بطرس حين أنكره ثلاث مرات، وكيف أنمى روح الإيمان لدى جميع من أعجزهم المرض أو الموت، وكيف تعامل السيد المسيح مع يهوذا الذي أسلمه لأعدائه وباعه بأرخص الأثمان. فحين يتكلم البابا عن الإنسانية يُرسل للأقوياء في العالم برسائل أنَّ الضعفاء والفقراء والمقهورين هم سادتنا كما يقول مار منصور وهم رعاتنا كما يقول البابا فرنسيس.
إن استمرار تذكير البابا العالم بالمضطهدين والجياع والعطاش لأجل البّر، هُم من تجسّد السيد المسيح لأجل أن يؤمنوا بأّنّ لهم راعٍ صالح هو المسيح، وأن الإضطهاد لا يدوم ومن يقهر ويحرم الجياع من الحياة ليس بمسيحي، وأنّ حرية الناس مستمدة من السماء والإستكبار هو اضطهاد مبطّن وأن القهر هو عبودية غير معلنة.
فالمسيحية هي تحرير للإنسان من عبودية الشّر والخطيئة وهي سيف الله في الأرض وسمو المسيحية هو سمو للإنسانية. جدير بالذكر أن هنغاريا الأرثوذكسية ليست ذات سمعة واسعة كبولندا ورومانيا وتشيغوسلفاكيا، لذلك يدعو البابا إلى الإنفتاح على العالم أو التعامل مع الغير على أساس النّد، ولدى البابا فرنسيس عقيدة الشمولية المسيحية، ولا ينظر إلى الكاثوليكية نظرة خاصة دون غيرها. من هنا يُعتبر البابا فرنسيس من البابوات ذوو النظرة الشمولية الإنسانية.
البابا فرنسيس يسير على خطى القديس البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وهو يسير بدوره على طريق القداسة. فطوبى للمسيحي الذي يعيش للمسيح بكل جوانحه.
Comments are closed.