التعليم العالي اشكالية قديمة حديثة
نورسات الاردن / د. جلال فاخوري
قبل حوالي عشرين عاماً دَعى صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بإعادة النظر بنظام التعليم في الأردن خاصة التعليم العالي، حيث تزداد الإشكالية التعليمية عمقاً وسعَة.
فمشكلة القبول في الجامعات الأردنية الرسمية تُعاني من التعقيد والتعثّر. فتارة تتعثّر بالنسبة إلى علامة القبول، وتارة تتعثر بالنسبة للأعداد الواجب قبولهم في كل جامعة، وثالثة تتعثّر بالنسبة للقبول في التخصصات الطبية والهندسة والصيدلة وطب الأسنان. وهذا التعثّر يعود إلى أسباب هامة لدى لجان القبول الموحّد كل سنة بعد صدور نتائج التوجيهي، إذ يتحدد القبول استناداً للمعدل وهو حق للجامعة أن تحدد مسألة القبول على أساس المعدل، لكن الإشكالية الأعمق أثراً هي في القبول بأقسام الطب والهندسة إذ يحصل الطالب على علامات ومعدّلات متفوقة كثير من الطلبة يزيد بعشرات الأضعاف عن امكانية القبول عدداً.
فجميع المتفوقين خاصة في GC وهو عدد ليس بالإمكان قبولهم جميعا كالطب والهندسة. لذلك، يقع التعليم العالي بحَيرة بين القبول غير المعقول ويفوق بكثيرٍ عن الواجب قبوله وبين المتفوقين الذين يحصلون على علامات كاملة تقارب المائة بالمائة أو تنقص علامات قليلة عن المئة أي ما يفوق 95%-100%، والكل من التفوقين يرغبون بدخول أقسام الطب والهندسة، وهذه إشكالية توال تعقّدها سنة بعد أخرى، فأعداد المتفوقين في تزايد وارتفاع ويفوق معدلات قبولهم في أقسام الطّب. فما الحل لدى التعليم العالي التي لجأت إلى مسألة إعادة فحص القبول لغربلة أعداد المتفوقين. ففي هذا العام بلغ عدد الحاصلين على 100% علمي مائة طالبة، وكلهم يريدون الطّب وليس من إمكانية لدى الوزارة إلا قبول نسبة 5% من هذا العدد الكبير. فكان الفحص لغايات تأكيد التفوق هو فحص آخر.
التعليم العالي في الأردن اشكالية عميقة مستمّرة منذ سنوات والكّل يتحدث عنها، والإعلام يركز عليها. فما الحل لإشكالية لا سبيل إلى حلّها وأعداد الأطباء المتخرجين من أقسام الطب يزداد بطالة ولا عمل لهم؟ وقد طَرَحت الوزاء منذ سنوات مسألة التخصص على أساس حاجة السوق العربية، لكنّ هذا الحل لم يجد طريقه للطلبة، وقد طرحت مسألة زيادة عدد الجامعات الرسمية التي يجب تدرس الطب وأن لا يقتصر على جامعتين هما الأردنية والعلوم والتكنلوجيا، لكن البطالة في أعداد الخريجين تتزايد واصبحت مشكلة باتت تشكّل إشكالية مستعصية، فما الحلن والتوج للمهن والحرف يشكل عقدة لدى أولياء الطلبة المتفوقينظ فهل من المعقول أن يدرس الطالب الطب ويعمل بالتجارة أو الميكانيك أو الحرف اليدوية؟ إن مجتمعنا الأردني ضيق ولا يستوعب هذه الأعداد، وأعتقد أن تحديد أعداد المتفوقين قد يستثمر بالصناعة والزراعة وحث الدولة على التفكير بهذه المسالة لأننا في حاجة إلى زارعيين وصناعيين أكفياء.
Comments are closed.