عيد الصليب ويوم الكفارة
نورسات الاردن
من الممكن ان يكون الصليب عند البعض مجرد رمز انتماء الى الديانة، او سبب افتخار دون ان نعطي المجد الحقيقي لمن رُفِعَ ولُعِنَ عليه.
يحتفل العالم المسيحي بتاريخ 9/14 من كل سنة بعيد الصليب. فنرى من يرفع الصليب على بيته او الشرفة الامامية الظاهرة للجميع، وهناك من عنده العادة بحمل الصليب على اليد او العنق. طبعا لا مانع بذلك اذا كان الدافع هو الايمان الحقيقي بالله، وفهم المعنى الحقيقي للصليب وعُمق ما يقدمه لنا.
هل الصليب وما يحمل معنى روحي هو فقط انتماء لدين او افتخار باطل، كأني انا وحدي انتمي له من دون غيري، بل ومن الممكن ان يصبح اداة يُساء استخدامها كما حدث بالماضي من حروب بشرية باسم الصليب؟!
ان نذكر حدث جليل وهام في حياتنا، لهو امر جميل ومشجع، مثل ذكرى الصليب ومعناه الروحي لنا في يوم 9/14، او ذكرى تاريخ ميلاد شخص ما في تاريخ 9/15 مثلا، لكن ان لم نُدرك المعنى الروحي للصليب، تبقى الذكرى خالية من كل عمل روحي في حياتنا، وبدون اي تأثير على توبتنا وخلاصنا الابدي.
وان كان ذكرى ميلاد شخص ما تقتصر على التبريكات والمعايدات يوم ميلاده، ونسينا الشخص طوال ايام السنة، هل يكون لهذا اي تأثير او عُمق لهذه العلاقة والشركة معه؟!
يعلمنا الكتاب المقدس ان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، اما عندنا نحن فهو قوة الله للخلاص لكل من يُؤمن.
لان يسوع المسيح لم يتجسد لكي يُؤسس له ملكوت ارضي، وان يكون ملك صاحب جيوش ونفوذ بشري، لم يأتي لكي يغتصب الارض والممالك، بل جاء ملكًا سماويًا، لكي يُعلن لنا قلب ومحبة وخلاص الله الآب القدوس لكل من يؤمن، من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة، لانه ليس عنده محاباة.
جاء يسوع الى ارضنا، تألم معنا بل وبكى ايضا، اضطرب بالروح وحزن وجاع وعطش وجُرب من الشيطان، كل هذا من اجلي واجلك، واعظم ما اكمله يسوع هو عمل الفداء والكفارة على الصليب، لانه اخذ خطايانا بجسده على عود الصليب، سفك دمه الكريم الثمين لكي يغفر خطايانا، مات لكي يعطينا حياة وقام لكي يبررنا امام الله الآب القدوس.
فهو الذي دعانا بان ننكر ذواتنا، ونحمل صليبنا ونتبعه، ننكر ذواتنا وافكارنا وشهواتنا وكبريائنا، نحمل صليبنا لكي نموت نحن ويحيا هو فينا، ونتبعه كل يوم من ايام حياتنا، ليس فقط في شهر او تاريخ معين، ان كان 9/14 بذكرى عيد الصليب، او 9/15 بذكرى ميلاد احدنا، ولا حتى 9/16 فقط، الذي هو “اقدس” يوم في السنة، لان الله لم يُقدس لنا تاريخ او شهر او سنة، بل دعانا بان نقدس نحن الرب الاله في قلوبنا، نفهم معنى الصليب الحقيقي انه التوبة من الخطايا، للخلاص والحياة الابدية في قلوبنا اليوم، والى ابد الآبدين معه في السماء يوم مجيئه الثاني.
البعض يذكر تاريخ 9/16 يوم خاص للغفران ونوال رضى الله عن الخطايا والزلات!!
لكن الله الآب يقبلنا كل يوم من ايام السنة، اذا قدمنا توبة حقيقية وايمان صادق بشخصه المبارك الكريم.
لانه وان كان في القديم، كان يدخل رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة، يوم الكفارة، الى قدس الاقداس امام الله، بعدما قدم الذبيحة عن نفسه وعن الشعب، لكننا اليوم في عهد النعمة، نعمة المسيح، لنا الثقة بالدخول الى الاقداس كل يوم، كل صباح وكل مساء بل في كل لحظة، لان الهنا هو الحي الى ابد الآبدين، كان ميتًا ولكنه قام، وهو الان جالس عن يمين الآب يشفع في القديسين، ويصلي لنا ليل نهار لعلنا نسمع صوته ونحمل صليبنا ونتبعه كل ايام حياتنا على الارض.
نعم انه يسوع المسيح الرب، السيد، ملك الملوك ورب الارباب، رئيس ملوك الارض، الذي في ايام تجسده على الارض كان الحمل الوديع الذي رفع خطية العالم في جسده على الصليب، وهو الان عن يمين الله بصورة حمل شبه مذبوح، لكنه آتٍ عن قريب الاسد الخارج من سبط يهوذا، ليخلص شعبه الى ابد الآبدين ويكونوا معه في السماء.
نحن اليوم في عهد النعمة، نعمة عهد المسيح وعهد الصليب بين الله والناس، عهد دم ابن الله الذي سُفك على الصليب، كذلك نحن في عهد الشفيع والوسيط الواحد بين الله والناس، يسوع، الذي احبنا وسفك دمه من اجلنا، خلصنا، ودعانا لكي نكون ملوك وكهنة لكي نصلي لكثيرين بان يعرفوا الحق الالهي، ان الصليب من دون يسوع وادراك عمل الفداء، لا معنى فيه ولا قوة له.
كذلك لكي ننادي بانه ليس كفارة خارج سفك دم ابن الله يسوع، ومن يرفض هذا الحق الالهي وكلام الرب، لن يفيده تعليق الصليب فوق البيوت او الصدور، ولا حتى ذكرة يوم او تاريخ معين مع الاصوام والصلوات…!!!
صلاتي لنا جميعا ان نُدرك عمق معنى الصليب لنا جميعًا، وبان الكفارة الوحيدة هي من خلال يسوع المسيح ابن الله له كل المجد، لكي نذكر صليبه وكفارته كل ايام حياتنا على الارض، ونكون معه في السماء الى ابد الآبدين، عند مجيئه الثاني، آمين.
Comments are closed.