الوقاحة أمام الله
نورسات الاردن
بقلم الأب سامي حلّاق اليسوعيّ
إنتشر منذ فترة مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعيّ يصوّر امرأةً متألّمة تشكي آلامها لصديقتها وتبكي. وحين انتهت من كلامها سألتها صديقتها: ما نوع الكحل الذي تضعينه. أنتِ تبكين منذ ساعة والكحل لا يسيل على جفنيكِ.
ربّما غاية المقطع هي الضحك. وموضوع الضحك هو وقاحة الصديقة. وفي إنجيل اليوم، نجد الوقاحة نفسها. كان يسوع يبشّر في الجليل. لقد كرّس حياته لهذا التبشير. لكنّه الآن يشعر بأنّ نهايته اقتربت، فمرّ مع تلاميذه بالجليل « ولَم يُرِدْ أَن يَعلَمَ بِه أَحَد، لِأَنَّه كانَ يُعَلِّمُ تَلاميذَه فيَقولُ لَهم: “إِنَّ ابنَ الإِنسانِ سيُسلَمُ إِلى أَيدي النَّاس، فيَقتُلونَه وبَعدَ قَتْلِه بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَقوم”» (مرقس 9: 30-31).
المعلّم يروي لتلاميذه أمرًا جللًا سيحدث، يشكي همّه، يروي قلقه من المستقبل القاتم، لكنّ التلاميذ كانوا يتجادلون: «إذا قُتِلَ المعلّم، مَن منّا سيخلفه؟». إنّهم مثل مَن يجلس مع قريبٍ منازع، ولا يشغل باله سوى قضيّة الميراث من بعده.
في بعض الأحيان يعيش المؤمن هذه الوقاحة أمام الله بطرائق عدّة.
إنّها وقاحة أن أقف أمام الله دومًا وأقول له ما أريده، ولا أسأله أبدًا هل يريد منّي شيئًا.
إنّها وقاحة أن أفعل الخير خوفًا من العقاب وطمعًا بالثواب لا حبًّا بالشخص أو رغبةً بإسعاد قلب الله.
إنّها وقاحة أن أكون حاضرًا أمام الله بجسمي، ولكنّ عقلي منشغل بأشياء أخرى، وكأنّ هذه الأشياء أهمّ من الله الذي أنا حاضر أمامه.
وما الذي فعله يسوع ردًّا على وقاحة تلاميذه؟ إنّه لم يهينهم بالكلام، بل لفت انتباههم إلى ضلالهم، فأوصاهم بالتواضع فهو مفتاح الخدمة النقيّة، وبتبنّي نفسيّة الطفل الذي ينسى كلّ شيءٍ حين يكون حاضرًا أمام ما يحبّه. فبهذه النفسيّة أنسى الأنا أمام الله،. فلنسأل الله هاتين النعمتين: التواضع وقلب الطفل، فبهما نكون أبناء أوفياء لله.
Comments are closed.