يسوع المسيح في فكر القديس فرنسيس

نورسات الاردن

الين كنعان ايليا

بمناسبة المئوية الثامنة على اعتماد القانون الشفهي

في عام 1209 ذهب القديس فرنسيس مع رفاقه إلى البابا إينوشنسيوس الثالث حاملاً معه نهج الحياة الذي إختاره لكى يختمه له البابا. وفي عام 1221 قد اكتمل هذا القانون بعد التعديلات على حسب المجمع اللاتراني الرابع بخصوص سر الإفخارستيا، ومجمع العنصرة الخاص بالرهبنة. إن حياة القديس فرنسيس محورها ومركزها هو السيد المسيح. اذ أراد التشبه بمعلمه. فرنسيس الشاب له طموحاته الشبابية وخاصة الفروسية ولكن السيد المسيح استحوذ عليه ودعاه من وسط الصعوبات والألم ويقول له “ماذا تريد أن تخدم السيد أم العبد”، في تلك اللحظة أنجذب إليه كما يقول إرميا النبي “أستغويتني يا رب فاستغويت قبضت علىَّ فغلبت “) 20 : 7(، ولكن القديس فرنسيس يترجمها بطريقته الخاصة به) الرب قد أوحى إليَّ أن أبدأ حياة التوبة (، أنطلق القديس فرنسيس في حياته الجديدة بيسوع المسيح والكلمة المكتوبة أي الكتاب المقدس، وصلاته الشخصية المنطلقة من حياته الداخلية ويركع أمام المصلوب مصليًا” أيُّها الإِلُهُ السَّامي، الَمجيدُ، أَنِرْ ظُلُماتِ قلبي، أَعطِني إيمانا مُستَقيما ، ورَجاءً ثابتا،ً ومَحَبَّةً كامِلَةً، إحساسًا وإدراكا،ً يا رَبُّ، كَيْ أُتَ ممَ وصيَّتَكَ الُمقَدَّسَةَ والحَقَّة” ف حَ ياة ال تَّو بَةِ ، بالنسبَةِ إِلى فرنسيسَ ، هيَ حب للرَّبِ، وسجود له، وطاعَة لأِوامِرِهِ، بِكلِ القلب.
القاب يسوع عند القديس فرنسيس:
يسوع المسيح هو الكلمة، يوصي القديس فرنسيس: بأن يلتزم خدام كلمة الله في دراسة الأمور دون إنزعاج من الاهتمامات الأخرى.
يسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة وهو الطريق إلى الآب الذي مازال حاضرًا في العالم أي بسر الإفخارستيا ولها مكانة خاصة لدى القديس فرنسيس

يسوع المسيح هو تحقيق مخطط الله الخلاصي، الإنسان الذي بدأ بتجسد الأبن وبالآمه وقيامته. ويتجدد الفصح الذي أحتفل به المسيح يوميًا من خلال سر الإفخارستيا .
يسوع المسيح هو المعطي: يذكرنا القديس فرنسيس في وصيته بأن يسوع المسيح هو مصدر كل عطية، وهو الملهم لحياة القداسة والهبة والنعمة، يقول القديس فرنسيس في وصيته عام 1226 : هَكَذا أَعطاني الرَّبُّ، أَنا الأَخَ فرنسيسَ، أَنْ أَبدَأَ حياة التوبة: إِذْ لَمَّا كُنْتُ في الخَطايا، كانَتْ رُؤْيَةُ البُرْصِ تَبدو لي مُرَّةً جِد اً. وَقَدْ قادَني الرَّبُّ نَفْسُهُ بَيْنَهُم، وَرَئِفْتُ بِهِم. وَلَدَى ابتِعادي عَنْهُم، تَحَوَّلَ ما كانَ يَبْدو ليَ مُراً إِلى عُذوبَةِ الرُّوحِ وَالجَسَدِ؛ وَبَعْدَ ذَلِكَ، بَقِيْتُ قَليلاً ثُمَّ هَجَرْتُ العالَم.
يستخدم القديس فرنسيس “مصطلح هكذا أعطاني الرب” وهى صدي لكلمات الكتاب المقدس التي تقول أسمع يا إسرائيل أو في سفر عاموس يستخدم مصطلح هكذا قال الرب.
وَأَعطاني الرَّبُّ إِيمانا كَبيراً بالكَنائِسِ، وأَعطاني الرَّبُّ، وَلا يَزالُ يُعْطيني، إِيمانا كَبيراً بالكَهَنَةِ الَّذيْنَ يَحْيَوْنَ وِفْقا لِنَهْجِ الكَنيسَةِ الرُّومانِيَّةِ. وَبَعْدَ أَنْ أَعطاني الرَّبُّ إِخْوَةً، لَمْ يَد لَّني أَحَد إِلى ما يَتَوَجَّبُ عَلَيَّ عَمَلُهُ، لَكِنَّ العَلِيَّ نَفْسَهُ أَوْحى إِلَيَّ بِأنََّ عَلَيَّ العَيْشَ وَفْقا لِنَهْجِ الإِنجيلِ المُقَدَّس. يسوع المسيح هو قوتنا وقدرتنا، هو الراعي الصالح، ووحده العلي، والكلي القدرة والصلاح.
يسوع المسيح المتألم هو الذي إحتمل كثيرًا من أجلنا، والذي أنعم بكثير من الخيرات .
ايضًا يسوع الفقير، نرى في وصيته إلى القديسة كلارا وأخواتها عام 1226 يقول: “أنا فرنسيس الأخ الصغير أريد اتباع حياة ربنا العلي يسوع المسيح وفقره هو وأمه الكلية القداسة والمثابرة على ذلك حتى النهاية.
يسوع المسيح كلمة الله المكتوبة :
إن العالِمَ بُول ساباتييه في بحثه حول القديس فرنسيس إكتشف أنّ كلّ سطر كتبه القديس فرنسيس كان إمتدادًا لحدث معين في حياته. هذا القديس لم يؤلف الكتابات في مكتبة، بل بعد تأمل طويل انما ألفها وفقا للظروف الحياتية.
ويقول القديس جيروم:”من يجهل الكتاب المقدس يجهل يسوع”. هذه الكلمات تنطبق على القديس فرنسيس الذي عاش واختبر وتأمل في كلمات الرب يسوع من خلال الكتاب المقدس، اذ هو محور حياة القديس فرنسيس، يقول لنا في القانون الفصل الأول بند 1 :)إِنَّ قانونَ الإِخْوَةِ الأَصاغِرِ وَحَياتَهُم هوَ: حِفْظُ إِنجيلِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ المُقَدَّسِ، بالعَيْشِ في الطَّاعَةِ، وَمِنْ دونِ أَ يِ شَيءٍ خاص، وَفي العِفَّة(.
خبرته بالكتاب المقدس مليئة بالحياة وهو مصدر حياته الروحية، وخبرته مع الكتاب المقدس يستخدمها في كتاباته ورسائله ويقول عن نفسه إنه يعرف الكتاب المقدس غيبًا وحتى إن اللاهوت يون كانوا يُعجبون بالحلول التي طالما أعطاها لمشكلاتهم عبر تفسيره للكتاب المقدس. وكان يفضل كثيرًا إن جيل يوحنا في استشهاداته، وخاصة نصوص غسل الأرجل، الحمل، الراعي الصالح، النور. فالقديس فرنسيس تغيرت حياته بفضل علاقته بالكلمة المكتوبة. فيعيش بكلمات يسوع المسيح التي تدعو إلى التوبة توبوا قد اقترب ملكوت الله. وهنا نرى صدى هذه الكلمات في مقابلته مع الأبرص.
وفي ال رسالَةُ الثَّانيَةُ إِلى المؤمنِينَ) المُناشَدَةُ الثَّانِيَةُ إِلى إِخوَةِ التَّوبَةِ وأَخَواتِه ا عام 1220 (، يصف كلمات الكتاب المقدس أنها عطرة ورائحة جميلة ومليئة قداسة كلمة الله: “بِما أَنَّني خادِمُ الجَميعِ، فَإِنَّني مُلزَم بِخدمَةِ الجَميع ، وبِأنَ أُوَزعَ عَلى الجَميعِ أَقوالَ رَب ي العَطِرَة”.
وفي رسالته إلى كل الرهبنة يذكرنا على الاحترام لسماع الكلمة:” لَدى سَماعِكُم اسمَهُ، اعبُدوهُ بِخَشْيَةٍ وَاحتِرامٍ، ساجِدينَ عَلى الأَرضِ : فَإِنَّ اسمَه هوَ الرَّبُّ يَسوعُ المَسيحُ، وَابنُ العَلِي،ِ الَّذي هوَ مُبارَك في الدُّهورِ، آمين”. وفي نهاية الرسالة يذكر: أَنا، الأَخَ فرنسيسَ، أَصْغَرَ خُدَّامِكُم، أَرجوكُم، وأَتَوَسَّلُ إِلَيْكُم، في المَحَبَّةِ الَّتي هيَ الله،ُ ومَعَ الرَّغْبَةِ في تَقْبيلِ أَرْجُلِكُم، أَنْ تَتَقَبَّلوا، بِتَواضُعٍ ومَحَبَّةٍ، هَذِهِ الكَلِماتِ، وكَلِماتِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ الأخُرى، وأَنْ تُنَفِ ذوها، وتَحْفَظوها. ونرى في و صيته كم من الاحترام والتبجيل لكلمات الرب المكتوبة بالكتاب المقدس نجد في رقم ) 12 ( من الوصية” وَحَيْثُما وُجِدَتْ أَسماؤُهُ وَكَلِماتُهُ المَكتوبَةُ الكُلِ يَّةُ القَداسَةِ، في أَماكِنَ غَيْرِ لائِقَةٍ، أُريدُ أَنْ أَلتَقِطَها، وأَرْجو من الآخَرينَ
أَنْ تُلْتَقَطَ، وَأَنْ تُوْضَعَ في مَكانٍ لائِق، لأنها كلمة الله المكتوبة.
يسوع المسيح في سر الإفخارستيا:
من خلال الرسالة الثانية إلى رجال الأكليروس التي تحث الكهنة على إحترام هذا السر العظيم وخاصة على جميع من يوزعون هذه الخدمات الكلية القداسة ولا سيما أولئك الذين يوزعونها بلا تمييز ويطلب منا التغيير والتجديد والإحترام من أجل هذا السر فيقول ” فلنصلح إذًا ذوا تنا من تلك الأمور ومن غيرها بسرعة وحزم”. هذا هو رد فعل القديس فرنسيس حول سر الإفخارستيا وبحسب تعاليم المجمع اللاتراني الرابع وقرار البابا هونوريوس الثالث عام 1219 حول تجديد وتكريم القربان المقدس.
ونري لنا سيرته كي ف كان القديس فرنسيس يجول حول الكنائس كان يحمل معه مكنسة لتنظيف الكنائس المهملة ويهتم بالمذبح المقدس والأواني المقدسة لأجل جسد الرب ودمه. ويحث الشعب على الإحترام الواجب نحو هذا السر.
وفي رسالته الأولى إلى الحراس عام 1220، يذكر الأكليروس أن يحترموا وبتواضع فوق كل شيء جسد ربنا يسوع المسيح ودمه الكلي القداسة وكلماته المكتوبة التي تقدس هذا الخبز وتحوله، ويوضع في مكان لائق ويوزع على الأخرين بتمييز وإحترام.
وفي رسالته الثانية إلى المؤمنين رقم ) 51 – 53 ( وعندما نكون مستعدين للتناول من الأسرار المقدسة سوف نكون “أننا عرائس، عندما تتحد النفس المخلصة، وبواسطة الروح القدس بيسوع المسيح. ونحن إخوته، عندما نعمل بمشيئة أبيه الذي في السماء. ونحن له أُمهات عندما نحمله في قلبنا وجسدنا، بحب وضمير نقي وصادق وعندما نلده بالعمل المقدس، الذي ينبغي أن يتلألأ، وقُدوة للآخرين”.
إذ ا من خلال الكتابات يظهر لنا أن كيان القديس فرنسيس اتحد كلية مع يسوع المسيح لأنه هو الخبز اليومي له والمصدر للحياة الأبدية . لذلك يطلق على القديس فرنسيس مسيح آخر لأنه قدم حياته حبًا في يسوع المسيح ولديه رغبة قوية أن يكون شبيهًا للسيد المسيح، متبعًا خطواته ومتذوقًا لمحبته.

Comments are closed.