الطوباوية ساندرا ساباتيني – عطيّة للكنيسة

نورسات الاردن

بعد ظهر اليوم في ريميني، سيتم تطويب الابنة الروحية للأب أوريستي بنزي، أول فتاة مخطوبة قديسة. حياة قصيرة، انطفأت وهي في الثانية والعشرين من عمرها، ولكن لم تغب عنها بذار الحب والالتزام لصالح الأشخاص الأشدَّ ضعفاً والعُزَّل والذين سقطوا في شبكة الإدمان على المخدرات. يقول خطيبها غويدو روسي: “لقد أظهر لي العيش مع ساندرا كيف أشكر على العطايا التي نلتها، وقد علّمتني كيف أُقدِّمها بثقة.

“لقد كانت ساندرا منغمسة في علاقة صافية وعميقة مع الله، وعاشت كل لحظة بفرح عميق. لقد كانت تُقدّر الكون بأسره وتكتشف مع الله جميع أشكال الجمال؛ لقد عاشت في توق نحو اللامتناهي، النور، السر، والحب” بهذه الكلمات يصف الأب أوريستي بينزي، خادم الله ومؤسِّس جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرون ساندرا ساباتيني؛ بتلك اللكنة التي ميَّزته وتلك النظرة النبوية العميقة التي رأت في تلك الفتاة البالغة من العمر ١٢ عامًا، والتي التقى بها لأول مرة في ريميني، مخطط الله لها. لقد كان أيضًا داخل سيارة الإسعاف التي حملت ساندرا ساباتيني إلى المستشفى بعد أن صدمتها سيارة؛ كذلك احتفل بجنازتها وفي عظته آنذاك قال إن ساندرا قد تمّمت ما طلبه الرب منها. وذلك الـ “لقد تمّ” التي قالها يسوع على الصليب، نقلها الأب بينزي إلى والدي ساندرا، بينو وأنييزيه قائلاً: “لقد تمّمتما مهمّتكما لأنكما أعدتماها إلى الرب، والغرض من الحياة في الواقع هو أن نكون في الله”.

الطوباوية ساندرا ساباتيني - عطيّة الكنيسة

ولدت ساندرا في ١٩ أغسطس عام ١٩٦١ في ريتشوني من عائلة كاثوليكية، ومنذ صغرها عزّزت علاقة حب وصداقة مع يسوع. نما إيمانها مثل البرعم وتغذى بالصلاة والعبادة، وأصبح بدوره غذاءً للإخوة المنسيين والمتروكين. وقد رافقتها في مسيرة حياتها الأوراق التي كانت تكتب عليها الملاحظات والأفكار التي أصبحت، بعد وفاتها، إرثها الأعظم. شكّل لقاؤها مع الأب أوريستي إزهار ذلك البرعم؛ إذ بذلت حياتها في جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين في خدمة المعاقين ومدمني المخدرات بينما كانت تواصل دراستها الجامعيّة؛ وكتبت وهي في سن الحادي والعشرين: إذا كنت أحب حقًا، فكيف يمكنني أن أتحمل موت ثلث البشرية من الجوع؟ بينما أحافظ على أمني أو استقراري الاقتصادي؟ هكذا سأكون مسيحية صالحة فقط ولكن ليس قديسة! هناك اليوم تضخم في المسيحيين الصالحين بينما يحتاج العالم إلى قديسين!

في عام ١٩٧٩ إلتقت ساندرا بغويدو، واستمرّا معًا في عيش واقع الجماعة بدون أن يعزلا نفسيهما بل نقلا في خطوبتهما الجهوزية والحب للآخرين لدرجة أن ساندرا تقول إن ما تعيشه من أجل غويدو تعيشه أيضًا من أجل الآخرين، وتكتب إنهما أمران متداخلان، وعلى المستوى عينه، حتى وإن كان هناك بعض الاختلافات. كانت مع غويدو وصديقها إيليو عندما وقع الحادث في إيجيا مارينا، في ٢٩ نيسان أبريل عام ١٩٨٤، وبينما كانت تنزل من السيارة صدمتها سيارة أخرى مع صديقها إيليو، وتركتها في حالة خطيرة، فتمَّ نقلُها إلى مستشفى بيلاريا في بولونيا، حيث توفيت بعد غيبوبة دامت ثلاثة أيام. كتبت في مذكراتها في السابع والعشرين من نيسان أبريل عام ١٩٨٤: “ليست حياتي هذه الحياة التي تتطور بشكل إيقاعي من خلال نَفَسٍ منتظم ليس نَفَسي، ينعشها يوم هادئ ليس لي. لا يوجد شيء لكِ يا ساندرا، يجب أن تُدركي ذلك!”.

واليوم وبمناسبة إعلان تطويبها أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع غويدو روسي خطيب ساندرا آنذاك والذي حدّثنا عن الخبرة التي عاشها معها. قال غويدو روسي لقد طَبَعت ساندرا حياتي بحياتها وبموتها. بعد فترة لم تخلو من الصعوبات، ولكنها كانت بالتأكيد جميلة وعميقة، وجدت نفسي فجأة مع بيتَين مُدمَّرَين، بيت عائلتها وبيتي، بينما بقي كل شيء قائمًا … لقد ساعدن أهل ساندرا كثيرًا ولا تزال العلاقة وثيقة معهما، كذلك دعمني كثيرًا كهنة وإخوة جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين.

تابع غويدو مجيبا على سؤال حول ما حصل له بعد الحادثة التي أودت بحياة ساندرا لاسيما أنّه كان حاضرا في اللحظات الأخيرة من حياتها وحول من هو غويدو اليوم وقال سأجيب على الأسئلة فقط من أجل فكرة أنَّ ساندرا تنتمي للكنيسة. أنا تزوجت ورزقنا الرب بولدين رائعين؛ وقد شعرت بالدعوة إلى الشماسيّة التي رحبت بها زوجتي بسخاء كبير.

أضاف غويدو روسيني مجيبًا على سؤال حول شعوره في هذه اللحظات المهمة للكنيسة وجماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين وقال أفكر بالعطايا الكبيرة ورحمة الرب الكبيرة الذي لا يتركنا وحدنا أبدًا حتى عندما نعتقد بأننا نسير وحدنا بينما يكون هو الذي يحملنا بين ذراعيه، كما نقرأ في كتابة على باب كنيسة في غوبيو اعتدنا أن نزورها أنا وساندرا. أفكر في الأب أوريستي وأربط هذه اللحظة بسعادته عندما حصلت جماعة البابا يوحنا الثالث والعشرين على الاعتراف البابوي. لقد كان الأب أوريستي يحب أن يكرّر هذه الجملة من المزمور “وجهك يا ربُّ ألتمس” وها هي ساندرا الآن ترى وجه الرب.

وختم غويدو حديثه مجيبا على سؤال حول إن كان قد شعر بقداسة ساندرا عندما كانا يعيشان معًا علمًا أنّه وصفها مرارًا بأنها عطيّة للكنيسة ومثالاً وقال لقد وجدت بعض الصعوبات في السير على خطاها والحفاظ على وتيرتها عندما كنا معًا. ولكن يمكنني أن أشهد لمحاولتها بإشراكي أو بالأحرى لأن نختار سوياً وبوضوح لا ما يجب علينا فعله وإنما مشيئة الرب وإرادته. لقد كنت أتأثر دائما بأسلوبها الفرِح والعميق في النظر إلى الحياة واتكالها على الرب والتسليم له في الأحداث

موقع فاتيكان نيوز

Comments are closed.