الفاتيكان في أثينا قريباً
نورسات الاردن
يكاد الفكر في الفاتيكان أن يخترق الزمن ويخترق الحاجز الفكري الذي عاشته الكنيستان الأرثوذكسية والكاثوليكية منذ قرون طويلة، وبذلك يكون الفاتيكان- إذا تمت زيارة البابا فرنسيس إلى أثينا- قد كسرت كافة القيود والسلاسل التي قيّدت الكنيستان. والروحية التي سار بها القديس الراحل البابا يوحنا بولس الثاني مستوحاة من الرّب الإله لأنّ الجسد واحد والأعضاء كثيرة، وقد أكّد ربُّ الكنيستين أن يكون المسيحيون واحداً في المسيح كما هو في الله والله فيه.
وهذه إشارة واضحة وتأكيد لا يقبل الشّك على أنّ المسيح في الكنيسة بصرف النظر عن طقوسها ومنهجيتها. والزيارة إذا تمّت تكون تحّدٍ لكل فكرٍ متزّمت ومنغلق ومتخلّف ويخلق من الفرقة إشكالية لا حلَّ لها. زيارة البابا فرنسيس لأثينا ليست معجزة يحققها بل هي إرادة بشرية في تحقيق إرادة الله لنا أن نكون عليه. والزيارة ليست الأولى للبابوات، فقد حقّق القديس الراحل البابا يوحنا بولس الثاني ما أرادته الكنيسة أينما وجدت، وها هو البابا فرنسيس يسير عل خطى سلفه. البابا فرنسيس حقق مصالحة تاريخية مع الكنيسة اللوثرية بالسويد، وحقق خطوة جبّارة كانت محفوفة بالمخاطر في العراق، وأوجد بزيارته للعراق اختراقاً تاريخياً ومثلها فعل في أبو ظبي.
يحاول البابا فرنسيس اختراقاً تاريخياً وروحيا في موقف الكنيسة الأرثوذكسية من نظرتها للكنيسة الكاثوليكية. فهل هذه الزيارة واجب كنسي؟ أم مفهوم ديني؟ أم اختراق لحاجز زمني؟ أم وعي كامل على طبيعة دور الكنيسة؟ أسئلة يقف المرء محتاراً أمامها مندهشاً ومعجبا بهذا الوعي والشجاعة والإيمان. إن مفهوم الكنيسة كما قدّمه السيد المسيح هو مفهوم إلهي يصعب على البشر استيعابة إلا من باب الحفاظ على المصالح والكراسي والهيبة والزعامة العالمية، لكنّ تواضع البابا فرنسيس بدّد كل المفاهيم المعيقة للفهم. وإذا ما تمت الزيارة فإنها ستحقق أموراً كانت مستعصية بفضل وعي الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية:
- تقريب واستيعاب فكرة الوحدة الكنسية.
- تحديد الهدف من الوحدة والإلتفاف حول الكنيسة أمام ضراوة العصر والإتجاه نحو الألحاد.
- تبرير وحدة الهدف أمام معطيات العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وإنسانيا.
- تحجيم فكرة الدول الكبرى في الهيمنة والسيطرة على العالم وإنجازاته
- إعادة إنسانية الإنسان كما يجب أن تكون عليه من تواضع وتسامح وتبديد فكرة العبادة للقوة والمال.
- ترسيخ فكرة التواضع لدى المسؤولين في الكنائس والعودة إلى ما رسمه الله لنا من محبّة وتسامح وإيمانٍ وتواضع.
- تجسيد فكرة العودة إلى الله بعد أن عرّاها الزمن من قدسية الإيمان والرجاء والمحبة.
- إنّ الكنيسة التي أرادها الله لنا هي الكنيسة الواحدة مهما تعدد الإعضاء.
- إعادة ترسيخ فكرة أن المسؤول لا يختلف عن شعب الكنيسة وأن الكنيسة هي الشعب ليس إلا.
- محاولة وضع علاج للسيكولوجية المتنمّرة في الكنيسة وتحطيم روح الإستكبار والإستعلاء ومحاولة تقريب الشعوب المسيحية من المحبّة ووضعهم في إطار أبناء الله مهما تباعدنا.
أرجو لقداسة البابا فرنسيس التوفيق والنجاح والعودة إلى وطنه ووطننا جميعاً وهو الكنيسة.
Comments are closed.