سلسلة تأملات في القداس الإلهي . بقلم الأب فادي هلسا

نوسات الاردن

سلسلة تأملات في القداس اإلهي

التأمل الثامن
لقد أنهى الكاهن تحضير التقدمة ناظرا هذا المنظر السماوي البهي فالحَمَل في الوسط وعن يمينه السيدة والدة الإله وعن يساره القديسين بمختلف فئاتهم وأمامه الأحياء والراقدين اللذين تم ذكرهم .

والآن تأتي المرحلة الأخيرة وهي تغطية القرابين
يُحضر الخادم المبخرة ويأخذ الكاهن النجم وهو قطعة معدنية بشكل صليب يضعها فوق الأجزاء مستذكرا النجم الذي وقف فوق مغارة الميلاد .
الكاهن هنا يستذكر حوادث الميلاد بأكملها وفي لحظات قليلة يرى المذبح مغارة يرقد فيها الطفل الإلهي حاضرا إلى أرضنا دون أن يترك السماء ففي السماء تسبحه الملائكة بلا انقطاع وهم يرونه مجالسا الآب والروح القدس وعلى الأرض يسبحه البشر المتواضعين .
ينظر الكاهن بألم كيف يأتي المجوس من بلاد فارس يقطعون المسافات الشاسعة ليسجدوا للملك المولود واللذين يسكنون حول الكنيسة أو قريبين منها يصمون آذانهم عن صوت جرس الكنيسة ولا يحضرون عُرس الحمل في يوم الرب .
ثم يمسك الكاهن الغطاء الأول ويدنيه من البخور المتصاعد وهو يتلفظ بالآية :
الرب قد ملك والجمال لبس لبس الرب القوة وتمنطق بها مزمور 93 : 1
ويغطي صينية الخبز
يمسك بالغطاء الثاني ويدنيه من البخور ويباركه وهو يقول :
لقد غطت فضيلتك السماوات أيها المسيح وامتلأت الأرض من تسبحتك
هنا يغطي الكاهن الكأس المقدسة
ثم يمسك الستر أو الغطاء الكبير ويغطي القرابين كلها وهو يقول : 3
استرنا يا رب بستر جناحيك وابعد عنا كل الأعداء والمحاربين وارحمنا وارحم عالمك
وهنا لو يستجمع الكاهن شجاعته لا يدري أين يقف وما هذه الأغطية التي غطى القرابين بها أهي الأقماط التي ألبستها العذراء للمسيح وهو طفل أم هي الأكفان التي كفَّن بها يوسف ونيقوذيموس الجسد الطاهر حين أنزلاه عن الصليب .
يحتار عقل الكاهن في كل هذا معاينا أمامه سر تدبير الله لخلاصنا ونحن لا نكرر ذبيحة الصليب هنا بل هي مستمرة المفعول حتى مجيء الرب الثاني لدينونة الأحياء والراقدين . وهنا يفهم الكاهن والمؤمنين أن الكاهن قد امتثل للأمر الإلهي وهو :
اصنعوا هذا لذكري .
بعدها يصلي الكاهن صلاة على القرابين يعزلها من كل استخدام أرضي آخر فهي تقدمة للرب وغذاء للمؤمنين مصليا لمن قدمها ومن قُدمت لأجلهم بعد هذا يبخر الكاهن التقدمة كلها مبارِكا الرب الذي ارتضى هكذا خلاص للبشر ليدخل بهم بعد قليل للقداس الإلهي .
آمين

Comments are closed.