بطريرك القدس للاتين يتحدث عن زيارة البابا فرنسيس إلى قبرص

نورسات الاردن

لمناسبة بداية زيارة البابا فرنسيس إلى قبرص واليونان، أجرت صحيفة “أوسيرفاتوريه رومانو” مقابلة مع بطريرك القدس للاتين بيرباتيستا بيتسابالا الذي كان من بين الشخصيات التي استقبلت البابا لدى وصوله إلى الجزيرة، ولفت إلى أن الحبر الأعظم سيعرف كيف سيرفع صوته بطريقة خلاقة أمام مسامع جميع الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة بغض النظر عن انتماءاتهم.

في حديثه للصحيفة الفاتيكانية قال غبطته إنه توجد في قبرص أوجه شبه مع أبرشية القدس، إذ إنها كنيسة مقسّمة مناطقياً، سياسيا ودينيا، وتعاني من الصراعات والهجرات، هذا فضلا عن كونها أقلية. لكنه أضاف أن هذه الأقلية تريد أن تكون ملحاً لأرضها في إطار روح الرسالة العامة للبابا فرنسيس Fratelli Tutti. ذكّر البطريرك بيتسابالا بأن جزيرة قبرص تقع على الحدود الفاصلة بين آسيا وأوروبا، وهي تجتمع فيها مشاكل عدة: ليس فقط انقسام الأراضي المستمر منذ العام ١٩٧٤، والموجة الأخيرة من الهجرات، بل أيضا القضايا الحساسة المتعلقة بالتزوّد بالطاقة، فضلا عن قربها الجغرافي من الوضع الكارثي الذي يمر به لبنان حاليا. وأضاف غبطته أن ثمة قاسما مشتركا آخر بين قبرص والقدس، ألا وهو جدار الفصل. في سياق حديثه عن الكنيسة الكاثوليكية في الجزيرة، مع العلم أن كنيسة اللاتين في قبرص تقع ضمن نطاق بطريركية القدس للاتين، قال غبطته إن تلك الكنيسة تُعتبر أقلية، لكن مع ذلك تبقى دور العبادة ممتلئة بالمصلين، لافتا إلى أن نسبة تسعين بالمائة من المؤمنين الكاثوليك هم من المهاجرين، لاسيما القادمين من الفيليبين، من جنوب شرق آسيا وأيضا من الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. ومن وجهة النظر هذه – مضى قائلا – تُشبه قبرص إلى حد بعيد أبرشية القدس، كما أنها في الوقت نفسه نافذةٌ مفتوحة على الغرب. فقبرص هي بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من انقسام أراضيها يُعتبر القبارصة الأتراك أيضا مواطنين أوروبيين. لم تقتصر كلمات البطريرك  بيتسابالا على النواحي السلبية وحسب إذ شاء أن يسلط الضوء على أبعاد إيجابية لا بد من تثمينها. وقال بهذا الصدد إن العلاقة القائمة بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية هي علاقة ممتازة. وأضاف أن قبرص هي ربما البلدُ الوحيد في العالم حيث يضع الأرثوذكس كنائسهم بتصرف الكاثوليك اللاتين كي يقيموا احتفالاتهم الليتورجية، لافتا إلى أن هذا ما يحصل على سبيل المثال في كنيسة بافوس التي تندرج ضمن الموقع الأثري حيث يوجد – بحسب التقليد – العامود الذي جُلد عليه القديس بولس الرسول بأمر من الحاكم الروماني المحلي، الذي ارتد لاحقا إلى الإيمان المسيحي. وأكد غبطته في هذا السياق أنه لا توجد منافسة أو غيرة بين الكنيستين، كما يمكن أن يحصل على صعيد العلاقات بين المذاهب المسيحية في أماكن أخرى من العالم. وأوضح أن الرعايا اللاتينية الثلاث التي يخدمها الرهبان الفرنسيسكان تقوم بجهد كبير، خصوصا في مجال النشاطات الخيرية. كما أن العلاقات مع مؤسسات الدولة ممتازة هي أيضا. لذا يمكن أن نعتبر أن قبرص – من الناحية الكنسية – تشكل مختبراً صغيرا إذ إنها تُشبه إلى حد بعيد كنيسة القدس، لكن المشاكل المطروحة تواجَه بروح مختلف، بروح أكثر إيجابية وأقل توترا. ردا على سؤال بشأن علاقات الكنيسة المحلية مع المسلمين قال بطريرك القدس للاتين إنها علاقات جيدة، خصوصا وأنه لا يُنظر إلى الكاثوليك على أنهم جزءٌ من المنظومة السياسية المؤسساتية، مع أنه توجد بعض التعقيدات في الشطر التركي لقبرص، حيث هناك كنيسة واحدة متاحة للمصلين ومعظم من يترددون إليها هم من الأفارقة. في ختام حديثه لصحيفة “أوسيرفاتوريه رومانو” أكد غبطته أن البابا فرنسيس سيخاطب الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، تماما كما فعل خلال زيارته التاريخية للعراق، وذلك بغض النظر عن انتماءاتهم، في إطار الضيافة والسلام والعناق الأخوي، محددا المسار الذي ينبغي أن تسلكه الكنيسة في هذه الألفية الثالثة.

Comments are closed.