الزمانية المسيحية ومسيحية الزمن..وحدة الروح الإلهية ووحدة الروح البشرية
نورسات الاردن: د جلال فاخوري
في حلقة على نور سات الفضائية تناول الباحثون الروح المسيحية دون البحث عن الروحية البشرية تجاه الروحية المسيحية وهو بحث لاهوتي فلسفي بالغ التعقيد لكونه متعلّق بالإيمان خارج البحوث العلمية والفلسفية.
وأنا أطرح السؤال التالي عن العلاقة بين الروح أو الذات الإلهية وبين الروح البشرية في تلاحمها مع الروح السماوية.
سوف أتناول البحث من أكثر من زاوية كعلمية البحث وعلاقته بالفلسفة: وحدة الكون أو (اللوغوس) أو العالم وأخيرا من زاوية دينية.
أولاً: من زواية دينية: أول وصية من العشرة يقول الله ” أنا هو الرب إليك لا يكن له إله غيري” أي أنّ الله حدّد الألوهية به وحده لا بإله آخر، وقد ورد في التوراة أن وحدانية الدين الإبراهيمي حددت الله بالإله المخاطب. وجاء في سفر ميخا أن الله هو الله الحالي لا الإلهه الوضعية أي حدد الله السماوي لا الأرضي كالأصنام. أما زكريا فأيّد ميخا في أن الله الحالي هو المقصود كما ورد في البشارة وهو ابن الله الإنسان، كما أن الله يحمل في ذاته الوحدانية أي وحدانية الروح من خلال الثالوث الأقدس، والتكامل في أعمال مسيرَة السيد المسيح صاحب المعجزات التي لم يَرد في تاريخ البشرية أنَّ هناك إلها صنع المعجزات، وهذا إعجاز للبشرية التي عجز العلم فيها عن حلّ للمشكلات التي تواجه البشرية.
ثانياً: من زاوية فلسفية فإن (اللوغوس) أي العقل الشمولي أو الإلهي وضع الكروموسومات في نوعين: الكروموسوم الكوني ويعني الكون والكروماسوم يعني العالم هو جزئي العوالم. فهناك الكون بشموله محتوياً على كل شيء وهناك العالم الذي يعد عالم البشر، أما الكون فيشمل العالم وهذا يعني أن البشرية في اندماج في الكون أي الوحدة مع الله. فالصوفية ترى أن الإنسان في الله أي أن الإنسان إله، فالوحدة هنا بين البشر والله باتت واحدة. فوحدة البشر متوفّرة في وحدة الله كما أن تجسّد السيد المسيح هو لإقامة جسر التوحّد بين الله والإنسان فوحدة الروح البشرية متوفّرة في الروح الإلهية كما يرى المعتزلة وابن رشد، وحين نبحث في الروح البشرية يجب النظر في الروح الإلهية على أنها شاملة للروح البشرية، فوحدة الروح باتت مطلب فلسفي كما قال أرسطو عن المحرك الأول.
أما الزاوية العلمية فعجزُ العلم عن حلِّ بعض المستعصيات يسلّم بأن العقل البشري محدود أمام العقل الإلهي، لكن التماهي بين العلم والفلسفة يكمن في أن العلم حين يُرجع الأمور إلى أصولها فإنه يلتقي مع أرسطو الذي تكلّم عن المحرك الأول وهو الله.
أما لماذا المسيح تحديداً، فالسيد المسيح قال أن الله مسحني أن أنني ماسح الذنوب والذي قال عنه أشعياء أنه القادر والذي لا نهاية له. فنحن لا نتكلم عن الإله كأصنام كما ألهة الشمس والنار والحب والمطر وغير ذلك من أصنام غير متحركة أو قادرة. لم يسمع في التاريخ البشري أنْ خُلق من يشفي المرضى أو يقيم الموتى ويغفر الزلات ويمسح الذنوب وقد تحّدث عنه القرأن بالسلام على من يقوم ويبعث حياً. المسيح هي صفة إلهية أي ماسح الذنوب وطالما أن الإنسان يسعى إلى أن يكون مع الله فمن الطبيعي أن يحبّ ويتبع الإله القادرالذي لا نهاية له. ومن يقوم من الموت سوى المسيح الذي ارتضى الصلب ليعلم البشرية معنى الألم والموت؟
لا يستطيع إله أن يبعث الروح البشرية إلا الروح الإلهية التي قال فيها المسيح أن من ولد من الروح فهو روح ومن ولد من الجسد فهو جسد، ومعنى هذا أن الإتحاد الإنساني بالإلهي موجودة في المسيح أثناء حياته على الأرض. نعود إلى وحدة الكون والعالم والبشر هي وحدة لا تتوفر في الحديث عن البشر لوحده. إذاً يجب الحديث عن وحدة واحدة هي البشرية الإلهية.
Comments are closed.