نافذة على الوحدة المسيحية بقلم الدكتور جلال فاخوري

في حلقة موفّقة على فضائية نور سات الأردنية استمعنا لمشاركة الآباء والقسس حيث تحدث القس فائق حداد عن الوحدة ومشاركة الأب فرح حجازين والأب جورج شرايحه فكانت مشاركاتهم من منطلق ديني في حين أنّ للوحدة المسيحية وجوه ونوافذ أخرى كالمنطلقات والعلمية والفلسفية. أنا لست رجل دين .

وإنما علماني مؤمن بوحدة الكنيسة لما أفهمه عن هذه الوحدة من وجه فلسفي متعلّق بالأساس المسيحي وهو وحدة الثالوث الأقدس وتحديداً لمسألة الإنبثاق حيث الروح القدس المنبثق من الآب والإبن يجمع جميع المسيحيين. فالإسرار على الإنبثاق من الآب فحسب لا يمكن أن يحقق المعنى المقصود من الوحدة. إذا نحن نتحدث عن وحدة الضرورة للوجود المسيحي ووحدة الروح في الثالوث. أما تعدد الأعضاء أي الكنائس وطرق الممارسة الطقوسية فقد تحدّث عنها بولس الرسول حين قال: الجسد واحد والأعضاء كثيرة. ومن هنا يأتي انتفاء الحديث عن الألون في الطقوسية ليقفز الحديث عن الوحدة الروحية في الثالوث. فما معنى الحديث عن فصل الآب والإبن عن الروح القدس؟ أين الروح المتحدة بالآب والإبن؟ فالسيد المسيح حين يقول: كونوا واحداً فيّ كما أنا في الآب واحد، يقصد السيد المسيح بهذه العبارة أي وحدة الثالوث ووحدة الإنبثاق، وهي نقطة فاصلة في الحديث عن التعدد الكنسي. وما معنى الحديث عن انبثاق الروح القدس من الآب دون الإبن؟ أليس وحدة الثالوث هي المقصودة من الدعوة للوحدة المسيحية؟ هذا جانب هام، أما الجانب الآخر من الوحدة متوفّر في حديث القديس يوحنا الرسول حين يقول: في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله والله هو والكلمة. وهذه البداية للإنجيل تتماهى مع روحية الثالوث الأقدس، حيث التكامل بين الله والكلمة انبثق من اتحادهم بالروح القدس. هذا التكامل بالمعنى يضفي على المسيحية المعنى الذي يستوجب الحديث عنه كدليل على التكامل والتماثل بين الثالوث والوجود. أما في الواقع الممارس فإن المسيحيين يؤمنون بوحدة الثالوث الأقدس. فالروح الوحدوية في المسيحية ليست ظاهرة للمسيحيين، بل أنَّ الدعوة إلى الوحدة هي في الحقيقة في السّر المتضمن في الثالوث وفي التكامل بين الآب والأبن والكلمة كروح قدس كأساسٍ للمسيحية.

Comments are closed.