القديم والجديد!
نورسات الاردن
البطريرك لويس روفائيل ساكو
أعود مُجدداً الى طرح موضوع التحديث في تعليم الكنيسة وليتورجيتها الذي أراه ضرورة ماسة حتى تغدو حاضرة في المجتمع ورائدة في حمل الرسالة التي أوكلها اليها المسيح بامانة الى مؤمني كل زمان ومكان حتى يعي كل مسيحي ايمانه ويشعر انه شريك في نقل البشارة. هذا التجديد قد يقرب كنائسنا من المصالحة والوحدة.
اليوم يجد المسيحيون في كل مكان، أنفسهم امام واقع جديد، ونمط حياة مختلف عن السابق، وتمايزات خاصة بهم، ممّا يتحتم عليهم الانفتاح على الثقافة الجديدة والتواصل والتمييز بين الموروث القديم المتراكم والواقع الجديد المستمر مع اخذ بنظر الاعتبار ان ليس كلّ قديم أصيلاً ولا كلّ جديد مناسباً!
الإنسان العادي يتعاطى مع الموروث القديم عاطفي، ومن دون ان يطرح السؤال لماذا هذا العرف- التقليد صار قاعدة مقدسة، والأعراف الحالية لا؟ ما هي معايير التقييم؟ أليس لكل زمان علومه وابداعاته ولغته وثقافته وصياغته وظروفه ومتطلباته؟ لهذه العقلية المحافظة و المتزمتة عواقب وخيمة على الواقع الجديد، لذلك يحذرنا المسيح منها ويدعونا بقوة الى ان نعمل ما يتناسب مع وقتنا بقوله :لا ينبغي ان نخيط رقعة جديدة على ثوب عتيق وكذلك وضع الخمر الجديد في زقاق عتيقة لئلا تمزق الزقاق وتتلف الخمر ( مرقس 2/21-22) .
لقد تأثر اللاهوت المسيحي بالفكر اليوناني وصيغ بمفردات فلسفية نظرية، وبالنسبة لنا في الشرق الأوسط تاثرنا بالثقافة السريانية – الكلدانية من خلال مواعظ الاباء والرتب الليتورجية التي عبرت بقوة عن ايماننا، من دون ان يكون لنا لاهوت مدرسي منظم كما حصل للغرب. هذا التراث الكنسي هو ابن عصره وجاء أحيانا كثيرة في سياق قضايا جدلية اثيرت بسبب الاحتكاك بثقافة وفكر مختلف عن بيئة الكتاب المقدس ويجد .
مؤمنونا صعوبة في فهمه.
السؤال الجوهري الموجه إلينا ككنيسة رسولية وجامعة هو : كيف يمكننا ان نتكلم عن سرّ الله مع رجال ونساء اليوم والغد بعقلياتهم وثقافاتهم وسلوكياتهم المختلفة عن الماضي؟ الا يتعين على الكنيسة أن تناقش هذه المشاكل بهدوء في رحابة الروح القدس كما فعل آباؤنا في الايمان؟
كيف نفسر اليوم لشبابنا المتعلمين في الجامعات، الإيمان ونساعدهم على الاشتراك في الليتورجيا في لغتهم الحالية لكي يختبروا سر الله والمسيح ويشهدوا لهما في بيئتنا المشرقية؟؟ لابد أن نبحث عن طريقة مناسبة ولغة جديدة مفهومة وملهمة تستقطبهم؟
للكنيسة رسالة مهمة في عالم اليوم، وكنائسنا الشرقية تجاه المسلمين، فالروح القدس يدعوها إلى عمل لا يكل من اجل استلام وتسليم وديعة الإيمان..
لنا احترام كبير لابائنا الاوائل لمار افرام ونرساي وباباي وايشوعياب الثالث وطيمثاوس الاول، لكن الحكمة تعلمنا ان ندخل الى الغنى الداخلي لما كتبوه وأبدعوا فيه فتكتشف مضمونه. التاريخ يعلمنا انه لن يرجع الى الوراء. هذه الجدلية ينبغي التعامل معها بحكمة وواقعية، خصوصا لقد تحولنا من أغلبية مسيحية تتكلم السريانية – الكلدانية الى أقلية.
Comments are closed.