البابا يلتقي قضاة وموظفي محكمة الروتا الرومانية لمناسبة افتتاح السنة القضائية

نورسات الاردن

أشجعكم على الاستمرار بأمانة واجتهاد متجدِّدَين خدمتكم الكنسية في خدمة العدالة، التي لا تنفصل عن الحقيقة، وعن خلاص النفوس” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى قضاة وموظفي محكمة الروتا الرومانية لمناسبة افتتاح السنة القضائية

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الخميس قضاة وموظفي محكمة الروتا الرومانية لمناسبة افتتاح السنة القضائية وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال إن المسيرة السينودسيّة التي نعيشها تُسائل أيضًا لقاءنا هذا، لأنها تشمل أيضًا القضاء ورسالتكم في خدمة العائلات، ولاسيما تلك الجريحة والمعوزة إلى بلسم الرحمة. في هذا العام المكرس للعائلة كتعبير عن فرحة الحب، لدينا اليوم فرصة للتأمّل في السينودسيّة في دعاوى إعلان بطلان الزواج.

تابع البابا فرنسيس يقول تعني السينودسية أولاً السير معًا. بالتغلب على رؤية مشوهة لقضايا الزواج، كما لو أنَّ فيها يتم تأكيد المصالح الذاتية وحسب، نكتشف مجدّدًا أن جميع المشاركين في الدعوى مدعوون للمساهمة في الهدف عينه، وهو جعل الحقيقة تسطع حول اتحاد ملموس بين رجل وامرأة، يصلان إلى استنتاج حول ما إذا كان هناك زواج حقيقي بينهما أم لا. هذه الرؤية للسير معًا نحو هدف مشترك ليست جديدة في الفهم الكنسي لهذه الدعاوى.

أضاف الأب الأقدس يقول في المرحلة التمهيدية، عندما يجد المؤمنون أنفسهم في صعوبة ما ويطلبون المساعدة الراعوية، لا يمكن أن يغيب الجهد لاكتشاف الحقيقة حول اتحادهم، الشرط الأساسي للوصول إلى شفاء الجراح. في هذا السياق، نفهم مدى أهمية الالتزام بتعزيز المغفرة والمصالحة بين الزوجين، وكذلك لإقرار الزواج الباطل عندما يكون ذلك ممكنًا وحكيمًا. وهكذا نفهم أيضًا أن إعلان البطلان لا ينبغي أن يُقدّم على أنه الهدف الوحيد الذي يجب بلوغه إزاء أزمة زواج ما، أو كما لو كان يشكل حقًا بغض النظر عن الحقائق. عند النظر في البطلان المحتمل، من الضروري جعل المؤمنين يفكرون في الأسباب التي تدفعهم إلى طلب إعلان بطلان الزواج، وبالتالي تعزيز موقف قبول للحكم النهائي، حتى لو لم يكن يتوافق مع قناعة الأشخاص خاصة.

تابع الحبر الأعظم يقول على هدف البحث المشترك عن الحقيقة أن يميِّز كل مرحلة من مراحل الدعوى القضائية. صحيح أن خلال الدعوى قد يكون هناك احيانًا جدلية بين الأطروحات المتضاربة؛ ومع ذلك، يجب أن يتمَّ الخلاف بين الطرفين دائمًا في ظل الالتزام الصادق بما يبدو صحيحًا لكل منهما، دون أن ينغلقا على رؤيتهما الخاصة، في الانفتاح أيضًا على مساهمة المشاركين الآخرين في الدعوى. يصبح الاستعداد في تقديم تأويل خاص للحقائق مثمرًا في سياق تواصل مناسب مع الآخرين، قادر على الوصول أيضًا إلى النقد الذاتي. لذلك، لا يمكن قبول أي تغيير طوعي أو تلاعب بالحقائق، بهدف الحصول على نتيجة مرغوبة بشكل عملي.

تابع البابا فرنسيس يقول تنطوي السينودسية في الدعاوى على ممارسة الإصغاء المستمرة. في هذا المجال أيضًا، علينا أن نتعلّم الإصغاء الذي هو ليس مجرد استماع. وهذا يعني أننا بحاجة إلى أن نفهم رؤية ودوافع الآخر، وأن نتماهى معه تقريبًا. كما هو الحال في مجالات العمل الراعوي الأخرى، من الضروري أيضًا في النشاط القضائي تعزيز ثقافة الإصغاء كشرط أساسي لثقافة اللقاء. تتطلب الدعوى أيضًا اصغاء متنبِّهًا إلى ما يتم مناقشته وإثباته من قبل الأطراف. أهميّة خاصة تُعطى للتحقيق، الذي يهدف إلى التأكد من الحقائق، ويتطلب من القائمين عليه أن يعرفوا كيف يجمعوا بين المهنية الصحيحة والقرب والإصغاء. وبالتالي على القضاة أن يصغوا بامتياز لكل ما ظهر في الدعوى لصالح وضد إعلان البطلان. وهم ملزمون بذلك بحكم واجب العدالة، الذي تحرّكه وتعضده المحبة الرعوية.

أضاف الحبر الأعظم يقول جانب آخر من سينودسيّة الدعوى هو التمييز. إنه تمييز يقوم على السير معًا وعلى الإصغاء، ويسمح لنا بقراءة الوضع الملموس للزواج في ضوء كلمة الله والسلطة التعليمية في الكنيسة. وهكذا يبدو قرار القضاة كنزول إلى واقع حدث حيوي، لكي يكتشفوا فيه وجود أو عدم وجود ذلك الحدث الذي لا رجوع فيه وهو الموافقة الصحيحة التي يقوم عليها الزواج. إنَّ نتيجة هذه المسيرة هي الحكم، وهو نتيجة التمييز الدقيق الذي يؤدي إلى كلمة حقيقة موثوقة حول الخبرة الشخصية المعاشة، وبالتالي هو يسلّط الضوء على المسارات التي يمكن فتحها من هناك. لذلك على الحكم أن يكون مفهومًا للأشخاص المعنيين: بهذه الطريقة فقط سيصبح لحظة ذات أهمية خاصة في مسيرتهم الإنسانية والمسيحية.

وخلص البابا فرنسيس إلى القول من هذه الاعتبارات التي أردت أن ألفت انتباهكم إليها، يتضح أن بُعد السينودسية يسمح لنا في أن نُبرز الخصائص الأساسية للدعوى. لذلك أشجعكم على الاستمرار بأمانة واجتهاد متجدِّدَين خدمتكم الكنسية في خدمة العدالة، التي لا تنفصل عن الحقيقة، وعن خلاص النفوس. عمل يُظهر وجه الكنيسة الرحيم: وجه والدي ينحني على كل مؤمن ليساعده على كشف الحقيقة حول نفسه، ويريحه من الهزيمة والإرهاق، ويدعوه لكي يعيش جمال الإنجيل بملئه. أعبر عن تقديري وامتناني لكل فرد منكم. وأطلب من الروح القدس أن يرافق نشاطكم على الدوام وأبارككم بحرارة. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.

Comments are closed.