اختتام دورة الشعانين ٢٠٢٢

نورسات الاردن:بقلم بييرباتيستا بيتسابالا

أيها الأعزاء

بعد مسيرة طويلة وصلنا أخيرا إلى القدس. واليوم تجتمع كنيستنا، كنيسة القدس، داخل المدينة المقدسة.

جئنا من أنحاء مختلفة من الأرض المقدسة: من فلسطين ومن إسرائيل، ومعنا أيضا ممثلون من الأردن وقبرص. وبعد انقضاء زمن الوباء، معنا أيضا حجاج كثيرون من مختلف أنحاء العالم. إنا نحيي عودتهم بسرور. شكرا لأنكم تذكرتمونا ولأنكم رجعتم.

كنا ننتظركم، وكنّا نصلي من أجل عودتكم. والآن حضوركم معنا يعيد إلينا الرجاء والفرح، ويعيد الابتسامة إلى عائلات كثيرة. القدس هي أيضا بيتكم أنتم. لأن القدس بيت جميع الشعوب. لا أحد في القدس يشعر بنفسه مستثنى.

“بسط الناس أرديتهم على الطريق” (لوقا ١٩: ٣٥). دخل يسوع القدس، والتلاميذ هيأوا له الطريق، والمدينة فرحت به. اليوم، أمير السلام يدخل بيوتنا وعائلاتنا. لنفرش له ثيابنا ولنرحب به. فالترحيب به يأتينا بالسلام.

نبدأ اليوم الأسبوع المقدس، وسنحتفل بعد أيام في الليتورجيا بذكرى موت الرب يسوع وقيامته، سنحتفل بأحداث الفداء والخلاص التي حدثت هنا في القدس، وبلغت العالم كله.

لسنا هنا اليوم في القدس حُرَّاسًا للماضي، ولا لأبنية تاريخية. نحن هنا لنقول للجميع إن الخلاص الذي حدث هنا قبل ألفي سنة، وغيَّر العالم، يحدث اليوم أيضًا، ويمكن أن يغيِّرنا نحن أيضًا الآن وهنا.

  نحن مواطني الأرض المقدسة المسيحيين، لا يمكن أن نفصل بين خبرة خلاصنا وبين القدس، مدينتنا المقدسة. بهذا التطواف الجميل، شَبَّانًا وشيوخًا، رجالًا ونساءً، رهبانًا وراهباتٍ وعلمانيين، مع كل الهيئات الكنسية المختلفة، نؤكد اليوم مرة أخرى حبَّنا لهذه المدينة وإرادتنا للسلام والوحدة فيها، وإرادتنا لأخُوّة صادقة بين جميع سكانها، بلا تمييز.

مدينتنا هذه، مع الأسف، التي بكى عليها يسوع، وأحبها كثيرًا، ما زالت تعاني من الانقسامات ومنطق الاستملاك والإقصاء. أمام هذا الواقع، نحن هنا اليوم، كنيسةَ القدس، نكرر:

– لمن يريد أن يفرق بين الجماعات والانتماءات الدينية، وفي الحياة السياسية، وبين مجتمعاتنا الكنسية، وبين الكنائس، نحن نقول: لن توقِفُوا محبتنا! سنبقى دائمًا، على الرغم من كل شيء، حتى بالرغم من أنفسنا، كنيسةً تريد أن تكون مصدرًا للوحدة، وتسعى للتلاقي. ولن تستسلم لمنطق الانقسام والكراهية واحتقار الآخر. سنبقى نحب، نحبُّكم جميعًا دائمًا، لأن هذا ما علَّمنا إياه معلِّمنا وربنا!

  • ولمن يريد أن يفرض منطق الاستملاك، نقول: لن تستطيعوا أن تستملكونا، ولن تستطيعوا أن تستملكوا المدينة. كلنا القدس، وهي التي تمتلكنا جميعًا، وليس العكس.
  •  ولمن يريد الإقصاء نقول: القدس أمٌّ ولدتنا، والأم تحبُّ جميع أبنائها: كلهم لها أبناء متساوون، وكلهم محبوبون، بالحب المجانيّ، ودون أي إقصاء. إقصاء أي واحد من أبنائها، يعني الاعتداء على نفس هوية مدينتنا.

من مدينة يسوع نريد أن نصلي من أجل العالم كله. أحداث هذه الأسابيع الماضية تقلقنا كثيرا.

إنا نشهد المزيد من العنف والمزيد من الموت، هنا في أرضنا المقدسة. لقد أنهكنا العنف والكراهية والانتقام! لنصلِّ جميعًا من أجل العدل والسلام لشعوبنا في الأرض المقدسة!  لنصلِّ أيضًا من أجل أوكرانيا ومن أجل جميع الأماكن في العالم حيث تمزق الحروب والانقسامات حياة الملايين من الناس، حيث نفس منطق الاستملاك والإقصاء الذي نعرفه هنا ويخلق الألم والموت.
يجب أن تصبح القدس مكان شفاء لجميع الأمم، والمكان الذي يصلي فيه الجميع ويمجِّدون الرب لعجائبه التي صنعها هنا. هنا نحن نصلي، وسنبذل قصارى جهدنا، حتى تنطلق من هنا، من المكان الذي رأى خلاص العالم، حتى تنطلق وتتفجر إرادة صادقة في السلام للجميع!
    امدحي يا أورشليم الرب. ويا ربّ أمطر علينا السلام. 

Comments are closed.