الكاردينال مارادياغا يتحدّث عن الدستور الرسولي الجديد حول الكوريا الرومانية وخدمتها للكنيسة والعالم
نورسات الأردن
الإصلاح ليس الدستور. وإنما الدستور هو جزء من الإصلاح. وقد بدأ هذا الإصلاح في اليوم الأول من الحبريّة، عندما قال البابا فرنسيس: أريد أن أقيم في بيت القديسة مارتا وليس في القصر الرسولي” هذا ما قاله الكاردينال أوسكار مارادياغا في كتابه المقابلة حول الدستور الرسولي الجديد “Praedicate Evangelium” حول الكوريا الرومانية وخدمتها للكنيسة والعالم
استمرت المسيرة التي أدَّت إلى إصلاح الهيئات الإدارية للكنيسة في القرن الحادي والعشرين لمدة تسع سنوات ومرّت عبر عشرات المسودات التي تمت دراستها من قبل البابا ومجموعة من الكرادلة المستشارين. إن الدستور الرسولي الجديد “Praedicate Evangelium” حول الكوريا الرومانية وخدمتها للكنيسة والعالم – الذي أصدره البابا في ١٩ آذار مارس وسيدخل حيِّز التنفيذ في ٥ حزيران يونيو – هو اللمسة الأخيرة لهذه الرحلة التي بدأت مع حبريّة البابا فرنسيس. علمًا أن معظم الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية قد وُضِعَت قيد التنفيذ في العقد الماضي، مع إدخال دوائر جديدة أو تكييف ودمج أخرى. وإذا إذا كان هناك شخص يعرف تمامًا ثمار هذه الرحلة المثمرة والمعقدة التي قادت هيكليات الكوريا الرومانية نحو التجديد الخامس لها في خمسة قرون، فهو الكاردينال الهندوراسي أوسكار رودريغيز مارادياغا، الذي وفي بداية حبريته، عهد إليه البابا فرنسيس بدور منسق مجلس الكرادلة الذي أنشأه لمساعدته في إدارة الكنيسة الجامعة ودراسة هذا المشروع لمراجعة الدستور الرسولي “Pastor bonus” لعام ١٩٨٩ حول الكوريا الرومانيّة: مسيرة وبحسب الكاردينال مارادياغا، ظهرت كخبرة سينودسيّة مكثّفة.
جمُعت شهادة الكاردينال مارادياغا في كتاب المقابلة “Praedicate Evangelium. كوريا جديدة لعصر جديد”، حديث مع فرناندو برادو من دار النشر “Publicaciones Claretianas”. يقدم النص شرحًا بسيطًا لما يكمن وراء هذا الإصلاح للكوريا ويظهر أهمية الدستور الرسولي الجديد من هذا النوع لحياة الكنيسة. وبمناسبة تقديم الكتاب، الذي جرى أمس في روما، وفي حوار أجرته معه صحيفة “الأوسيرفاتوري رومانو”، عدّد الكاردينال مارادياغا بعض مفاتيح الإصلاح وتحدياته. وقال إنَّ جوهر هذا الإصلاح في الكوريا الرومانية هو رعوي وإرسالي. في العنوان الفرعي لـ Predicate Evangelium – “الدستور الرسولي حول الكوريا الرومانية وخدمتها للكنيسة والعالم” – لدينا تفسير مهم. إنَّ الكوريا الرومانية هي في خدمة الرسالة في الكنيسة بأسرها. فالكنيسة إما أن تكون إرسالية أو لا تكون كنيسة. وبالتالي فالكوريا الرومانية هي إما في خدمة رسالة الكنيسة التبشيرية أو ليست هناك حاجة إليها”، وشدد الكاردينال مارادياغا على أن الحداثات التي يقدمها الدستور، والتي سيكون لها تأثير حاسم على المستقبل القريب للكنيسة، تندرج في خط استمرارية مع الماضي.
تابع الكاردينال مارادياغا يقول لقد تغير العالم كثيرًا لدرجة أن هيكليّة تتمتع بخصائص الكوريا الرومانية أصبحت بحاجة إلى التجديد. وبالتالي يجب على الكنيسة أن تستجيب للتحديات الجديدة والسياقات الجديدة ، لا سيما في بعض نقاط القوة في تعاليم البابا فرنسيس: كنيسة الفقيرة من أجل الفقراء، كنيسة خادمة، كنيسة سينودسيّة وكنيسة مجمعيّة. وشرح الكاردينال مارادياغا في هذا السياق أن البابا واضح جدًا في أن ما يريده هو كنيسة أكثر خدمة لا أكثر قوة. ففي الكوريا، ليس المعيار الأساسي السلطة، بل الخدمة؛ لذلك ليس من الضروري أن يكون هناك كاردينال أو أسقف على رأس جميع الدوائر الفاتيكانيّة، إذ يمكن أيضًا أن يكون علماني أو علمانيّة أو شخص مكرّس… وبالتالي يشكّل هذا الدستور دعوة حقيقية لإشراك العلمانيين بشكل أكبر في عمل الكوريا، لا سيما في المجالات المرتبطة بواقع عصرنا، مثل حماية العائلة أو الحياة، وتعزيز العدالة، وحماية القاصرين، والاقتصاد أو الحفاظ على الخليقة؛ وأضاف إن الزمن الجديد الذي نعيشه جعل من الضروري الحاجة إلى وثيقة جديدة. نحن نتحدث عن كنيسة جامعة تكون فيها الضواحي في كل مرة أهم من المحور. نحن نشهد تغيير حقبة كبير لدرجة أن هناك ضرورة لنوع آخر من المقاربات
بعدها لاحظ الكاردينال مارادياغا أيضًا أنه في المرحلة التي تبدأ الآن لوضع الوثيقة البابوية قيد التنفيذ وإكمال مسيرة الإصلاح، يكون شعب الله بأكمله هو الرائد، وقال يركز النص على شخصية كل معمَّد كتلميذ مُرسَل. فهذه ليست شؤون البابا أو الأساقفة و”المتخصصين” فقط، وإنما ومن خلال المعمودية، نشارك جميعًا في رسالة الكنيسة. جميعنا مسؤولون. من الواضح أن الدستور يفتح الباب أمام هذه المسؤولية المشتركة للجميع، إنّه وسيلة لكي تتمكّن الكنيسة اليوم من أن تجيب بشكل أفضل على طبيعتها التبشيرية، التي نحن مدعوون جميعًا إلى التعاون فيها؛ وأضاف لقد سبق أن قالها بولس السادس، إنَّ الكنيسة قد وُجِدَت للتبشير، إنها كنيسة إرساليّة تتقدم بلا خوف، كنيسة تخرج وتنطلق، كما يشير البابا فرنسيس، الذي يقول بدوره أيضًا إنه يفضل الكنيسة التي تُخطئ على كنيسة تعيش في الملل وتحبس نفسها في الرداءة.
وخلص الكاردينال أوسكار رودريغيز مارادياغا إلى القول إنَّ معرفة هذا الدستور الرسولي هو أمر مهم، والخطوة التالية هي وضعه موضع التنفيذ. لن يكون من السهل أن نمضي به قدمًا لأنّه يتتطلب منا أن نتحرّك ولكن ومن الأسهل دائمًا بالنسبة لنا أن نبقى واقفين مكتوفي الأيدي: إنَّ شعب الله هو شعب في مسيرة، وفي رحلة، ولا يمكن للإصلاح أن يبقى في كتاب. الإصلاح ليس الدستور. وإنما الدستور هو جزء من الإصلاح. وقد بدأ هذا الإصلاح في اليوم الأول من الحبريّة، عندما قال البابا فرنسيس: “أريد أن أقيم في بيت القديسة مارتا وليس في القصر الرسولي”.
Comments are closed.