كلمة بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة أمام الجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط
“كفانا انتظاراً لمن يتنازل أولاً، بل لنتنازل جميعاً من أجل إرادة سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح، فهو من قال “مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيماً فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِماً”
هذا ما قاله بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا صاحب الغبطة روفائيل بيدروس الحادي والعشرون في كلمته الافتتاحية للجمعية العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط القاهرة
تحت شعار “تشجّعوا! أنا هو. لا تخافوا!”، انطلقت أمس الاثنين أعمال الجمعيّة العامة لمجلس كنائس الشرق الأوسط في دورتها الثانية عشرة حاملة معها قضايا مسيحيي الشرق الأوسط، تحدّياتهم، تطلّعاتهم، وقوّة حضورهم في وحدتهم، وقد تخللت الافتتاحية كلمة لبطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا صاحب الغبطة روفائيل بيدروس الحادي والعشرون جاء فيها إخوتي الأحباء بالمسيح، إنّ كلمتي اليوم تقع في محور محمول بدماء الأبرياء والمشردين واللاجئين الذين فقدوا كل شيء ولم يبقى لهم سوى الأمل بالعناية الربانية التي نجد أنفسنا وكلاء عليها. فهذه المناسبة التي دعيت إليها تبدو وكأنها محاطة بنفوذ الشر في العالم أجمع، وكأننا نعيش كلام المسيح عندما قال لتلاميذه “سيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ”.
تابع بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا يقول بعد الاضطلاع على ملفات وأعمال المجلس، كما وعلى أعمال اللجان المختصة بها عبر السنين الماضية، أود أن أهنئكم من صميم القلب على أعمالكم الجبارة في هذه الأيام العصيبة. كما أودّ أن أشكركم على الشهادة المسيحية المتجسدة بعمل الخير والمساعدة الأخوية لمن كان بحاجة لها. إنني لمتأكد بالدعوة الخاصة التي نملكها كرؤساء للكنائس الشرقية، رؤساء بمعنى خدام هذه الكنيسة التي يرأسها كاهن واحد وهو الكاهن الأعظم يسوع المخلص.
أضاف البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون يقول إخوتي الأحباء بالمسيح، إسمحوا لي أن أنتهز من هذه الفرصة، لأهنئكم جميعاً بعيد القيامة المجيدة، قيامة سيدنا يسوع المسيح الذي فدى نفسه للبشرية جمعاء بدون تفرقة عرقِ أو دين. اليوم كنيسة الله الجامعة التي أُخترنا خدماً منهُ لها، تعمل لجمع الشمل من خلال الحوار بين الأديان مسيحيون ومسلمون. ولكننا نحن أبناء الكنيسة الواحدة مفترقين ومشتتين، نجتمع اليوم مع بعضنا البعض ونفترق مجدداً بعد نهاية كل لقاء. فلعلّ في هذه المناسبة الخيرة التي جمعتنا في هذه الأرض المقدسة التي كانت ملجأً الطفل يسوع ابن الله، أن نجد طريقاً فعالاً للمضي سوية نحو المسيح، وهذه الشهادة قد تكون نوراً جديداً للوصول لما نتمنى ونعمل من أجله، وهو الوحدة في المسيح. المسيح الذي هو رأس الكنيسة، ويريدنا جسداً واحداً يكون على رأسه “فلِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا”.
وختم بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا كلمته بالقول هذه الأمنية التي رددها الكثير من آباء الكنيسة القديسين، وخاصةً مار نرسيس شنورهالي، فقد كانوا يتألمون من انشقاق الإخوة بين بعضهم البعض ولكنهم بقوا ثابتون في مواقفهم ومواظبون في صلاتهم وعملهم لتحقيق هذه الوحدة التي ما تزال غائبة حتى يومنا هذا بحججٍ متعلقة بالتاريخ تارةً وبالتراث والتقاليد تارة أُخرى. فأين نحن من هذه الوحدة وما أعظم هذه المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فيا إخوتي وأحبائي في المسيح، كفانا تمزقاً وانشقاقا، كفانا تردداً وخوفاً من تحقيقها. إن شعب الله متحدٌ فيما بينه، نحن هم المفترقون والمبتعدون من هذه الوحدة. فكفانا انتظاراً لمن يتنازل أولاً، بل لنتنازل جميعاً من أجل إرادة سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح، فهو من قال “مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيماً فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِماً”. اختم كلمتي هذه، راجياً من مخلصنا وفادينا يسوع المسيح، بأن يحلّ علينا مواهب روحه القدوس ليرشدنا إلى طريق الوحدة، التي نجتمع من أجلها مصغيين وفاعلين، ونكون من الوكلاء الأمناء على أهل بيته، وأنا أكيد أنه بيننا الآن ليساعدنا ويقوينا على أخذ القرارات من أجل تحقيق الوحدة، فهو من وعدنا بأنه “كلما اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ بِاسْمِي، فَأَنَا أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ”.
Comments are closed.