طريق الرب يسوع بقلم الأب فادي هلسا

14 ولكن شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين، ويظهر بنا رائحة معرفته في كل مكان
15 لأننا رائحة المسيح الذكية لله، في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون.

من رسالة الثانية الى كورنثوس أصحاح 2


أخبرنا الرب يسوع المسيح في العظة على الجبل بأن الطريق إليه ليس مفروشا بالورد بل إن طريق الرب مفروش بالأشواك والحُفَر والمطبات وفي هذا الطريق كل ما يعيق للوصول إلى نهايته .

يقول الرب :

مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! متى 7 : 14
الرب يسوع المسيح لم يعدنا بحياة على الأرض تكون هانئة ومطمئنة بل بحياة الحزن والألم والضيق والاضطهاد
ويؤكد الرسول بولس افتخاره وافتخار المؤمنين بالضيق ونحن نسير في طريق المسيح في هذه الحياة حيث يقول :
وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، رومية 5 : 3
لا أعتقد أن أحدا يمكن أن يفتخر ويفرح بالضيق سواء في العالم القديم والعالم الحديث غير المسيحيين ولكن لماذا ؟
يجيب الرسول بولس ويقول :
4 وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً،
5 وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. رومية 5
فالضيق ينشئ الصبر والصبر ينشئ التزكية أي التهيئة والتزكية تنشئ الصبر .
فالصبر على الضيق سببه بحسب الرسول بولس أن محبة الله قد انسكبت في نفوسنا بواسطة الروح القدس .
للنظر ما هو عمل الروح القدس فينا إنه عمل رائع قد لا نتخيل عظمته الفائقة لنر ماذا يخبرنا الرسول بولس من أسرار رائعة عن عمل الروح القدس لأجلنا .
وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا. رومية 8 : 26
وهنا نتعرف على سبب صبرنا على الضيق والألم والاضطهاد فروح الله القدوس يعين ضعفنا بأنه يشفع في ضعفنا وألمنا ولأجل ذلك نتحمل كل ضيق واضطهاد لأجل المسيح وروح الله القدس سيعين ضعفاتنا ويشفع فينا بما يصعب النطق به .
تتجسد في ذواتنا رائحة المسيح وتلك الرائحة العطرة هي رائحة آلامه التي كابدها لأجلنا فحين نذكر آلام الرب يزداد صبرنا على كل ألم وحزن فرائحة تلك الآلام هي من يقوينا في جهادنا الروحي في هذه الحياة فنحن نعكس نور المسيح .
فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. متى 5 : 16
ونحن ملح الأرض «أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ، إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. متى 5 : 13
وبهذا يؤكد الرسول بولس أننا رائحة المسيح الزكية لأجل هذا .
وهنا لا بد أن أقول لكل من يتذمر على الألم وكثرة الحزن في هذه الحياة :
بتذمركم ستخسرون كل هذه البركات فالتذمر ينشئ الضعف وبالضعف نخسر قوة عرفها الشهداء لأجل المسيح أنهم حيثما كانوا ضعفاء بالجسد فقد هزموا الطغاة بصبرهم وثباتهم واحتمالهم العذاب لأجل المسيح .
طريق الألم والحزن في هذه الحياة مهما زاد وطالت مدته ليس مهما .
المهم ما هي النهاية
وأقصد نهاية الحزن والألم في المسيح .
نهاية هذا الطريق مجد أبدي خالد لا ولن ينتهي
نهاية هذا الطريق حياة أبدية يمسح الرب بيده كل دمعة من كل عين حزينة أو متألمة أو ضاقت بحزن هذه الحياة . تقول كلمة الرب :
لأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ، وَيَمْسَحُ اللهُكُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ». رؤيا 7 : 17
وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». رؤيا 21 : 4
هنا مهما كان حزننا وألمنا في هذه الحياة سيؤول كله فرحا سماويا خالدا يكون الرب نفسه سيد هذا الفرح بل هو الفرح الغامر نفسه لكل محزون ومتألم صبر في هذه الحياة .
فلا نتذمر ولا نحزن بل نفرح في الضيق ونصبر على الألم بثباتنا في الإيمان وتطلعنا برجاء إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع المسيح ونعيش المحبة مكتملة في قلوبنا ومن وصل إلى المحبة الكاملة فالخوف يفر بعيدا بحسب وعد الرب على لسان القديس يوحنا في 1 يوحنا 4 : 18 حيث يقول :

لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ. وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ.
وليكن فرح الرب وسلامه مع كل متضايق أو محزون أو متألم لأجل المسيح
آمين

Comments are closed.