البابا: ما حصل ضدّ السكان الأصليين كان إبادة جماعية

على متن الطائرة التي حملته إلى روما، البابا فرنسيس يتحدّث عن الزيارة التي اختتمها والاستعمار القديم والجديد.

يقول إنه لم يفكر بعد في الاستقالة ويتحدث عن المسيرة السينودسية في ألمانيا، وتطور العقيدة وأهمية المرأة في نقل الإيمان.

إنَّ ما حصل ضد السكان الأصليين كان إبادة جماعية: هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في جوابه على سؤال صحفي كندي على متن الطائرة التي حملته إلى روما من إيكالويت، وتحدث عن مواضيع الزيارة التي اختتمها والاستعمار القديم والجديد.

لكنه تطرق أيضًا إلى موضوع التخلّي عن الخدمة البطرسيّة، والذي أثارته عدة مرات أسئلة الصحفيين، موضحًا أنه في الوقت الحالي لا يفكر في الاستقالة على الرغم من أنه يعتبر ذلك احتمالًا.
جيسيكا كانهيهسيو ( CBC RADIO – من الشعوب الأصليّة)
 
أنا من نسل ناجٍ من مدرسة داخلية. أراد الناجون أن يروا إجراءً ملموسًا في اعتذاركم، بما في ذلك بيان حول نهاية عقيدة الاكتشاف. في دساتير الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، لا يزال السكان الأصليون محرومين من أراضيهم، وبدون سلطة على أراضيهم، بسبب المراسيم البابوية وعقيدة الاكتشاف. ألا تعتقدون أنكم أضعتم الفرصة للإدلاء ببيان حول هذا أثناء زيارتكم إلى كندا؟
البابا: لم أفهم الجزء الثاني من السؤال. هل يمكنكِ أن تشرحي ما تعنيه بـعقيدة الاكتشاف؟
جيسيكا كانهيهسيو: عندما أتحدث إلى السكان الأصليين، يقولون إنه عندما جاء المستوطنون لأخذ أراضيهم، كانوا يشيرون إلى هذه العقيدة التي تنص على أنهم أدنى منزلة من الكاثوليك.
وهكذا أصبحت الولايات المتحدة وكندا دولتين …
البابا: شكرا على السؤال. أعتقد أن هذه مشكلة أي استعمار. كل استعمار، حتى اليوم. إن الاستعمار الأيديولوجي اليوم له النمط عينه: كل من لا يدخل في مسيرته، وفي دربه، (يُعتبر) أقل شأنا. لكني أريد أن أذهب أبعد من ذلك في هذا الشأن. إنَّ (السكان الأصليين) لم يعتبروا فقط أقل شأنا. لا بل فقد تساءل بعض اللاهوتيون المجانين عما إذا كانت لديهم أرواح. عندما ذهب يوحنا بولس الثاني إلى إفريقيا عند البوابة التي كان يتمُّ عبرها، أعطانا علامة لكي نفهم المأساة، المأساة الإجرامية. لقد كان يتم إلقاء هؤلاء الأشخاص في السفينة في ظروف مأساويّة. وبعدها كانوا عبيدًا في أمريكا. صحيح أنه كانت هناك أصوات قد تحدثت بوضوح مثل بارتولوميو دي لاس كاساس وبيدرو كلافير، لكنهم كانوا أقلية. لقد جاء الوعي بالمساواة بين البشر ببطء. أقول الوعي لأنه لا يزال هناك شيء ما في اللاوعي …لأنه لدينا على الدوام موقف استعماري يقلل من ثقافتهم إزاء ثقافتنا. إنه أمر يأتي إلينا من طريقتنا المتطورة في الحياة، حيث نفقد أحيانًا القيم التي لديهم. على سبيل المثال، تتمتع الشعوب الأصلية بقيمة كبيرة وهي الانسجام مع الخليقة. وعلى الأقل بعض الذين أعرفهم يعبرون عنها بكلمة “العيش الجيّد”، وهذا لا يعني ، كما نفهم نحن الغربيون، أن نحظى بوقت ممتع أو أن نحظى بحياة حلوة. لا. العيش بشكل جيد هو الحفاظ على الانسجام. وهذه بالنسبة لي هي القيمة العظيمة للشعوب الأصلية: الانسجام. لقد تعودنا على تقليص كل شيء إلى الرأس. لكن – أنا أتحدث بشكل عام – تتمثل شخصية الشعوب الأصلية في أنها تعرف كيف تعبّر عن ذاتها بثلاث لغات: بالرأس بالقلب واليدين. ولكن جميعها معًا. وهي تعرف كيف تتواصل بهذه اللغة مع الخليقة. ثم هناك هذا التقدم المتسارع والمبالغ فيه والعصابي للتطور الذي لدينا … أنا لا أتحدث ضد التطور، الذي هو أمر جيد. إنَّ القلق الذي نعيشه ليس جيدًا: التطور، التطور، التطور … انظري: إنَّ أحد الأشياء التي فقدها مجتمعنا هي القدرة على الشعر.
إنَّ الشعوب الأصلية لديها هذه القدرة الشعرية. أنا لا أحاول أن أجعل الأمر مثاليًّا. من ثمَّ هناك عقيدة الاستعمار هذه، صحيح أنها سيئة، وغير عادلة وهي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، ولكن ربما من خلال قفازات من حرير. لكنها تستخدم اليوم أيضًا. على سبيل المثال، أخبرني أساقفة بعض البلدان: عندما يطلب بلدنا ائتمانًا من بعض المنظمات الدولية هي تضع عليه أيضًا شروطًا تشريعية استعمارية، تجعله يغير أسلوب حياته قليلاً. الآن، بالعودة إلى استعمارنا، لنقل استعمار أمريكا من قبل البريطانيين والفرنسيين والإسبان والبرتغاليين، كان هناك دائمًا هذا الخطر، لا بل تلك الذهنيّة: نحن متفوقون وهؤلاء السكان الأصليون لا يحسبون. وهذا أمر خطير. لهذا علينا أن نعمل على ما تقوليه. علينا أن نعود إلى الوراء ونشفي – إذا جاز التعبير – ما تم فعله بشكل خاطئ. لكن في الوعي بأن الاستعمار نفسه موجود اليوم أيضًا. فكّري على سبيل المثال بحالة – وهي عالمية، أجرؤ على القول – فكري في حالة الروهينغا في ميانمار، الذي يُعتبرون من مستوى أدنى، وليس لديهم الحق في المواطنة. اليوم أيضًا.
بريتاني هوبسون، (THE CANADIAN PRESS)
 
غالبًا ما تتحدثون عن ضرورة التكلّم بوضوح وصدق وصراحة. أنتم تعلمون أن لجنة الحقيقة والمصالحة الكندية وصفت نظام المدارس السكنية بأنه “إبادة جماعية ثقافية ومن ثم تم تعديله على أنه إبادة جماعية. والذين قد سمعوا طلبكم للمغفرة خلال الأيام الأخيرة أعربوا عن خيبة أملهم من عدم استخدامكم لكلمة إبادة جماعية. هل تستخدمون هذه الكلمات لتقولون إن أعضاء من الكنيسة قد شاركوا في إبادة جماعية؟
البابا: هذا صحيح، لم أستخدم الكلمة لأنها لم تخطر ببالي، لكنني وصفت الإبادة الجماعية واعتذرت، وطلبتُ المغفرة، عن هذا “العمل” الذي هو إبادة جماعية. على سبيل المثال، قمت بإدانة هذا أيضًا: أخذ الأطفال من أهلهم، تغيير الثقافة، تغيير الأذهان، تغيير التقاليد، تغيير العرق – إذا جاز التعبير – ثقافة بأكملها. نعم، إن كلمة إبادة جماعية هي تقنية، لم أستخدمها لأنها لم تخطر ببالي، لكنني وصفتها … هذا صحيح، نعم، نعم، إنها إبادة جماعية. لا تقلقوا، يمكنكم أن تخبروا أنني قلت إنها كانت إبادة جماعية.
فالنتينا الأزرقي (TELEVISA)
 
بابا فرنسيس، لنفترض أن هذه الرحلة إلى كندا كانت أيضًا اختبارًا، اختبار لصحتكم، لما أسميتموه هذا الصباح “القيود الجسدية”. لذلك أردنا أن نعرف، بعد هذا الأسبوع، ماذا يمكنكم أن تخبرونا عن رحلاتكم المستقبلية: إذا كنتم ترغبون في مواصلة السفر بهذه الطريقة، إذا كانت هناك أي رحلات لا يمكنكم القيام بها بسبب هذه القيود، أو إذا كنتم تعتقدون أنه بإمكان عملية الركبة أن تحلَّ المشكلة وتعودون إلى السفر كما في الماضي؟
البابا: لا أعرف، لا أعتقد أنه يمكنني أن أسير بوتيرة السفرات الماضيّة. أعتقد أنه في سني ومع هذه القيوك عليَّ أن أحافظ على صحتي لكي أتمكن من خدمة الكنيسة. ثم، يمكنني التفكير في إمكانية التنحي جانباً، فهذا، بكل صدق، ليس كارثة، من الممكن تغيير الأب الأقدس، من الممكن تغييره بدون أيّة مشكلة. لكني أعتقد أنّه علي أن أخفف من هذه الجهود. إنَّ جراحة الركبة لا تفيد في حالتي. يقول الفنيون نعم، ولكن هناك مشكلة التخدير بأسرها، لقد خضعت لأكثر من ست ساعات من التخدير منذ عشرة أشهر وما زالت هناك آثار. لا يمكننا أن نعبث بالتخدير. لهذا السبب يُعتقد أنه ليس مناسبًا تمامًا. سأحاول الاستمرار في السفر وأن أكون قريبًا من الناس لأنني أعتقد أنها طريقة للخدمة: القرب. لكن أكثر من هذا ليس لدي شيئًا أقوله، لنأمل … لكن إلى المكسيك لا توجد أية توقعات للسفر بعد!
فالنتينا الأزرقي: لا، لا، أعرف ذلك، ولكن هناك كازاخستان، وإذا ذهبتم إلى كازاخستان، ألا يجب أن تذهبوا أيضًا إلى أوكرانيا؟
البابا: قلت إنني أرغب في الذهاب إلى أوكرانيا. لنرى الآن ما سأجده عندما أصل إلى البيت. أود أن أذهب إلى كازاخستان في الوقت الحالي، إنها رحلة هادئة، بدون الكثير من الحركة، إنه مؤتمر للأديان. في الوقت الحالي يبقى كل شيء على حاله. يجب أن أذهب أيضًا إلى جنوب السودان قبل الكونغو، لأنها رحلة مع رئيس أساقفة كانتربري ومع أسقف كنيسة اسكتلندا لأننا جميعًا قمنا بالاختلاء معًا منذ عامين … ثم الكونغو، ولكن سيكون في “العام المقبل، لأن هناك موسم الأمطار سوف نرى … لدي كل النوايا الحسنة، ولكن دعونا نرى ما تقوله الساق.
كارولينا بيغوتزي (PARIS MATCH)
 
التقيتم هذا الصباح في مركز الأسقفيّة بأعضاء الرهبانية اليسوعية المحليين، عائلتكم؛ كما تفعلون دائمًا أثناء رحلاتكم. لتسع سنوات خلت، خلال العودة من البرازيل، سألتكم عما إذا كنتم لا تزالون تشعرون وأنكم يسوعي. وكانت إجابتكم إيجابية. في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بعد لقاء اليسوعيين في اليونان، قلتم إنه عندما يبدأ المرء عملية ما فعليه أن يتركها تتطور، وأن العمل ينمو ثم عليه بعدها أن يتقاعد. على كل يسوعي – قلتم – أن يفعل هذا، لأنه لا يملك أي عمل بل هو ملك للرب.
هل يمكن أن تكون هذه العبارة صالحة ذات يوم للبابا اليسوعي؟
البابا: نعم، أعتقد ذلك.
كارولينا بيغوتزي: أي أنكم قد تتقاعدون كاليسوعيين؟ 
البابا: نعم، إنها دعوة.
كارولينا بيغوتزي: أن تكونون حبرًا أعظم أو يسوعي؟
البابا: يسوعي. إنَّ اليسوعي يسعى – يسعى، لا يفعل ذلك دائمًا، لكنه يسعى – لكي يعمل مشيئة الرب. حتى البابا اليسوعي عليه أن يفعل الشيء نفسه.
عندما يتكلم الرب …، إذا قال لك الرب سر قدمًا، تسير قدمًا، وإذا قال لك الرب اذهب إلى الزاوية، تذهب إلى الزاوية. إنه الرب الذي يقول…
كارولينا بيغوتزي: ما تقولونه يعني أنه على المرء أن ينتظر الموت في تلك المرحلة …
البابا: ولكننا جميعًا ننتظر الموت…
كارولينا بيغوتزي: أقصد ألن تتخلّون عن خدمتكم أولاً؟
البابا: سأفعل ما يقوله الرب. يمكن للرب أن يقول لي تخّلى عن خدمتك. الرب هو الذي يأمر. هناك شيء مهمّ عند القديس إغناطيوس. عندما كان يكون الشخص متعبًا ومريضًا، كان القديس أغناطيوس يعفيه من الصلاة، لكنه لم يكن يعفيه عن فحص الضمير. مرتين في اليوم: انظر إلى ما حدث في قلبي اليوم. لا إلى الخطايا وإنما إلى أي روح قد حركني اليوم. دعوتنا هي أن نبحث عما حدث اليوم. إذا كنت – وهذه فرضية – أرى أن الرب يقول لي شيئًا ما، أن شيئًا ما قد حدث لي، وأن لدي إلهامًا، يجب أن أميِّز لكي أرى ما يطلبه الرب مني.
قد يكون الرب أيضًا يريد أن يرسلني إلى الزاوية، فهو الذي يأمر. هذه هي طريقة الحياة الرهبانية لليسوعي، أن يكون على الدوام في تمييز روحي لكي يأخذ القرارات ويختار مسار العمل والالتزام أيضًا … التمييز هو المفتاح في دعوة اليسوعي. وهذا أمر مهم. كان القديس إغناطيوس جيدًا جدًا في هذا الأمر لأن خبرته الشخصيّة في التمييز الروحي هي التي حملته إلى الارتداد. والرياضة الروحية هي حقًا مدرسة للتمييز. وهكذا يجب على اليسوعي أن يكون بدعوته رجل التمييز: تمييز المواقف، وتمييز ضميره، وتمييز القرارات التي عليه اتخاذها.
لهذا يجب أن يكون منفتحًا على كل ما يطلبه الرب منه، هذه هي روحانيتنا.
كارولينا بيغوتزي: لكن هل تشعرون أكثر أنكم بابا أو يسوعي؟ 
البابا: حسنًا … لم أقم بهذا القياس مطلقًا، (لم أقم مطلقًا) بقياس (إذا) كنت أكثر بابا أو يسوعي. أشعر أنني خادم للرب مع عادات اليسوعي. لا توجد روحانية بابوية. هذه ليست موجودة. يحمل كل بابا روحانيته الخاصة. فكري في القديس يوحنا بولس الثاني بهذه الروحانية المريمية الجميلة التي كان يتمتع بها. لقد حصل عليه من قبل وبقيت لديه كحبر أعظم. فكري في العديد من الباباوات الذين ساروا قدمًا بروحانياتهم. البابوية ليست روحانية، إنها وظيفة، وخدمة. كل شخص يسير قدمًا بروحانيته ونعمه وأمانته وحتى بخطاياه. لكن لا توجد روحانية بابوية. لهذا السبب لا توجد مقارنة بين الروحانية اليسوعية والروحانية البابوية، لأن هذه الأخيرة غير موجودة. هل فهمتي؟ 
سيفيرينا إليزابيت بارتونيشيك CIC
لقد تحدثت بالأمس أيضا عن أخوّة الكنيسة، التي هي جماعة تعرف كيف تصغي وتقيم الحوار، وتعزز العلاقات الجيدة. لكن منذ بضعة أيام صدر إعلان عن الكرسي الرسولي بشأن المسيرة السينودسية في ألمانيا، وهو نصّ لم يحمل أي توقيع. هل تعتقد أن هذه الطريقة في التواصل تساهم في الحوار أم تقف عائقاً أمامه؟
 البابا: قبل كل شيء إن البيان صدر عن أمانة سر الدولة، وكان من الخطأ ألا يُذكر ذلك. أعتقد أنه كان لا بد أن يقال “بيان صادر عن أمانة سر الدولة”، لكني لست واثقاً من ذلك. كان من الخطأ ألا توقعه أمانة سر الدولة، إنه خطأ بيروقراطي، ولا ينم عن نية سيئة. فيما يتعلق بالمسيرة السينودسية لقد كتبتُ رسالة، فعلت ذلك لوحدي: شهر من الصلاة والتأمل والمشاورات. وقلتُ كل ما أردتُ أن أقول بشأن المسيرة السينودسية، وليس لدي ما أضيفه، وهذا هو تعليم البابا حول المسيرة السينودسية، وهي الرسالة التي كتبتها منذ سنتين. لقد تخطيتُ الكوريا لأني لم أقم بمشاورات معها. وفعلتُ ذلك أيضا بصفتي راع لكنيسة تبحث عن المسار، وكأخ وأب ومؤمن. هذه هي الرسالة. أعرف أن الأمر ليس سهلا، لكن كل شيء موجود في تلك الرسالة. شكرا.
إينياتسيو إنغراو (Rai – Tg1)
 تمر إيطاليا بأوضاع صعبة تبعث على القلق، أيضا على المستوى الدولي. هناك الأزمة الاقتصادية، والجائحة والحرب والآن نجد نفسنا بلا حكومة. أنت كبير أساقفة إيطاليا. في البرقية التي وجهتها إلى الرئيس ماتاريلا في عيد ميلاده تحدثتَ عن بلد مطبوع بالعديد من الصعوبات ومدعو إلى اتخاذ خيارات هامة جدا. ما رأيك باستقالة حكومة دراغي؟
البابا: أولا لا أريد أن أتدخل في السياسة الداخلية الإيطالية. ثانياً: لا أحد يستطيع القول إن الرئيس دراغي لم يكن رجلاً ذي قيمة دولية عالية. كان رئيساً للمصرف المركزي الأوروبي. وكان ناجحاً في عمله. لقد طرحتُ سؤالا واحدا على أحد معاونيّ: قل لي، كم هو عدد الحكومات التي عرفتها إيطاليا هذا القرن؟ فأجاب: عشرون! هذا هو جوابي.
إينياتسيو إنغراو: ما هو النداء الذي توجهه للقوى السياسية مع اقتراب الانتخابات الصعبة؟
البابا: المسؤولية. المسؤولية المدنية.
كلير جانغرافي (Religion News Service)
العديد من الكاثوليك، وأيضا العديد من اللاهوتيين، يؤمنون بضرورة تطور عقيدة الكنيسة فيما يتعلق بحبوب منع الحمل. يبدو أن سلفك، يوحنا بولس الأول، كان يرى أن منعاً تاماً لاستخدامها يتطلب ربما إعادة النظر. ما رأيك بهذا الموضوع: هل أنت منفتح على إعادة التقييم؟ هل هناك إمكانية أمام الأزواج باستخدام حبوب منع الحمل؟
البابا: إنها مسألة دقيقة جدا. اعلموا أن العقيدة والخلقيات تسير دوما في درب التطور، لكن هذا التطور يتم بالاتجاه نفسه. سأكون واضحا، وأعتقد أنني فعلت ذلك في مناسبات أخرى هنا: بالنسبة للتطور اللاهوتي في مسألة خلقية أو عقائدية، هناك قاعدة واضحة جدا ومنيرة. هو ما فعله فنشنسو دي ليرينس في القرن العاشر تقريبا. قال إن العقيدة الحقيقية وكي تسير قدما وتتطور عليها أن تترسخ مع السنين، وتتسع مع الزمن وتُنقّى مع العصر. وهكذا تصبح أكثر صلابة، لكنها تتقدم. لهذا إن واجب اللاهوتيين هو البحث والتأمل اللاهوتي، ولا أحد يستطيع أن يفعل ذلك واضاعاً أمامه كلمة “لا”.
بعدها يتعين على التعليم أن يقول له “لا” لقد تماديتَ عُد إلى الوراء. لكن النمو اللاهوتي يجب أن يكون مفتوحاً. هذا هو دور اللاهوتيين. والتعليم يساعد على إدراك الحدود. بالنسبة لمشكلة حبوب منع الحمل، أعلم أنه صدرت كتابات عن هذا الموضوع وعن قضايا أخرى متعلقة بالزواج. صدرت عن مؤتمر وفي المؤتمرات تُقدم المقترحات ويدور النقاش.

ينبغي أن نكون واضحين. إن من نظموا المؤتمر قاموا بواجبهم، لأنهم حاولوا أن يسيروا قدما بالعقيدة، لكن ينبغي أن يحصل هذا ضمن الإطار الكنسي، لا خارجه، كما قلت عندما تحدثت عن قاعدة القديس فنشنسو دي ليرينس. بعدها يتعين على التعليم أن يقول إذا كان هذا الأمر صحيحا أم لا. وهذا ينطبق على مسائل كثيرة. فكروا مثلا بالأسلحة الذرية. لقد أعلنت اليوم رسميا أن حيازة الأسلحة الذرية واستخدامها هي مسألة غير خلقية. فكروا بعقوبة الإعدام. وأعتقد أننا اقتربنا أيضا هناك من الممارسة غير الخلقية، لأن الضمير الخلقي نما جدا. لأكن واضحا: عندما تتطور العقيدة أو الخلقية، فهذا أمر جيد، لكن في الاتجاه الصحيح، مع القواعد الثلاث التي تحدث عنها فنشنسو دي ليرينس. أعتقد أن هذا الأمر واضح جدا. إن الكنيسة التي لا تنمّي فكرها في الإطار الكنسي، هي كنيسة تخطو إلى الوراء، وهذه هي مشكلة اليوم، لدى الكثيرين الذين يقولون عن أنفسهم إنهم تقليديون. ليسوا تقليديين إنهم رجعيون، يسيرون إلى الوراء، وليس لديهم جذور. وهذا ما حصل على الدوام، وقد حصل أيضا في القرن الماضي. هذه الرجعية هي خطية لأنها لا تسير قدما مع الكنيسة.  لقد قال أحدهم – وأعتقد أني ذكرتُ ذلك في أحد خطاباتي – إن التقليد هو إيمان الأموات الحي، أما بالنسبة لهؤلاء الرجعيين، الذين يقولون إنهم تقليديون، إنه إيمان الأحياء الميت. التقليد هو الجذور والإلهام كي نسير قدما في الكنيسة، التي تتقدم بشكل عامودي. أما الرجعية فتعني الرجوع إلى الوراء، والانغلاق دوما. لا بد أن نفهم جيدا دور التقليد، الذي يبقى منفتحا دوما، كجذور الشجرة، والشجرة تنمو. كان هناك موسيقي قال جملة جميلة جدا: غوستاف ماهلر. قال إن التقليد هو ضمانة المستقبل، وليس قطعة في متحف. إذا تشربتَ التقليد المنغلق، فهذا ليس التقليد المسيحي. إن عصارة الجذور هي التي تدفعك إلى الأمام. لذا لا بد أن نفكر في تقدم الإيمان والخلقيات، وهذا أمر جيد إذ ما سرنا باتجاه الجذور والعصارة. مع الحفاظ على القواعد الثلاث لفنشنسو دي ليرينس التي ذكرتها.
 
إيفا فرنانديز (Cadena Cope)
سيُعقد كونسيستوار في نهاية آب أغسطس. كثيرون سألوك مؤخرا ما إذا كنت تريد الاستقالة، لا تقلق، هذه المرة لن نسألك عن ذلك، لكننا فضوليون: هل فكرت في الصفات التي تريد أن يتمتع بها خلفك؟
البابا: هذا هو عمل الروح القدس، أتعلمين؟ أنا لا أجرؤ أبدا على التفكير… الروح القدس يفعل ذلك أفضل مني، وأفضل منا جميعا. لأنه يُلهم قرارات البابا، يُلهم دوما. لأنه حي في الكنيسة، ولا يمكن أن نفكر بالكنيسة بدو الروح القدس، الذي يُحدث الفرق، ويحدث الضجيج أيضا. فكروا بصبيحة العنصرة، ثم يُحدث تناغما. من المهم أن نتحدث عن التناغم، أكثر من الوحدة. الوحدة نعم، لكن مع التناغم الذي ليس جامدا. الروح القدس يعطي تناغماً تدريجياً، يسير إلى الأمام. أنا أحب ما يقول القديس باسيليوس بشأن الروح القدس. إنه تناغم! إنه تناغم لأنه أولا يُحدث ضجة مع تنوع المواهب. لنترك إذا هذا العمل للروح القدس. بالنسبة لموضوع استقالتي أود أن أشكر زميلة لكم على مقال كتبته، مسلطة الضوء على كل المؤشرات التي تدل إلى استقالة. هذا عمل جيد قامت به الصحفية، لكنه في نهاية المطاف يعبر عن الرأي، ويبحث عن كل المؤشرات، ليس فقط من خلال التصريحات، بل أيضا ضمن اللغة الدفينة التي تقدم هي أيضا المؤشرات.
إن معرفة قراءة المؤشرات، أو القيام بجهد لتفسيرها، هو عمل جميل أشكركم عليه جميعا.
فيبي ناتانسون (ABC News)
أعذرني أيها الأب الأقدس.
أعلم أنك تلقيت الكثير من الأسئلة حول هذا الموضوع لكني أود أن أسألك ما إذا كانت قد خطرت على ذهنك مسألة التقاعد، مع كل الصعوبات الصحية التي تواجهها.
هل حصلت مشاكل حملتك على التفكير بهذا الأمر؟ هل عشت لحظات صعبة جعلتك تفكر بذلك؟
البابا: الباب مفتوح.
إنه خيار طبيعي، لكني لم أقرع هذا الباب لغاية اليوم، لم أفكر بدخول هذه الغرفة أو بهذه الإمكانية.
لكن هذا لا يعني أنني قد أبدأ بالتفكير بذلك بعد غد.

أليس كذلك؟ لكن في الوقت الراهن لا أفكر بهذا الأمر بصراحة.
وهذه الزيارة أيضا كانت بمثابة اختبار. صحيح أنه لا يمكن أن أقوم بالزيارات في هذا الوضع، ربما ينبغي أن أغير النمط، وأقلص المدة، كي أقوم بالزيارات المستقبلية. إعادة تنظيم كل شيء. لكن الرب هو من سيقول ذلك. الباب مفتوح، وهذا صحيح.
قبل أن أترككم، أود أن أتحدث عن أمر مهم جدا بالنسبة لي. إن زيارة كندا كانت مرتبطة جدا بشخصية القديسة حنة.
لقد قلت بعض الكلمات عن النساء، وخصوصا المسنات، والأمهات والجدات.

وسلطت الضوء على أمر واضح: على الإيمان أن يُنقل من خلال اللغة المحكية، لغة الأم ولغة الجدة. لقد تشربنا الإيمان من خلال هذه اللغة النسائية. وهذا أمر بالغ الأهمية. دور المرأة في نقل الإيمان وتنميته.

الأم أو الجدة هي من تعلّم الصلاة، هي من تشرح الأمور الإيمانية التي لا يستطيع أن يفهمها الطفل. وأستطيع أن أقول إن نقل الإيمان باللغة المحكية مرتبط بالنساء.

يمكن أن يقول أحد ما: كيف تفسر هذا من الناحية اللاهوتية؟ أردّ بالقول إن من ينقل الإيمان هي الكنيسة، والكنيسة هي امرأة، إنها عروس، وليست ذكرا. الكنيسة امرأة.
علينا أن ندخل في فكر الكنيسة المرأة، الكنيسة الأم، الذي هو أهم من خيال يتعلق بالخدمة الذكورية، أو أي سلطة ذكورية.  الكنيسة الأم. أمومة الكنيسة. هذه هي صورة أم الرب.

هناك لا بد من تسليط الضوء على أهمية نقل الإيمان من خلال لغة الأم المحكية. لقد اكتشفت هذا الأمر، على سبيل المثال، من خلال قراءة استشهاد الماكابيين: يقول الكتاب مرتين أو ثلاث إن الأم كانت تشجعهم باللغة المحكية الأمومية.

هكذا يُنقل الإيمان. وهذا اللغة تحكيها النساء.
هذا هو فرح الكنيسة الكبير، لأن الكنيسة امرأة، الكنيسة عروس. هذا ما أردت أن أقول بوضوح مفكراً بالقديسة حنّة.

Comments are closed.