افتتاح السفارة البابوية الجديدة في تيمور الشرقية وحديث عن أهمية وثيقة الأخوّة الإنسانية
قرب البابا فرنسيس من الشعب والكنيسة في تيمور الشرقية، هذا ما شدد عليه المطران إدغار بينيا بارا وكيل الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان خلال افتتاحه السفارة البابوية الجديدة في العاصمة ديلي. كما وشارك في مؤتمر حول وثيقة الأخوّة الإنسانية التي أدرجت تيمور الشرقية مبادئها في المناهج التعليمية.
افتتح وكيل الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان المطران إدغار بينيا بارا الثلاثاء ٢٠ أيلول سبتمبر السفارة البابوية الجديدة في ديلي عاصمة تيمور الشرقية. وفي كلمته إلى المشاركين في هذا الافتتاح، ومن بينهم رئيس البلاد راموس هورتا الحاصل على جائزة نوبل للسلام سنة ١٩٩٦، أعرب عن الرجاء أن يكون هذا الحدث تعبيرا ملموسا عن الاهتمام الذي أولاه البابوات دائما إلى شعب تيمور الشرقية، هذا إلى جانب كون افتتاح السفارة الجديدة تعبيرا عن قرب البابا فرنسيس من الكنيسة في هذا البلد، وتابع راجيا أن يكون افتتاح السفارة تشجيعا وتجددا للمؤمنين جميعا.
ومن بين ما أشار إليه المطران إدغار بينيا بارا في كلمته كون السفارة الجديدة “خضراء” بالكامل، وذلك تماشيا مع تعليم البابا فرنسيس في الرسالة العامة “كن مسبَّحًا” حول العناية بالخليقة، بالبيت المشترك. وتحدث من جهة أخرى عما وصفه بـ “التناغم المعماري” للسفارة الجديدة والذي يُعتبر علامة للعلاقات الجيدة بين الكرسي الرسولي وجمهورية تيمور الشرقية. هذا وأراد وكيل الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان التذكير بأن افتتاح السفارة الجديدة يأتي تزامنا مع الاحتفال بمرور ٢٠ سنة على استقلال تيمور الشرقية وإقامة العلاقات الدبلوماسية. وتحدث في هذا السياق عن تطور العلاقات بين الطرفين بفضل تطبيق اتفاق سنة ٢٠١٥ والذي يتعلق بجوانب كثيرة في حياة وخدمة الكنيسة في هذا البلد، وأضاف أن الإيمان الكاثوليكي يشكل منذ أكثر من ٥٠٠ سنة مصدر قوة وعزاء لشعب تيمور الشرقية سواء في الفترات الإيجابية أو السلبية.
وتابع وكيل الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان كلمته مذكرا بتعيين البابا فرنسيس رئيس أساقفة ديلي المطران فيرجيليو دو كارمو دا سيلفا كاردينالا ليصبح الكاردينال الأول في تيمور الشرقية. ثم رحب المطران إدغار بينيا بارا بقرار برلمان تيمور الشرقية تبَني وثيقة الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك والتي وقعها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام أحمد الطيب في أبو ظبي في شباط فبراير ٢٠١٩. وفي مداخلة له في مؤتمر عُقد في جامعة تيمور الشرقية الكاثوليكية حول هذه الوثيقة أشار وكيل الشؤون العامة في أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى إدراج محتوى وثيقة الأخوّة الإنسانية في البرامج التعليمية في تيمور الشرقية، وأضاف أن مبادئ الوثيقة ستقود الشباب في تطلعهم إلى أن يكونوا مواطنين صالحين لا فقط لهذا البلد بل وللعالم. وشدد المطران إدغار بينيا بارا على أنه فقط من خلال الاعتراف بالكرامة المتشابكة لجميع الأشخاص يمكننا أن نبلغ المصالحة الحقيقية والسلام ومداواة جراح الماضي وتأسيس مجتمع لأجيال المستقبل يتميز بالعدالة والرخاء.
توقف المطران بينيا بارا بعد ذلك عند أهمية تنشئة الأجيال القادمة وتأمل في بعض جوانب أهمية وثيقة أبو ظبي بالنسبة للحوار بين الأديان والحياة في تيمور الشرقية. ذكَّر في كلمته من جهة أخرى بالاحتفال الإفخارستي الذي ترأسه البابا يوحنا بولس الثاني سنة ١٩٨٩ خلال زيارته هذا البلد حين تمحورت عظته حول ملح الأرض، وشدد البابا القديس حينها على الوظيفة المزدوجة للملح، أي منح مذاق من جهة وقدرته على الحفظ من جهة أخرى. وتوقف المطران بينيا بارا بالتالي عند أهمية الملح كرمز للأخوّة، وأشار في هذا السياق إلى ما يقدمه شعب تيمور الشرقية من مَثل، فهو شعب لم يصالَح فقط بل هو أيضا شعب مصالِح. تحدث بالتالي عن مذاق أخوّة يشكل شرطا لا غنى عنه لبلوغ السلام حسب ما تؤكد وثيقة الأخوّة الإنسانية، وتابع أن الملح يضمن هذا المذاق من جهة ويحفظ التلاحم من جهة أخرى وذلك بفضل التربية والتعليم. ومن هنا يتميز قرار تيمور الشرقية إدراج مبادئ وثيقة الأخوّة الإنسانية في برامج المدارس والجامعات بأهمية تاريخية أكبر، وذلك من أجل الحفاظ على ما يتم تعلمه لتشكيل وعي أكثر نضجا بشكل متواصل. وختم المطران بينيا بارا مشددا على أهمية الحوار بين الأديان والذي أكد البابا فرنسيس كونه لا مجرد فرصة، بل هو خدمة ضرورية وعاجلة للبشرية لا غنى عنها.
Comments are closed.