الصلاة في حياة الكنيسة بقلم الشماس يوسف عرموش

مقدمة
كان المعمّدون يواظبون على “تعليم الرسل” والمشاركة، وكسر الخبز والصلوات (أعمال 1: 42). ويكرّر ذلك أعمال الرسل عدة مرات. تارةً نرى التلاميذ يجتمعون الساعة الثالثة؛ وبطرس ويوحنا يصعدان الهيكل لصلاة الساعة التاسعة (أع 3: 1). وبولس وسيلا يُسبّحان الله عند منتصف الليل (أع 16: 23).

الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية تعتمد في إيمانها على الكتاب المقدس والتقليد الرسولي والقديسين وخلفاء الرسل ……. الكنيسة البروتستانتية تقف عند الكتاب المقدس.
أولاً: صلاة المسيح
وبما أن المسيح هو كلمة الله (يو 1:1) فهو كاهن العهد الجديد والأزلي (عبرا 10: 6) “هاءنذا آتٍ لأعمل بمشيئتك، يا الله”.

قد ترك لنا مثال صلاته.
1- صلاته الفردية
قبل أن يدعو الرسل، وقبل أن يتجلى وعندما يشفي الأصم. وعند إقامة لعازر ….. وهذا ما يدعو الكنيسة إلى وضع الصلوات قبل كل عمل على مثال المعلم الأوحد. كان المسيح يصعد الجبل أي يريد أن يعلو بالمستوى الروحي.
2- صلاته الجماعية
كان هو بنفسه يشترك بالصلاة التي تُقام علانيةً وفي المجامع، كما هو الحال في يوم السبت (لو 4: 16). وفي الهيكل وقد دعاه بيت صلاة (مت 21: 13). وأيضًا كان يسبح مع التلاميذ (مت 26: 3). لذلك نجده يعلمنا الصلاة الربية، فالصلاة تخدم وتحيي خاتمته الفصحية. وبها يجعل “المقدّسين كاملين أبد الدهور” (10: 15).

ثانيًا: صلاة الكنيسة
تعتمد الكنيسة دومًا على ما قاله رأسها السيد المسيح مرارًا وتكرارًا: “صلوا ولا تملوا ….، اطلبوا تجدوا …. اقرعوا يُفتح لكم”. لذلك نجد الرسل في الجماعة المسيحية الأولى يُودعون في رسائلهم بعض الصلوات والدعاء والشكر …… وهي أقسام صلاة الافخارستيا.
فالصلاة التي تُرفع إلى الله، يجب أن تتحد بالمسيح فهو رأس الكنيسة والكنيسة هي جماعة المؤمنين أي نحن مَن نُكوِّن جسد المسيح الذي هو رأس الكنيسة وبانيها. والوسيط الأوحد لنا به وحده سبيل إلى الله (أفسس 2: 18).
فكهنوت المسيح موضوع اشتراك جسد الكنيسة فيه. فنحن عند قبولنا سر العِماد المقدَّس ومسحة الروح القدس نشترك بكهنوت المسيح الملوكي. قال القديس أغسطينوس: “لا يمكن الله أن يهب للبشر عطية أعظم من هذه، أن يجعل عليهم رأسًا هو الكلمة الذي فيه خلق كلَّ شيء، وأن يجعلهم أعضاء له بنوع أنه يكون ابن الله وابن الإنسان، إلهًا واحدًا مع الآب وإنسانًا واحدًا مع البشر …..
فالعلاقة الصادرة من الإنسان باتجاه الله لا تكتمل إلا بالعلاقة الأفقية بين البشر بعضهم ببعض فتتشكل إشارة الصليب. أما وحدة الكنيسة المصلّية، فهو عمل الروح القدس، “الروح يأتي لنجدة ضعفنا، ويشفع لنا بأنات لا توصف” (روم 8: 26)، “روح تبنٍ، به ننادي أبّا، يا أبتِ” (روم 8: 15). فنجد الكثير من الآيات تتحدث عن صلاة الجماعة وفعاليتها ….. “وكان جماعة الذين آمنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة” (أع 4: 32). وكذلك أهمية الصلاة الفردية فأيضًا يقول “حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، كنت هناك بينهم” (مت 18: 20).
ثالثًا: ليتورجيا الساعات
لطالما كان غرض ليتورجيا الساعات تقديس الزمن اليومي والعمل البشري، فهي حوار بين الله والبشر، به يُخاطب الله شعبه والشعب يُجيب الله بالأناشيد وبالصلاة. فالإنسان يسير نحو قداسته ليس فقط عندما يقرأ الكتاب المقدس، ولكن؛ عندما يصلي إفرادًا وجماعةً أيضًا.
فالليترجيا هي احتفال افخارستي وتجسيد لعمل الكلمة وتجسده وموته وقيامته الفدائية للإنسان ففي كل فعل افخارستي تجسيد للإفخارستيا القائمة في السماء. فالكنيسة إلى جانب تسبيح الله، تنقل تمنيات جميع المسيحيين وآمالهم. وتدعو المسيح أيضًا من أجل العالم كله. إذ ترفع ذلك الدعاء والابتهال اللذين في الصلوات “بربنا يسوع المسيح”.
رابعًا: المشاركون بليتورجيا الساعات
كما أن الحضور المسيحاني في الافخارستيا، كذلك متى اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمه يكون بينهم. هي روحانية ليتورجيا الساعات، فالكنيسة تكون حاضرة وعاملة في هذا الاحتفال القائم على جماعة المؤمنين لذلك تدعو المؤمنين للمشاركة فيها أيًا كانوا: إكليروسًا، علمانيين، وقانونيين.
وتُسند للأساقفة والكهنة مهمة تمثيل السيد المسيح على نحو رفيع. فهم المشتركون مع المؤمنين بالكهنوت الملوكي في المعمودية، وبفضل النعمة أصبحوا يمتلكون الكهنوت الخدمي. وتُرتب ليتورجيا الساعات في سائر الاحتفالات المسيحية: من نشيد، مزامير، تلاوة قصيرة أو طويلة للأسفار المقدسة وأدعية. سواء أكان اشتراك فردي أو جماعي. وتدعو الكنيسة إلى القيام بها على أكمل وجه. فمن رتل صلى مرتين.

Comments are closed.