رسالة الميلاد من القدس
بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس يوجّهون رسالة عيد الميلاد المجيد لعام 2022 للعالم بأسره
وجه اليوم بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس رسالة عيد الميلاد المجيد لعام 2022 للعالم بأسره وتاليا نصها :
“وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا” (يو 1: 14)
نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، نقدم سلامنا إلى المسيحيين في جميع أنحاء العالم بنفس مشاعر الرهبة والاندهاش التي عاشها الأشخاص المتواجدون في بيت لحم عند ميلاد ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح.
كما أعلن القديس يوحنا الإنجيلي لاحقا، إنّ مجد الله تجلّى في ميلاد المسيح، الكلمة الذي صار جسدًا، ممتلئًا بالنعمة والحق، كاشفًا محبّة الله العميقة والثابتة للبشريّة، هذه المحبّة التي من خلالها تنازل الله وولد بين البشر، كاملاً في لاهوته وكاملاً في ناسوته.
في عمل الرحمة هذا، تضامن السيد المسيح مع معاناة العالم، وتحمّل مع العائلة المقدسة اضطرابات الحياة العديدة تحت الاحتلال، وقد شملت تهديدات ومخاطر ناجمة عن العنف، والتسجيل القسري، وتشريد الأسرة المقدسة، وتحويل أفرادها إلى لاجئين في أرض غريبة.
ما زالت أحزان ومتاعب مماثلة تصيب العالم في عصرنا هذا، سواء كانت في أوكرانيا أو أرمينيا أو سوريا، وذلك على سبيل المثال لا الحصر، وفي جميع أنحاء الأرض المقدسة. لذا، نعبّر عن اهتمامنا الخاص بالمسيحيين الذين بقوا في أرض ميلاد ربنا، لأننا ملتزمون برعايتهم.
في السنوات الأخيرة، واجه مسيحيو هذه الأرض اعتداءات متعدّدة لحرية ممارستهم إيمانهم، بما في ذلك بعض المهاجمات الجسديّة، ازدراء كنائسهم ومقابرهم، وضع قيود غير مبرّرة لتأدية شعائر عبادتهم، وتهديدات قانونية لممتلكاتهم الكنسية وإدارتها.
أدى هذا الجو المُحبِط إلى انعدام الأمل خاصةً بين شبابنا المسيحيين، الذين يشعرون بشكل متزايد بأنهم غير مرحبٍ بهم في وطنهم الذي سكنه أجدادهم حتى قبل ولادة الكنيسة (أعمال الرسل 2: 11). ونتيجة لذلك، يهاجر الكثيرون منهم بحثًا عن أماكن توفر لهم فرصًا أكبر، ممّا يقلّل من الوجود المسيحي إلى ما دون نسبتهم الحالية الضئيلة التي تبلغ اثنين في المئة من عامة السكان.
لذا نهدي لهؤلاء الشباب معاني تجسّد السيد المسيح وميلاده المجيد سبيلاً إلى الرجاء، مذكّرين الجميع بأنّ الرّب لا يزال يتألم معنا ومن أجلنا، ويقودنا على الدوام بروحه القدوس إلى الحياة الجديدة في نور مجد قيامته. علاوة على ذلك، وعلى غرار جسد المسيح في بعده العالمي، إننا نعتبر أنفسنا بمثابة ذراعي مخلصنا وقدميه، وبها تستمر كنائسنا في تقديم العزيمة والقوة والدعم من خلال خدمة العبادة والصلاة، وخدمة التعليم والرعاية الصحية ومراكز الحج، وفرص التوظيف للحصول على عمل هادف.
وفي هذا السياق، نحن ممتنّون بعودة السياحة وزيارة الحجاج المسيحيين للأراض المقدسة بأعداد متزايدة. نحن نشجعهم ليس فقط على زيارة الحجارة المباركة في الأماكن المقدسة، ولكن أيضًا على الاهتمام بدعم “الحجارة الحيّة” للحضور المسيحي المحلي. وقد أسهمت عائلاتنا المسيحية عبر السنين في بناء ورعاية تلك المواقع الجليلة حتى يومنا هذا.
كما ندعو أيضًا المسيحيين في جميع أنحاء العالم بتأييد الستاتوكو الديني أي مكتسبات الوضع الراهن، ومواصلة العمل والصلاة من أجل السلام والعدالة في أرض ميلاد ربنا، وكذلك في العديد من المناطق التي مزقتها الحروب، حتى تتحقق أكثر فأكثر في جميع أنحاء العالم رسالة الرجاء المباركة التي أعلنها الملاك لأول مرة للرعاة بالقرب من بيت لحم: “لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ” ( لوقا: 2: 10-11).
Comments are closed.