الإهتمام بما لله أم الإهتمام بما للناس بقلم القس سامر عازر
كلمة روحية في الأحد الخمسون ( قبل بدء فصل الصوم الأربعيني الكبير)
لسنا بأحسن حال من بطرس حينما انتهره المسيح فور إعلانه عن مشروع حياته الخلاصي الذي أتى لأجله، وكأنَّ بطرس يريد أن يرسمَ بنفسه مخططاً لما كان يجب أن يسير عليه المسيح، ويرفض أي مشروع آخر حتى ولو أعلنه المسيح نفسه.
هكذا نحن في حياتنا اليوم قد نشبهُ بطرس تماماً لأننا قد نرسمَ خططا وأفكاراً ومشاريع قد تبدو جميله وحلوة في ظاهرها، ولكنها قد لا تتناسب مع مخططات الله وإرادته، فنتخذ موقفاً مشابها لموقف بطرس بأن نصّر على تنفيذ ما نفكر به وما نعتقد أنه صواب، فنحاربَ كل من يقف في طريقنا وكلَّ ما يخالف فكرنا وتوجهَّنا، وننسى أحياناً إنَّ إهتمامنا ليس إهتماماً إلهياً بل إهتماماً بما يفكر به الناس ويرتضون به. وهذا حال الكثيرون اليوم الذين همُّهُم إرضاء الناس وكسبُ ثقتهم حتى على حساب قول كلمة الحق والعدالة والكرامة .. وأكثر ما يفتقر إليه عالمنا اليوم هم أصحاب الضمائر الحية الذين يناصرون قضايا الحق والعدالة والسلام والكرامة.
لذلك انتهر المسيحُ بطرس علانية أمام بقية التلاميذ قائلا له ” اذهب عنّي يا شيطان…”، فما يمثله فكر بطرس في ذلك الوقت كان فكراً بعيداً عن فكر الله وإرادة الله، وكلُّ فكر مخالفٍ ومعادٍ لله هو فكر شيطاني ينتهره المسيح ويوبّخه، ففكر الله عبّر عنه المسيح قبيل إعتماده من يوحنا المعمدان في نهر الأردن “ينبغي أن نكمّل كلّ بّر”، بمعنى أنه علينا نسير وفق أرادة الله التي رسمها لحياتنا حتى ولو لم يقبلها البشر، وهذا هو حال الأنبياء والرسل فكلمتُهم ورسالتُهم ثقيلة لا يحتملُ السامعون سماعَها، لذلك يصدق قول المسيح ” لا كرامة لنبي في وطنه”.
الأجدر بنا ونحن نسير مسيرة الإيمان والرجاء والمحبة أن نقيس حياتنا وفق إرادة الله لنا، عندها فقط نقدر أن نتبع المسيح، وننكر شهوات الدنيا التي تهوي بحياتنا إلى الهاوية وإلى الجحيم، ونقدر أنْ نحملَ صليب الحياة الثقيل الذي يؤهلنا لحياة المجد والقيامة مع المسيح الحيّ القائم من بين الأموات.
Comments are closed.