الثلاثاء بعد أحد الفصح المجيد يوحنا “٢٠: ١١-١٨” بقلم البطريرك ميشيل صباح

أما مريم، فكانت واقفة عند القبر في خارجه تبكي. فانحنت نحو القبر وهي تبكي،
١٢. فرأت ملاكَيْن في ثياب بيض جالسَيْن حيث وُضِعَ جثمان يسوع، أحدهما عند الرأس، والآخر عند القدمَيْن.
١٣. فقالا لها: لماذا تبكِيَن، أيتها المرأة؟ فأجابتهما: أخذوا ربِّي، ولا أدري أين وضعوه.
١٤. قالت هذا، ثم التفتَتْ إلى الوراء، فرأَتْ يسوع واقفًا، ولم تَعلَمْ أنه يسوع.
١٥. فقال لها يسوع: لماذا تبكِينَ، أيتها المرأة، وعمَّنْ تبحثين؟ فظنَّتْ أنه البستانيّ فقالَتْ له: سيِّدي، إذا كُنْتَ أنت قد ذهَبْتَ به، فقُلْ لي أين وضَعْتَه، وأنا آخُذُه.
١٦. فقال لها يسوع: مريم! فالتفتَتْ وقالَتْ له بالعبرية: رابُّوني! أي: يا معلِّم.
١٧. فقال لها يسوع: لا تُمسِكِيني، إني لم أَصعَدْ بعد إلى أبي، بل اذهبي إلى إخوتي، فقولي لهم إني صاعِدٌ إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم.
١٨. فجاءَتْ مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ بأَنْ قد رأَيْتُ الرب. وبأنه قال لها ذاك الكلام.

قَالَ لَهَا يَسُوع: مَريَم! فَالتَفَتَتْ وَقَالَتْ لَهُ بِالعِبرِيَّةِ: رَابُّونِي! أَي: يَا مُعَلِّم” (١٦)”.

مريم المجدلية تبحث عن يسوع. تبعته في حياته الأرضية، وتبعته بعد موته. الرسل هربوا واختبأوا. ظنوا أن الموت ختم كل أحلامهم مع المعلم. أو كانوا ينتظرون؟ مريم لم تختبئْ، ولم تجلس تنتظر أن يحدث شيءٌ ما. بل قامت إلى القبر مسرعة. هي ذهبت تبحث عنه. طلبته ميْتًا، فوجدته حيًّا. أعطي لها أن ترى الملائكة. أعطي لها أن ترى الحجر مدحرجًا والقبر فارغًا، ويسوع ليس في القبر. مع ذلك لم تفكِّر في القيامة، لم تتذكَّر هي أيضًا ما سبق وقاله يسوع قبل موته: إنه سيقوم. مع حبها الكبير له، هي أيضًا لم تفهم. لكنها تبحث عنه. تريد أن تجده. فجاء يسوع للقائها، ناداها باسمها فعرفته.
حينما ينادينا الله باسمنا. الله أب لنا، يعرفنا باسمنا. يعرف أننا في فرح، أو في حزن. يعرف التحديات وكل الصعاب التي نتعرض لها في حياتنا. نعم، يعرفنا باسمنا. وينادينا دائمًا إلى أن ننتبه ونسمع صوته.
الحياة الكاملة هي حياة سمعنا فيها نداء الله. هي حياة نؤمن فيها أن الله أب لنا، بل رفيق لنا. هي حياة نسير فيها مع الله. ونعرف أنه سندنا، مهما حدث لنا. المهم أن نكون نحن أيضًا في حالة بحث عن الله، أبينا. أن نعرف ونؤمن أنه أبونا. ونعرف أيضًا أنه في جميع إخوتنا: إذا تعاملنا معهم، فهم أبناء الله، فنحن نتعامل مع الله نفسه. وإذا تعاملنا حتى مع شؤون الأرض الكثيرة، فنحن نتعامل معه، لأنه أبونا خالقنا وخالق الأرض وكل ما عليها.
أن نكون ساهرين واعين أن الله أبونا في كل حال وفي كل زمن. لسنا وحدنا. لنبحث عن الله. إنه دائمًا آتٍ لملاقاتنا، وإن أصغينا، وإن كنا نبحث عنه مثل مريم، سنسمعه ينادينا باسمنا، في كل حياتنا، في كل عمل صالح، حتى في خطيئتنا لنستفيق ونتوب إليه.
لنعش حياتنا في الأرض، بكل مسؤولياتها وواجباتها. لكن لنعش مع الله. لا ننسَ من نحن. لا ننسَ أن الله يحبنا. لنسمع ما يقول الله. فتصبح حياتنا، فيصبح كل شيء في حياتنا شهادة منا بأننا رأينا الرب.
“فَجَاءَتْ مَريَمُ المـَجدَلِيَّةُ وَأَخبَرَتْ التًّلَامِيذَ بأَنْ قَد رَأَيْتُ الرَّبَّ” (١٨). رأيت الرب. سمعت صوته يقول لي: مهما صنعت أنت، وأينما ذهبت، أنا أبوك، أحبك. أنا رفيقك. لست وحدك. سر معي.
ربي يسوع المسيح، كما بحثت مريم المجدلية عنك، أعطني أن أبحث عنك. في كل فكر وشعور وقول وعمل، أعطني أن أبحث عنك. ربي يسوع المسيح، تعال للقائي، نادِني باسمي. لا تتركني لحظة وحدي. آمين.

Comments are closed.