البابا: السينودس ليس برنامجا تلفزيونياولا برلمانا
البابا يحذر من الأيديولوجيات في الكنيسة وفي العالم.
في الحوار مع الصحفيين على متن رحلة العودة من منغوليا، تحدث البابا فرنسيس عن السينودس، موضحا أنه “ليس برنامجا تلفزيونيا” ولا جمعية برلمانية. وأوضح البابا معنى كلماته للشباب الروس، مؤكدا أنها دعوة لعدم نسيان تراثهم الثقافي العظيم.
ماتيو بروني
شكرًا يا صاحب القداسة على هذه الأيام المكثفة من اللقاء مع هذا الشعب الصغير الغني بالثقافة في أرض عظيمة كما وصفتموها؛ وكذلك مع جماعة مسيحية حية تشهد لإيمانها بنضارة. لقد تمكن الصحفيون من أن يهتموا بهذا المكان وأن يروه ولا يزال لديهم بعض الأسئلة التي يرغبون في طرحها. صباح الخير لكم جميعا وشكرا لرفقتكم. شكرا على العمل الذي قمتم به، ولأنكم أظهرتم من خلال وسائل الإعلام ثقافة هذا الشعب وتاريخه. شكراً جزيلاً.
جارغالسيكان دامبادارجا (The Defacto Gazete)
شكرًا جزيلاً يا صاحب القداسة، على زيارتكم لمنغوليا. سؤالي هو: ما كان هدفكم الرئيسي من هذه الزيارة وما إذا كنتم راضين عن النتيجة التي تم تحقيقها.
البابا: جاءتني فكرة زيارة منغوليا فيما كنت أفكر في الجماعة الكاثوليكية الصغيرة. أنا أقوم بهذه الرحلات لزيارة الجماعات الكاثوليكية وكذلك للدخول في حوار مع تاريخ الشعوب وثقافتها، ومع ما هي الروحانية الخاصة بشعب ما. من المهم ألا يُنظر إلى البشارة كإقتناص. إن الاقتناص يقيد على الدوام. لقد قال البابا بندكتس السادس عشر إن الإيمان لا ينمو بالاقتناص وإنما بالجذب. إن الإعلان الإنجيلي يدخل في حوار مع الثقافة. هناك بشارة للثقافة وكذلك انثقاف للإنجيل. لأن المسيحيين يعبرون أيضًا عن قيمهم المسيحية من خلال ثقافة شعبهم. وهذا هو عكس الاستعمار الديني. بالنسبة لي، كانت الزيارة للتعرف على هذا الشعب، والدخول في حوار معه، وتلقّي ثقافة هذا الشعب ومرافقة الكنيسة في مسيرتها باحترام كبير لثقافة هذا الشعب. وأنا راضٍ عن النتيجة.
أولامبادراخ ماركاخو (ULS Suld Tv)
إن صراع الحضارات اليوم لا يمكن حله إلا من خلال الحوار، كما قلتم يا صاحب القداسة. فهل تستطيع أولانباتار أن تقدم نفسها كمنصة للحوار الدولي بين أوروبا وآسيا؟
البابا: أعتقد ذلك. ولكن لديكم شيء مثير للاهتمام جدًّا، وهو ما يشجع هذا الحوار أيضًا، وأسمح لنفسي بأن أسميه “روحانية الجار الثالث”، والذي يجعلكم تمضون قدمًا في سياسة الجار الثالث. إن أولانباتار هي عاصمة دولة بعيدة عن البحر، ويمكننا القول إن أرضكم تقع بين قوتين عظيمتين، روسيا والصين. ولهذا السبب، روحانيتكم هي محاولة الحوار أيضًا مع “الأطراف الثالثة المجاورة”: ليس من منطلق ازدراء هذين الاثنين، لأن لديكم علاقات جيدة مع كليهما، ولكن من منطلق الرغبة في العالمية، ولكي تظهروا قيمكم الخاصة إلى العالم أجمع، وتنالوا أيضًا قيم الآخرين لكي تقودكم إلى الحوار. من الغريب أنه في التاريخ كان البحث عن أراضٍ أخرى غالبًا ما يتم خلطه مع الاستعمار، أو مع الدخول للسيطرة على الدوام. أما أنتم، مع روحانية الجار الثالث هذه، لديكم فلسفة البحث عن الحوار. لقد أحببت حقًا تعبير الجار الثالث هذا. إنه غناكم.
كريستينا كابريجاس (EFE)
لقد وجّهتم بالأمس رسالة إلى الشعب الصيني وطلبتم من الكاثوليك أن يكونوا مواطنين صالحين بعد عدم سماح سلطات البلاد للأساقفة بالقدوم إلى منغوليا. كيف هي العلاقات مع الصين في الوقت الراهن؟ وهل هناك أي أخبار عن زيارة الكاردينال زوبي إلى بكين وعن مهمته في أوكرانيا؟
البابا: إنّ مهمة الكاردينال زوبي هي مهمة سلام أوكلتُها له. وقد وضع خطة لزيارة موسكو وكييف والولايات المتحدة وكذلك بكين. الكاردينال زوبي هو رجل حوار عظيم ورؤية عالمية، وله في تاريخه خبرة العمل الذي تم القيام به في الموزمبيق في البحث عن السلام ولهذا السبب أرسلته. إن العلاقات مع الصين هي محترمة للغاية؛ وأنا شخصياً أكنُّ إعجاباً كبيراً بالشعب الصيني، والقنوات مفتوحة جداً، ولتعيين الأساقفة هناك لجنة تعمل مع الحكومة الصينية والفاتيكان منذ بعض الوقت، ومن ثم هناك الكثير أو بالأحرى بعض الكهنة الكاثوليك أو المثقفون الكاثوليك الذين تتم دعوتهم غالبًا لكي يدرِّسورا في الجامعات الصينية. وبالتالي أعتقد أنه يجب علينا أن نمضي قدمًا في الجانب الديني لكي نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل وأن المواطنين الصينيين لا يعتقدون أن الكنيسة لا تقبل ثقافتهم وقيمهم وأن الكنيسة تعتمد على قوة أجنبية أخرى. إن اللجنة التي يرأسها الكاردينال بارولين تسير جيدًا في هذا المسار الودي: وهي تقوم بعمل جيد، وكذلك من الجانب الصيني أيضًا، العلاقات تسير. أنا لدي احترام كبير للشعب الصيني.
جيرارد أوكونيل (America Magazine)
صاحب القداسة، إن العلاقات بين فيتنام والكرسي الرسولي إيجابية جدًّ في الوقت الحالي، وقد قامت بخطوة مهمة إلى الأمام مؤخرًا. يطلب العديد من الكاثوليك الفيتناميين أن تزوروها كما فعلتم في منغوليا. هل هناك إمكانية الآن لزيارة فيتنام، هل هناك دعوة من الحكومة؟ وما هي الزيارات الأخرى التي تخططون لها؟
البابا: الفيتنام هو إحدى خبرات الحوار الجميلة التي عاشتها الكنيسة في الآونة الأخيرة. أود أن أقول إنه مثل تناغم في الحوار. كان لدى الجانبين النية الطيبة لفهم بعضهما البعض والبحث عن سبل للمضي قدمًا، لقد كان هناك بعض المشاكل، لكن في فيتنام أرى أنه سيتم التغلب على المشاكل عاجلاً أم آجلاً. منذ فترة قصيرة تحدثنا بحرية مع رئيس الفيتنام. أنا متفائل للغاية بشأن العلاقات مع الفيتنام، وهناك عمل جيد يتم القيام به منذ سنوات. أتذكر أنه لأربع سنوات خلت، جاءت مجموعة من البرلمانيين الفيتناميين لزيارتي: حوار لطيف معهم، ومحترم للغاية. عندما تنفتح ثقافة ما، تكون هناك إمكانية للحوار، وإذا كان هناك إغلاق أو شكوك، يكون الحوار صعبًا للغاية. مع الفيتنام، الحوار مفتوح، بكل إيجابياته وسلبياته، لكنه مفتوح ونحن نتقدم ببطء. كانت هناك بعض المشاكل، ولكن تم حلها. أما بالنسبة إلى زيارة الفيتنام، إذا لم أذهب أنا، فمن المؤكد أن يوحنا الرابع والعشرون سيذهب. أنا متأكد من أن هذه الزيارة ستتم، لأنها أرض تستحق أن تسير قدمًا، واديها إعجابي. وفيما يتعلق بالزيارات الأخرى، هناك مرسيليا، ثم هناك زيارة إلى بلد صغير في أوروبا ونحن نرى ما إذا كان بإمكاننا القيام بذلك ولكن، أنا أقول الحقيقة، بالنسبة لي الآن، لم يعد القيام بالرحلة سهلاً كما كان في السابق في البداية، هناك بعض القيود في المشي وهذا الأمر يحدُّ قليلاً، ولكن سنرى.
فاوستو غاسباروني (ANSA)
صاحب القداسة، لقد أثارت تصريحاتكم مؤخرًا نقاشًا بين الشباب الكاثوليك الروس بشأن روسيا الأم العظيمة، وإرث شخصيات مثل بطرس الأكبر وكاثرين الثانية. إنها تصريحات قد أثارت غضب الأوكرانيين إلى حد كبير، وكانت لها أيضاً عواقب على المجال الدبلوماسي، وقد نُظِر إليها نوعًا ما كتمجيد للإمبريالية الروسية ونوعاً من التأييد أيضًا لسياسات بوتن. أردت أن أسألكم، لماذا شعرتم بالحاجة إلى الإدلاء بهذه التصريحات، وإذا فكرتم في الفرصة للإدلاء بها، هل ستتكرورها؟ وكذلك، من أجل التوضيح، هل يمكنكم أن تقولون لنا ما هو رأيكم بالإمبريالية، وخاصة بالإمبريالية الروسية؟
البابا: لنحدد المكان الذي حدث فيه الأمر – حوار مع الشباب الروس. وفي نهاية الحوار أعطيتهم رسالة، وهي رسالة أكررها دائمًا: أن يأخذوا إرثهم على عاتقهم. النقطة الأولى: أن يأخذ المرء إرثه على عاتقه. هو أمر أقوله في كل مكان. وبهذه الرؤية أحاول أيضًا أن أخلق حوارًا بين الأجداد والأحفاد: أن يأخذ الأحفاد الإرث على عاتقهم. أقول هذا في كل مكان وكانت تلك هي الرسالة. خطوة ثانية، لتوضيح الإرث: في الواقع، قلت فكرة روسيا العظيمة، لأن الإرث الروسي جيد جدًا، إنه جميل جدًا. فكر في مجال الأدب، في مجال الموسيقى، وصولاً إلى دوستويفسكي الذي يحدثنا اليوم عن الأنسنة الناضجة؛ لقد أخذت على عاتقها هذه الأنسنة التي تطورت في الفن والأدب. وهذه هي النقطة الثانية لما قلته حول الإرث، أليس كذلك؟ ربما لم تكن النقطة الثالثة سعيدة، لكن بالحديث عن روسيا الكبرى ربما ليس بالمعنى الجغرافي بقدر ما بالمعنى الثقافي، تذكرت ما علمونا إياه في المدرسة: بطرس الأكبر، وكاثرين الثانية. وجاء هذا (العنصر) الثالث، والذي ربما ليس صحيحًا تمامًا. لا أعرف. فليخبرنا المؤرخون. لكنها إضافة خطرت في ذهني لأنني درستها في المدرسة. ما قلته للشباب الروس هو أن يأخذوا إرثهم على عاتقهم، أي ألا يشتروه من مكان آخر. بل أن يأخذوا إرثهم على عاتقهم. وما هو الإرث الذي قدمته روسيا الكبرى: الثقافة الروسية جميلة وعميقة جدًا؛ ولا ينبغي إلغاؤها بسبب مشاكل سياسية. لقد مررتم بسنوات مظلمة في روسيا، لكن الإرث بقي دائمًا كذلك بين أيديكم. ومن ثم أنت تتحدث عن الإمبريالية. وأنا ولم أكن أفكر في الإمبريالية عندما قلت ذلك، لقد تحدثت عن الثقافة، ونقل الثقافة ليس إمبرياليًا أبدًا، أبدًا؛ إنه حوار دائمًا، وكنت أتحدث عن هذا. صحيح أن هناك إمبرياليين يريدون فرض أيديولوجيتهم. سأتوقف عند هذا الحد: عندما يتم تقطير الثقافة وتحويلها إلى أيديولوجية، هذا هو السم. يتم استخدام الثقافة، ولكن يتم تقطيرها في إيديولوجيا. علينا أن نميِّز، عندما يتعلق الأمر بثقافة شعب ما، وعندما يتعلق الأمر بالإيديولوجيات التي تنشأ بعد ذلك لدى بعض الفلاسفة، أو بعض السياسيين من ذلك الشعب. وأقول هذا للجميع، وللكنيسة أيضًا. غالبًا ما يتم داخل الكنيسة وضع الأيديولوجيات التي تفصل الكنيسة عن الحياة التي تأتي من الجذر وتصعد إلى الأعلى؛ والتي تفصل الكنيسة عن تأثير الروح القدس. إيديولوجيا غير قادرة على التجسد، لأنها مجرد فكرة. لكن الأيديولوجية تأخذ مكانها وتصبح سياسة، وعادة ما تصبح دكتاتورية، أليس كذلك؟ وتصبح عجزًا عن الحوار والمضي قدمًا في الثقافات. والإمبريالية تفعل هذا. إن الإمبريالية تتوطد دائما على أساس أيديولوجي. وعلينا أيضًا أن نميز في الكنيسة بين العقيدة والأيديولوجية: إنّ العقيدة الحقيقية ليست أبدًا إيديولوجية، أبدًا؛ وهي متجذّرة في شعب الله المقدّس والأمين؛ أما الأيديولوجيا فهي منفصلة عن الواقع، ومنفصلة عن الشعب… لا أعلم إذا كنت قد أجبت على السؤال.
روبرت ميسنر (DPA)
صباح الخير. سؤال بخصوص تحديثكم للرسالة العامة “كن مسبّحًا”‘. هل يمكن فهمه كإظهار للتضامن مع نشطاء حماية البيئة مثل “الجيل الأخير”، هؤلاء الذين يقومون باحتجاجات مذهلة؟ ربما هناك أيضًا رسالة في هذا التحديث للناشطين الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع؟
البابا: بشكل عام: أنا لا أتحدث عن هؤلاء المتطرفين. لكن الشباب يشعرون بالقلق. هناك عالم إيطالي جيد – وقد كان لدينا لقاء في الأكاديمية – ألقى خطابًا جيدًا وانتهى الأمر على هذا النحو: “لا أريد لحفيدتي، التي ولدت بالأمس، أن تعيش في مثل هذا العالم القبيح بعد ثلاثين عامًا”. إن الشباب يفكرون في المستقبل. وبهذا المعنى يعجبني أنهم يكافحون بشكل جيد. ولكن عندما يتعلق الأمر بالأيديولوجية أو بالضغط السياسي أو عندما يتم استخدامه لهذا الغرض، فهذا الأمر ليس جيدًا. سيتم إصدار إرشادي الرسولي في يوم القديس فرنسيس، ٤ تشرين الأول أكتوبر، وهو عبارة عن مراجعة لما حدث منذ انعقاد مؤتمر الأطراف في باريس، والذي ربما كان الأكثر إثمارًا حتى الآن. هناك بعض الأخبار حول بعض مؤتمرات الأطراف وبعض الأمور التي لم يتم حلها بعد وهناك حاجة ملحة لحلها. إنه ليس كبيرًا مثل الإرشاد الرسولي “كن مسبّحًا” ولكنه المضي قدمًا له في الأشياء الجديدة، وكذلك تحليل للوضع.
إتيان لوريير (KTO Tv)
تريدون كنيسة سينودسية، في منغوليا وفي العالم. وجمعيّة تشرين الأول أكتوبر هي بالفعل ثمرة عمل شعب الله، فكيف يمكن للمعمدين من كل أنحاء العالم أن يشاركوا في هذه المرحلة؟ كيف يمكن تجنب الاستقطاب الأيديولوجي؟ وهل سيتمكن المشاركون من أن يتكلّموا عما يعيشونه ويشاركوه علانيّة، لكي يسمحوا لنا بالسير معهم؟ أم أن العملية برمتها ستكون سرية؟
البابا: لقد تحدثت عن كيفية تجنب الضغوطات الأيديولوجية. لا مكان للأيديولوجية في السينودس، إنها ديناميكية أخرى. السينودس هو حوار بين المعمّدين، بين أعضاء الكنيسة، حول حياة الكنيسة، حول الحوار مع العالم، حول المشاكل التي تلمس البشرية اليوم. لكن عندما نفكر (في السير) في درب إيديولوجي، ينتهي السينودس. لا مكان للأيديولوجية في السينودس، وإنما هناك مجال للحوار. نقاش بين بعضنا البعض، بين إخوة وأخوات، ونقاش مع عقيدة الكنيسة. للمضي قدما. ثم أريد أن أؤكد أن السينودسية ليست من اختراعي: وإنما (من تحدّث عنها أولاً) كان القديس بولس السادس. عندما انتهى المجمع الفاتيكاني الثاني، أدرك أن الكنيسة في الغرب فقدت البعد السينودسي؛ أما الكنيسة الشرقية فكانت لا تزال تحتفظ به. ولهذا أنشأ أمانة سر سينودس الأساقفة، التي قامت خلال هذه السنوات الستين بالتفكير بطريقة سينودسية، مع تقدم مستمر، والمضي قدمًا. عندما كانت الذكرى الخمسين لقرار القديس بولس السادس هذا، قمت بتوقيع ونشر وثيقة حول ماهية السينودس وما تمَّ المضي به قدمًا. لقد تطور الأمر الآن، ونضج أكثر، ولهذا السبب اعتقدت أنه من الجيد جدًا أن يكون هناك سينودس حول السينودسيّة، التي ليست موضةً، وإنما شيء قديم، وهو موجود في الكنيسة الشرقية منذ البدايات. ولكن يبقى السؤال كيف نعيش السينودسيّة، وكيف ونعيشها كمسيحيين، كما قلت من قبل، دون أن نقع في الأيديولوجيات. أما عملية الجمعيّة: هناك شيء واحد علينا أن نحافظ عليه، وهو الجو السينودسي. هذا ليس برنامجًا تلفزيونيًا نتحدث فيه عن كل شيء. لا، هناك وقفة دينية، هناك وقفة تبادل ديني. يكفي أن تفكري أنّهه في المقدمات السينودسية سيتحدثون لمدة ثلاث إلى أربع دقائق لكل منهم، ثلاث (مداخلات) وبعد ذلك سيكون هناك ثلاث إلى أربع دقائق صمت للصلاة. ثم ثلاثا أخرى، والصلاة. بدون روح الصلاة هذا لا توجد سينودسية، بل تكون سياسة، ويكون هناك برلمانية. والسينودس ليس برلمانا. أما فيما يتعلق بالسرية: هناك قسم برئاسة الدكتور روفيني الحاضر هنا، والذي سيصدر بيانات صحفية حول سير أعمال السينودس. من الضروري في السينودس أن نحافظ على التدين ونحافظ على حرية المتكلمين. ولهذا ستكون هناك لجنة، برئاسة الدكتور روفيني، وهي ستوفر المعلومات حول التقدم الذي يتمُّ إحرازه في السينودس.
أنطونيو بيلايو (Vida Nueva)
أيها الأب الاقدس لقد تحدثتم للتو عن السينودس ونحن نتفق معكم جميعًا على أن هذا السينودس يثير الكثير من الفضول والكثير من الاهتمام. ولكنّه لسوء الحظ يثير أيضًا العديد من الانتقادات التي تأتي من الأوساط الكاثوليكية. أريد أن أشير إلى كتاب كتب مقدّمته الكاردينال بورك الذي يقول إن السينودس هو صندوق باندورا الذي ستأتي منه كل مصائب الكنيسة. ما رأيكم في هذا الموقف؟ هل تعتقدون أن الواقع سوف يتغلب عليه أم أنه سوف يؤثّر على السينودس؟
البابا: لا أعرف إذا كنت قد قلت ذلك في السابق. قبل بضعة أشهر اتصلت بدير للكرمليات. (وسألت) “كيف حال الراهبات أيتها الأم الرئيسة؟”. كان دير للكرمليات غير إيطالي. وأجابتني الرئيسة. وفي النهاية قالت لي: “يا صاحب القداسة. نحن خائفات من السينودس”. فأجبتها مازحًا: “ماذا يحدث؟ هل تتُردنَ إرسال راهبة إلى السينودس؟ (فقالت) “لا، نحن نخشى أن يغير عقيدتنا”. وهذا ما تقوله أنت أيضًا: هناك هذه الفكرة… ولكن إذا ذهبتَ إلى جذور هذه الأفكار ستجد إيديولوجيات. دائمًا، عندما نريد أن نفصل مسيرة الشركة في الكنيسة، فإن ما يفصل دائمًا هو الإيديولوجية. ويتهمون الكنيسة بهذا أو ذاك، لكنهم لا يتهمونها أبدًا بما هو حقيقي: بكونها خاطئة. لا يقولون أبداً إنها خاطئة… بل يدافعون عن عقيدة بين علامتي الاقتباس، وهي عقيدة مثل الماء المقطر، ليس لها طعم وليست هي العقيدة الكاثوليكية الحقيقية الموجودة في قانون الإيمان. والتي غالبا ما تسبب حجر عثرة، تمامًا كما تشكل حجر عثرة فكرة أن الله صار جسدًا، وأن الله صار إنسانًا، وأن السيدة العذراء حافظت على بتوليّتها.
سيندي وودن (CNS)
صباح الخير يا صاحب القداسة، أود أن أتابع سؤال الزميل الفرنسي حول السينودس والمعلومات. لقد كرّس العديد من المؤمنين العلمانيين الكثير من الوقت والصلاة والمشاركة في التكلّم والاصغاء، ويريدون أن يعرفوا ما سيجري خلال السينودس، والجمعية. وقد تحدثتم عن خبرتكم في السينودس حول المكرسين والذي قال فيه بعض أعضاء السينودس “لا تضعوا هذا”، “لا يمكننا أن نقول هذا…”. نحن الصحفيين لا نملك حتى إمكانية الوصول إلى الجمعية العامة والجلسات العامة، فكيف يمكننا التأكد من أن ما يعطى لنا هو صحيح؟ أليس هناك فرصة ليكون السينودس أكثر انفتاحا مع الصحفيين؟
البابا: لكنه منفتح جدًا يا عزيزتي، إنه منفتح جدًا! هناك لجنة يرأسها روفيني ستقدم الأخبار كل يوم، لكن أكثر انفتاحًا لا أعرف… ومن الجيد أن تحترم هذه اللجنة جدًا مساهمات الجميع وأن تحاول ألا تثرثر، بل أن تقول الأشياء المتعلّقة بالتقدم السينودسي والتي هي بنّاءة للكنيسة. إذا أردتِ، أو إذا أراد أحدهم أن تكون الأخبار: هذا قد أغضب ذلك لهذا السبب أو لذاك، فهذه ثرثرة سياسية. لذلك أمام اللجنة مهمة صعبة، وهي أن تقول: اليوم يسير التفكير بهذه الطريقة، ويسير على هذا النحو، وأن تنقل الروح الكنسية، وليس الروح السياسية. إنَّ السينودس يختلف عن البرلمان. ولا تنسوا أن رائد السينودس هو الروح القدس. وكيف يمكننا أن ننقل هذا؟ لهذا علينا أن ننقل التقدم والتوجه الكنسي.
فينشينزو روميو (RAI TG 2)
صباح الخير يا صاحب القداسة، أنت بابا الضواحي والضواحي، وخاصة في إيطاليا، تتألم بشدة. لقد شهدنا حوادث عنف وانحطاط مثيرة جدًّا للقلق… على سبيل المثال، لقد دعاكم كاهن رعية بالقرب من نابولي، الأب باتريتشيلو، لكي تزوروهم، ومن ثم لكي تزوروا باليرمو… ما الذي يمكن فعله؟ لقد اعتدتم على زيارة مُدن الصفيح في بوينس آيرس لذا فأنتم لديكم خبرة في ذلك. حتى أن رئيس وزرائنا قد زار إحدى هذه الضواحي، وهناك الكثير من النقاش. ما الذي يمكن فعله، وما الذي يمكن أن تفعله الكنيسة ومؤسسات الدولة للتغلب على هذا التدهور وضمان أن تكون الضواحي جزءًا حقيقيًا من البلاد؟
البابا: بهذا أنت تتحدث عن الضواحي كأحياء فقيرة: علينا أن نمضي قدمًا، وأن نذهب إلى هناك ونعمل هناك، كما كان يحدث في بوينس آيرس مع الكهنة الذين كانوا يعملون في هذه النواحي: فريق من الكهنة مع أسقف مساعد على رأسه ويعملون هناك. علينا أن نكون منفتحين على هذا، يجب على الحكومات أن تكون منفتحة، جميع حكومات العالم، ولكن هناك بعض الضواحي المأساوية. أعود إلى إحدى الضواحي التي يتمُّ السعي لإخفائها: ضاحية الروهينجا. إن الروهينجا يتألّمون، هم ليسوا مسيحيين، بل مسلمين، لكنهم يعانون لأنهم تحولوا إلى الضواحي، وتم طردهم. علينا أن نرى مختلف أنواع الضواحي وأن نتعلم أيضًا أن الضواحي هي المكان الذي يكون فيه الواقع البشري أكثر وضوحًا وأقل تعقيدًا – هناك أيضًا لحظات سيئة لا أريد أن أجعلها مثالية – ولكن فيها يمكننا أن نرى بشكل أفضل. لقد قال أحد الفلاسفة ذات مرة شيئًا أثّر فيَّ كثيرًا: “إنَّ الواقع يُفهم بشكل الأفضل من الضواحي”، هناك يُفهم الواقع جيدًا. علينا أن نتحاور مع الضواحي وعلى الحكومات أن تحقق عدالة اجتماعية حقيقية، مع الضواحي الاجتماعية المختلفة وكذلك مع الضواحي الأيديولوجية وأن تذهب للحوار معها، لأنه في كثير من الأحيان تكون بعض الضواحي الأيديولوجية الرائعة هي التي تسبب الضواحي الاجتماعية. إنَّ عالم الضواحي ليس سهلا. شكرًا.
Comments are closed.