افتتاح مؤتمر “مقاربات مسكونيّة حول التّغيّر المناخيّ”
إختتم مجلس كنائس الشّرق الأوسط “موسم الخليقة” لهذه السّنة في خدمة صلاة مسكونيّة تحت عنوان “ليتدفّق العدل والسّلام”، يوم الأربعاء 4 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، باستضافة جامعة الرّوح القدس، الكسليك– لبنان.
شارك في الصّلاة القسّ الدكتور بول هايدوستيان، رئيس إتّحاد الكنائس الإنجيليّة الأرمنيّة في الشّرق الأدنى، رئيس جامعة هايكازيان في لبنان، ورئيس مجلس كنائس الشّرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة، القسّ جوزيف قصّاب، رئيس المجلس الأعلى للكنائس الإنجيليّة، المتروبوليت الأنبا توماس ممثّلًا بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني، المطران بولس روحانا ممثّلًا بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، المطران إيلي حدّاد ممثّلًا بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسي، الأب موفسيس دوانيان ممثّلًا كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشّرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان، والأب سركيس ابراهميان ممثّلًا كاثوليكوس الكنيسة الأرمنيّة الرّسوليّة لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأوّل، راعي أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) للرّوم الأرثوذكس المتروبوليت سلوان موسي، رئيس الكنيسة الكلدانيّة في لبنان المطران ميشال قصارجي، راعي الكنيسة اللّاتينية في لبنان المطران سيزار أسايان، المطران توماس راينهولد راسموسين من الدانمارك.
خلال الصّلاة وجّه القسّ الدّكتور بول هايدوستيان عظة شدّد فيها على أهمّيّة الحفاظ على خليقة الله حيث شرح أنّنا “قد نختار بغطرسة إفساد مياه الآبار الّتي يمكن الوصول إليها، أو الاعتماد على المياه الّتي يتمّ شراءها عن طريق الممارسات الاقتصاديّة الظّالمة. وينطبق الشّيء نفسه على الموارد الطّبيعيّة الأخرى أيضًا. وهكذا، بدلًا مِنَ الاستمتاع بعطايا الطّبيعة الّتي وهبها الله مثل الغابة، حتّى لو كانت لا تُمثّل أيّ حاجة للجودة والحياة، على حساب تدبير الله للطّبيعة والنّاس. وفي الختام، ممكن أنْ نُلخّص الأمر في السّؤالين التّاليين: ما الّذي تتعطشّ إليه عقولنا وقلوبنا؟ ومَنْ سيدفع الثّمن على المدى الطّويل لأسلوب حياتنا عندما نُخطئ؟”.
تضمّنت الصّلاة تضرّعات وتأمّلات إضافةً إلى ترانيم قدّمها مجموعة من طلّاب الكنيسة الأرمنيّة في كلّيّة اللّاهوت للشّرق الأدنى، طلّاب من الكنيسة الأرثوذكسيّة في معهد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ اللّاهوتيّ- جامعة البلمند، وطلّاب من الكنيسة المارونيّة في كلّيّة اللّاهوت الحبريّة في جامعة الرّوح القدس- الكسليك.
بعد انتهاء الصّلاة، افتتح مجلس كنائس الشّرق الأوسط بالتّعاون مع رابطة الكلّيّات والمعاهد اللّاهوتيّة في الشّرق الأوسط (ATIME) مؤتمر “مقاربات مسكونيّة حول التّغيّر المناخيّ”، في جامعة الرّوح القدس، الكسليك، حيث تستمرّ جلساته ليوم الخميس 5 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 في جامعة القدّيس يوسف في بيروت. يهدف المؤتمر إلى التّوعية حول مواضيع بيئيّة عدّة من نظرة لاهوتيّة حيث تتمحور حول التّغيّر المناخيّ، العدالة الاجتماعيّة، العناية بالمخلوقات والحفاظ على البيئة، بمشاركة قادة الكنائس، متحدّثين ومتخصّصين في مجالي البيئة واللّاهوت من لبنان ومصر ومؤسّسات أوروبيّة.
إستُهلّ المؤتمر بكلمة رئيس جامعة الرّوح القدس– الكسليك الأب د. طلال الهاشم الّذي شدّد على ضرورة التّوعية البيئيّة، وقال “من شأن هذا المؤتمر أن تكون بمثابة منصّة فعّالة لتعزيز النّقاش البنّاء ولاكتسابِ فهمٍ أفضل وترسيخ تعاونٍ قويّ بشأن هذه الحاجة المُلحّة لمواجهة التّحّدي العالميّ المتمثّل بتغيُّر المُناخ… وقد التزَمَت جامعة الرّوح القدس- على مرّ السّنين- بنشاط بالاستدامة، وقد انعكس ذلك في تصنيفاتها كواحدة من أكثر الجامعات استدامة في المنطقة، حيث تعزّز أهداف التّنمية المستدامة، حيث تترك تأثيرًا مجتمعيًا لافتًا، وتخلق ثقافة قائمة على الاهتمام بكوكبنا والحرص على الاهتمام فيه”.
من ثمّ، ألقى الأمين العامّ لمجلس كنائس الشّرق الأوسط د. ميشال عبس، كلمة أدان فيها لامبالاة الإنسان تجاه البيئة، وقال “بما أنّنا في صدد معالجة مشكلة التّغيّر المناخيّ، لا بدّ لنا من التّوقّف أمام ظاهرة التّغيّر المناخيّ المفتعل، أيّ الّذي ينتج عن مشاريع بيئيّة تقوم بها دول، إمّا لتأمين مصالح مواطنيها، أو لحصار جار غير مرغوب فيه. تتمثّل هذه المشاريع في السّدود أو الأقنية، الّتي جعلت أن يكون طابخ السّمّ آكله، وينعكس سحر المشاريع البيئيّة على الشّعب سحر زلازل وانهيارات في التّربة وغيرها من الكوارث البيئيّة”.
بعدها كانت كلمة رئيس رابطة كلّيّات ومعاهد اللّاهوت في الشّرق الأوسط وعميد معهد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ في جامعة البلمند في لبنان الأرشمندريت د. يعقوب خليل، حيث أشار فيها إلى أنّ الرّابطة تتطلّع إلى إدخال المقاربات البيئيّة ضمن مناهج المعاهد والكلّيّات اللّاهوتيّة في الشّرق الأوسط. ولفت إلى أنّ الرّابطة “اختارت للعام 2023 موضوع “الخليقة” للدّراسة والتّعمّق بمسائل ملحّة ترتبط به… ها الرّابطة اليوم تتعاون مع مجلس كنائس الشّرق الأوسط لتنشيط التّفكّر بطريقة تعاملنا مع البيئة وتوازن الخليقة الّذي وضعه الله، لما في ذلك من فوائد روحيّة أوّلًا، ثمّ بيئيّة، وتلك الضّروريّة لاستمرار الحياة ووفرة بركات الله على البشر”.
قدّمت للنّدوة أستاذة في اللّاهوت العمليّ في كلّيّة اللّاهوت للشّرق الأدنى القسّيسة د. ريما نصراللّه، حيث تخلّلت محاضرة رئيسيّة ألقاها مدير الشّؤون اللّاهوتيّة في منظّمة “آروشا” العالميّة القسّ د. ديڤ بوكليس، بعنوان “تغيّر المناخ: منظورات بيئيّة ولاهوتيّة”. خلالها، تطرّق القسّ بوكليس إلى مخاطر التّغيّر المناخيّ الّذي يسبّبه الإنسان، إلى جانب فقدان التّنوّع البيولوجيّ العالميّ وعدم المساواة في المجتمعات، حيث يشكّلان تهديدًا وجوديًّا لحياة الإنسان وربّما لاستمراريّة المجتمعات. ولفت إلى أنّنا “كمسيحيّين مدعوّون للعودة إلى الله في التّوبة والتّفكير والعمل. نحن نعتمد على تقاليدنا، ولاسيّما على الكتاب المقدّس حيث يدعونا الله إلى الحفاظ على عالم جيّد…”.
وفي الجلسة الختاميّة، عرض مدير دائرة الشّؤون اللّاهوتيّة والعلاقات المسكونيّة في مجلس كنائس الشّرق الأوسط الأب د. أنطوان الأحمر لبيان الكنائس الّذي سيتمّ توجيهه إلى مؤتمر الأطراف حول تغيّر المناخ COP28 في دبي. يشمل البيان محاور عدّة تتعلّق بالالتزام العالميّ طويل الأمد، التّمويل المناخيّ العادل، الإدارة العادلة للموارد، التزام الكنائس، والتّعاون بينها وبين الحكومات…
إختُتم اليوم الأوّل من المؤتمر بمعرض بيئيّ يتضمّن مبادرات ونشاطات متنوّعة في مجال البيئة والحفاظ على الخليقة تقوم بها منظّمات وحركات شبابيّة مختلفة، ليجتمع بعدها المشاركون حول نخب للمناسبة.
Comments are closed.