قداسةُ وقدسيةُ الحياة في عيد جميع القديسين بقلم القس سامر عازر

لقد تطّرق الكثيرون في معرض الحرب على غزة عن الضمير الإنساني وعن القانون الدولي الإنساني وعن ضروري تحييد المدنيين عن أي صراعٍ وعن ضرورة ألتزام كافة الأطراف بعدم التعرض للمدنيين العزّل وتجنيبهم ويلاتَ الحروب ومآسييها، الأمر الذي لم نعاينه في الحرب المدّمرة على غزة، بل على العكس، لقد جرَّ ما يحدث الآن في غزة منذ أربعةَ عشرَ يوماً إهتمام العالم أجمع وتعاطف شعبي كبير في مختلف عواصم الدول العالمية مع أهل غزّة، لأنَّ إنهيار المنظومة الإنسانية أخطر ما يواجه مستقبل عالمنا، الذي أنشأ بعد الحرب العالمية الثانية هيئةَ لأممِ المتحدةِ لتصونَ ما بات يعرف بالقانون الدولي الإنساني.
والجهود التي تُبذل اليوم وعلى رأسها جهود الدولة الأردنية وعلى رأسها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه وبموازاة السعي للحل السياسي هو وقف الحرب المستعرة على غزّة وضرورة حماية المدنيين وتوفير حاجات الحياة الأساسية، عملا بالمادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنساني بأن لكل شخص الحق في الحياة الحرية والأمن.

ونتساءل نحن فيما بات يعرف في كنائسنا بعيد جميع القديسيين، أين قداسة وقدسية الحياة؟ فأهم ما يتطلبه منّا إيماننا المسيحي بحسب تعاليم المسيح أن “كونوا قديسيين كما أني أنا قدوس”، وكذلك “هذه هي إرادة الله قداستكم…” ( 1 تس 4:3)، لذلك دُعينا أن نخلع من جهة التصرف السابق الإنسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الشرور وأن نلبس الإنسان الجديد المخلوق بحسب بالله في البر والقداسة والحق ( أفس 4: 22-23).

فالسير في طريق القداسة هو الهدف السامي الذي نسعى لأجله ككنيسة المسيح، لأنَّها طريق السماء وقداستنا تتأتى من عمل كلمةِ الله الحيّة في حياتنا فتحرقَ فينا ما علق فينا من لوث هذا العالم من كبرياء وأنانية وتسلّط وجحود وخبث ومكر ونفاف وكذب، وتخلق فينا الإنسان الجديد الذي ينمو على صورة الله ومثاله. هذا وإن كلَّ تجربة بشرية وكلَّ إختبار وكلَّ ظرف صعب نمّر به إنما نختبر فيه نعمةَ الله وقوتَه في حياتنا وننمو من إيمان لإيمان، ومن نعمة إلى نعمة لأننا من مِلئِهِ نحن جميعاً أخَذنَا ( يو 1: 16). وبهذه القداسة نقدر أن نخدم الناسَ ونخفف من آلامهم ومصابهم ونعزّي قلوبهم ونزرع في نفوسهم الأمل والرجاء.

وأما قدسية الحياة، فهي حق إلهي لا يجب التهاون بها، ومن واجبنا جميعاً ولزاماً علينا أن نرفعَ الصوت عاليا عند إنتهاك قدسية الحياة البشرية، لأنها تعتبر إنتهاكا لحرمة الحياة التي قدّسها الله وباركها، ودعانا لأن نصونها ونحافظ عليها، فكلُّ حياة بشرية هامة، ولا تقل أهمية عن حياة الآخرين، ولها نفس القيمة ونفس القدر في عيني الله، وواجبنا أن نعمل على صون حق كل شخص في الحياة والحرية والأمن.

Comments are closed.