من الفقر المادي إلى الغنى الروحي بقلم الشماس يوسف عرموش


الغني ولعازر (لو 16: 19-31)
ينطلق الإنجيلي من مَثل أسماه الغني ولعازر، تتكلم القصة عن شخصين أولهما عن غنيٍّ من الغنى الماديّ عائشٌ من التخمة حتى بدا وكأنه يريد أن يُبذّر ماله بطريقةٍ أو بأخرى …… وفي المقلب الآخر يتكلم المثل عن شخصية لعازر، هذا الرجل الفقير الذي كان يشتهي أن يأكل من الفتات الذي كان يُوضع للكلاب ……كان مداومًا أمام باب الغني ليطلب شفقةً منه. ولكن؛ بدا الغني وكأنه لا يرى ….. لماذا؟ قد أعماه غناه وأنانيّته حتى بدا وكأنه أعمى البصر ….. متناسيًا أن من أعطى هو الله ومن يأخذ هو …… لعازر هذا الاسم المميّز نرى أن الرب يُسمّيه باسمه أي الله أعان ….. نعم هو يُمثِّل أصفياء الله ….. الرب عندما يسمي شخصًا باسمه أي خصصه وعرفه، عندما ننادي شخصًا باسمه أي خصصناه وعرفناه …… الرب أعطى لعازر لفقره الروحي الحياة السعيدة، كما تُكمل القصة وتقول بأنه حاز على الحياة مع الله في الفردوس الأبدي.
وهو ما يجعل كل كلمة في الكتاب المقدس مصدر فرح وأمان كما قال الرب “طوبى للمساكين بالروح ……” هي كلمات تعبّر عن حاجة الإنسان لله. وتعبّر عن معرفة لعازر لضعفه وطلب المعونة من الرب ….. وما هو هذا المثل إلا تعبيرٌ واضحٌ وصريحٌ لصورتَين أولهما صورة لعازر؛ التي هي صورة كل إنسان وليس المقصود مادياً بل الفقر هو فقر الروح. حين طلب لعازر من الغني هو تعبيرٌ لإقراره بضعفه وحاجته إلى المعونة.
أما الصورة الثانية صورة الغني المتخوم من غناه ناسيًا أن الغنى هو الغنى في الحياة مع الله، لم يتطلع الغني إلى توسلات لعازر، بل فضّل العمى على الشفقة عليه …… حتى حدثت الصورة المقابلة …. ما إن ننظر إلى لعازر نجده سعيدًا وهو في أحضان إبراهيم في الحياة الفردوسية. والغني يتعذب والمؤسف نجده متعلقًا وهو في هذا الظرف بالماديات ….. يسأل إبراهيم أن يرسل لعازر ليبل إصبعه بالماء ويأتيه.
مازال يُفكّر بضيق الأفق بدلاً من أن يطلب الرأفة والرحمة من الله ومازال يطلب التوسلات من الأنبياء الذين كانوا واسطة تمهيدية لحضور المسيح دون الطلب من الله المغفرة. وهي صورة لمسيرة الشعب العبراني الذي رفض جميع الأنبياء.
القصة غنية جدًا سردها الرب الإله ليعطينا درسًا في كيفية العيش ….. هل نتعلم منها درسًا قيمًا أن نكون متواضعين ومقرين بضعفنا؟ هل نطلب من الله المساعدة والمعونة؟ هل نعتبر أن كل الأشياء هي فانية وحده الله الباقي؟ هل نعيش الرحمة باتجاه أخينا الآخر؟ أم نفعل كما فعل ابن آدم عندما قتل أخيه وكما فعل الغني: أَأنا حارسٌ لأخي؟

Comments are closed.