البطريرك ميناسيان يترأّس تنصيب المطران أسادوريان
ترأّس كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان صلاة الشّكر في كاتدرائيّة سلطانة العالم- باب توما، تمّ خلاله تنصيب المطران جورج أسادوريان على أبرشيّة دمشق للأرمن الكاثوليك، بحضور بطريرك الرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ وليف من الآباء الكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات، إضافة إلى حضور رسميّ وشعبيّ.
في نهاية الصّلاة سلّم ميناسيان المطران أسادوريان عصا الرّعاية، ثمّ ألقى كلمة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة:
“إخوتي الأحبّاء إنّني سعيد بهذه الزّيارة الثّانية الّتي أقوم بها لكم، وخاصّةً في هذه المناسبة السّعيدة لأتشكّر سيادة المطران جوزيف أرناوطيان الّذي بذل قسمًا كبيرًا من حياته في خدمتكم وتأمين حاجاتكم الرّوحيّة والزّمنيّة، عاطيًا كلّ ما لديه من قوّة وعطاء لتأمين مستقبل أولادكم الأحبّاء.
له الشّكر من صميم الفؤاد لما فعله وسيفعله من خلال صلواته من أجلكم. أمّا اليوم، فهو يوم تاريخيّ بمناسبة تنصيب سيادة المطران جورج أسادوريان الّذي هو أيضًا بدوره آتٍ من مجتمع عانى الكثير من الصّعاب مثلكم والحرمان فكان أبًا عطوفًا للفقراء والحزانى، أخًا وأبًا محبًّا للشّباب. أمّا اليوم فلا شيء يتغيّر في حياته، فهو مثل جميع الرّسل الّذين سبقوه بأعمالهم الطّيّبة والصّالحة، فلذا جئت لأثبّتكم في رعايته وأساعدكم في السّير تحت حماية أمّنا مريم العذراء الّتي لمحتها أثناء زيارتي الأولى لكم، بتعلّقكم وانسجامكم بحياتكم الرّوحيّة الممتدّة من نعم السّماوات.
إخوتي الأحبّاء أودّ أن أؤكّد لكم عن محبّتي المخلصة وعن صلواتي الّتي سترافقكم في هذه الأيّام الصّعبة، أين الحروب والمشدّات والحرمان الّتي تحيط بكم متأكّدًا من رحمة الله ومبادرته الأبويّة الّتي ستسعفكم دائمًا وخاصّةً خلال هذه الأزمات.
إنّ هذه الزّيارة أتت في أجمل مناسبة يتصوّره العقل، هذه المناسبة مقدّسة لأنّها أتت في الأيّام التّحضيريّة لذكرى ولادة فادينا ومخلّصنا يسوع المسيح.
لا أدري إن كنتم تفهمون معنى هذا العيد عندما تسمعون كلام الإنجيل الّذي يقول بفم الملائكة الّذين ظهروا للرّعاة بقولهم: نبشّركم بفرح عظيم أنّه قد ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلّصًا هو المسيح الرّبّ (لوقا ١١:٢).
حبّذا لنا أن نشعر حقيقةً هذه الفرحة ونفهم مغزى الفداء والخلاص اللّذين من أجلهما تجسّد وولد الفادي من العذراء أمّنا لكي يجلبنا جميعًا بالإيمان إلى الآب السّماويّ لحياة أبديّة سعيدة، وفي ما كان الملائكة تبتهج وتفرح وتبشّرنا بالسّلام لأولاد الأرض فكانوا ينشدون هاتفين: المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام وللنّاس المسرّة (لوقا ١٤:٢).
المجد والفرح للآب بإعطاء ابنه الوحيد الّذي سيضع السّلام لمحبّي السّلام، لذا نحن الخطأة الّذين يودّون السّلام أن نحييه في قلوبنا أوّلاً ثم في محيطنا، لأنّنا نحن الّذين آمنّا بهذه البشرى، فهو واجب مقدّس يحثّنا لعيشه وزرعه في قلوب المؤمنين.
إخوتي الأحبّاء، فرحتنا اليوم فرحة كبيرة لأنّها تعمّ كلّ هذه المناسبات سويّةً فلتكن بركة الرّبّ معكم وحماية مريم العذراء أمّ الله وأمّنا الّتي ترشدنا إلى ابنها الوحيد لنسبّحه ونكرّمه في قلوبنا تحت سرّ القربان المقدّس الّذي به وعدنا بوجوده معنا في كلّ حين وخاصّةً في المآسي والشّجون. فهو الإله عمّانوئيل الله معنا.
وصيّتي لكم أن تبقوا صامدين في إيمانكم ومشاركين في رسالة رؤسائكم الرّوحيّين سائرين سويّةً، بروح السّينوداليّة الّتي ترشدنا بها الكنيسة الجامعة الرّسوليّة. ساعدوا بعضكم البعض ودافعوا عن بعضكم البعض لتثبتوا في الإيمان والمحبّة والسّلام الميمون.”
من ثمّ كانت كلمة للمطران جورج أسادوريان، جاء فيها:
“يا سمعان بطرس هل تحبّني أكثر من هؤلاء قبل انتقاله من الحياة الأرضيّة وبعد انتهاء رسالته أراد يسوع أن يتلاقى مع تلاميذه على الغذاء وبعد صيد السّمك جلسوا ليأكلوا سويّة حيث سأل يسوع لسمعان بطرس:
يا سمعان ابن يونى هل تحبّني أكثر من هؤلاء؟
أجابه يسوع أنت تعلم بأنّني أحبّك فقال له يسوع ارعى خرافي (يوحنّا 21/15)
يسوع أراد أن يؤكّد حبّه لبطرس (وكإشارة) لهذا الحبّ طلب منه بأن يرعى خرافه.
في حياتي الكهنوتيّة كلّمني المسيح عدّة مرّات ومناسبات مختلفة عبر عن حبّه لي، فمنذ رسالتي الكهنوتيّة وخلال حياتي الرّسائليّة وخدماتي الرّعويّة
اليوم أيضًا اسمع صوت الرّبّ الّذي يسالني إذا كنت أحبّه.
الإلتحاق بالمسيح ورسالته السّماويّة والكنيسة هي المسؤوليّة الكبرى والأكثر تقدمة ذاتيّة
يقول القدّيس يوحنّا فم الذّهب عن الدّعوة الكهنوتيّة:
العمل الكهنوتيّ هو مزاولة على الأرض ويصبح من الحقائق الإلهيّة في السّماء
بمعنى آخر الكاهن يجب عليه أن يضحّي بنفسه وبحياته للرّبّ ولخدمة المؤمنين
ففي كلّ يوم عندما يمسك الكاهن القربان المقدّس أمام الهيكل ويقول الكلام الجوهريّ قائلاً خذوا كلو….، خذوا اشربوا فيتكلّم بفم المسيح ويكون الكاهن قد قدّم نفسه ليلتحق بالمسيح وليهدي حياته من أجل شعبنا.
اليوم أنا واقف أمامكم لأجاوب عن المسيح قائلاً: نعم يا ربّ إنّي أحبّك.
فهذه النّعم ستقودني لأكون راعيًا لهذه الأبرشيّة والطّائفة العزيزة في دمشق لأكون معكم ولأخدمكم ولأستعمل البركة المعطاة لي من قبل المسيح وهو فخر لي.
إنّني هنا منذ ثلاثة أشهر ولقد تعرّفت عليكم وعلى حسناتكم وسلوككم و مطالبكم.
لقد استطعت أن أنفّذ بعض التّغيّرات ولكن الطّريق ما زال طويلاً، وكان لقائي مع الأخويّات والمؤسّسات التّربويّة والثّقافيّة والشّبابيّة نتائجه مثمرة فنحن أمام تحدّيات كبيرة وبمحبّتنا وتضامننا وإيماننا نستطيع أن نعطي الأمثل لطائفتنا وإنّني مستعدّ لسماع كافّة مطالبكم ولجميع أسئلتكم وانتقاداتكم بكلّ قلب كبير وصافي.
وإيماننا بالنّجاح الرّوحيّ والزّمنيّ نستطيع أن نتقرّب لمشيئة الله وللأفضل.
وبهذه المناسبة اسمحوا لي بأن أرفع صلواتي وشكري للرّبّ فلقد أعطاني النّعم العزيزة في رحلتي الرّسوليّة.
وشكري لأبينا البطريرك روفائيل بيدروس لمحبّته الأبويّة، (لقد تعذّبت لتاتي).
شكري الخاصّ لأستاذي وأبي الرّوحيّ أبينا البطريرك يوسف العبسيّ الشّكر الكبير يا سيّدنا لمحبّتك الأبويّة.
شكري لصاحب السّيادة المطران جوزيف ارناؤوطي الّذي خدم هذه الأبرشيّة بكلّ محبّة وإيمان أكثر من ثلاثين سنة.
والشّكر الخاصّ لأخي الأب جورج باهي لتعاونه ومحبّته اللّامتناهية.
أشكر إخوتي الأساقفة والكهنة الّذين أتوا ليصلّوا معي ومن أجلي.
الشّكر الكبير لأعضاء المجلس الرّعويّ اللّذين عملوا بتفاني خلال أكثر من شهر لنجاح زيارة أبينا البطريرك وحفل التّنصيب.
أغتنم هذه الفرصة لأشكر السّفيرة العزيزة والصّامدة لميا شكور سفيرتنا السّابقة في باريس، لقد تعلّمت منك حبّ الوطن والعمل من أجل إعطاء الصّورة الحقيقيّة لسوريّتنا الحبيبة ولرئيسها المفدي بشّار حافظ الأسد.
أشكر مؤمني هذه الأبرشيّة لتعاونهم ومحبّتهم، المؤسّسات الكنسيّة في هذه الأبرشيّة من جمعيّات النّساء والكورال وخدّام الهيكل ومحبّي قلبي يسوع ومريم والقدّيسة ريتا وشبيبة الكشّاف.
شكري للمؤسّسات والجمعيّات الأرمنيّة الكاثوليكيّة ومسؤولي ومعلّمي مدارس الطّائفة.
الشّكر للمؤسّسات العسكريّة والإعلاميّة اللّذين واكبوا هذا الحدث.
أعاهدكم بأنّني ساكون خادمًا لكم وأخًا للجميع ومساعدًا في كلّ اللّحظات من أجل حياة رسوليّة مباركة.
أجدّد محبّتي لكم جميعًا ولابناء بلدي سورية الحبيبة ومحبّتي واحترامي لقائد مسيرتنا جميعًا سيادة الرّئيس الدّكتور بشّار حافظ الأسد الّذي يحافظ على كلّ شبرٍ من أرضنا العزيزة ويرعى شعبه بكلّ محبّة وإخلاص.
صلّوا من أجلي لأكون المثل الصّالح في رسالتي ولأستطيع أن أكون الرّاعي المحبّ والصّالح.”
وبعد الصّلاة استقبل ميناسيان وأسادوريان المهنّئين في دار المطرانيّة.
Comments are closed.