مرسلات الأمّ تريزا في غزة يعانين تبعات
لا تزال صورة القديسة الأم تريزا دي كالكوتا الحاملة بين ذراعَيْها طفلًا أنقذته عام 1982 من بين أنقاض الحرب الأهلية اللبنانية مطبوعةً في أذهان العالم. ليس مردّ ذلك إلى موقفها الإنساني والروحي العظيم فحسب، بل أيضًا إلى شجاعة موقفها وإصرارها على الذهاب إلى حيث لا يُريد أحد أن ينطلق. أمّا اليوم، فيتكرّر المشهد في قطاع غزّة.
لم يكن موقف القديسة يومها شخصيًّا منفردًا، بل أصبح موروثها لبناتها مرسلات المحبة. فالعام الفائت، احتفلت المرسلات باليوبيل الذهبي لوجودهنّ في غزة. وكعادتهنّ، تعيش المرسلات بين أكثر فئات المجتمع ضعفًا، لذلك كرّسن رسالتهنّ للعناية بذوي الاحتياجات الخاصة، في مركزٍ يحتضن أكثر من خمسين شخصًا.
ومنذ بداية حرب غزّة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لجأ إلى مركز الراهبات نحو 600 شخص. تزامنًا مع مقتل ناهدة وسمر أنطون يوم السبت 16 ديسمبر/كانون الأول 2023 في محيط كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزة، استُهدِف أيضًا دير مرسلات المحبة المجاور للكنيسة.
وتكبّد الدير أضرارًا جسيمةً في ألواح الطاقة الشمسية ومولّد الكهرباء وخزان الوقود، وهي مصادر توليد الطاقة الوحيدة هناك. ذاك الاستهداف جعل الدير ومركزه غير مؤهّلَيْن لإيواء المستضعفين الذين هم بحاجةٍ ماسّة إلى العناية في هذه الفترة. ومع أنّ النزلاء لم يُصابوا، بعناية إلهية، بأيّ أذى بقي مستقبلهم معلّقًا بأهلية البيت، ملاذهم الوحيد، حيث إنّ الهروب مستحيل بسبب إعاقاتهم الجسدية.
في مقابلة مع وكالة الأنباء الكاثوليكية، شريك إخباري لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزية، قال كاهن رعية اللاتين في غزة الأب جبرائيل رومانيللي إنّ المياه الصالحة للشرب أصبحت صعبة المنال في مركز مرسلات المحبة. وشرح أنّ الأجهزة الطبية وأجهزة التنفس قد توقّفت عن العمل. ويحاول الأطبّاء العمل بمختلف الوسائل للحفاظ على حياة النزلاء. ويأتي ذلك في خضمّ صعوبة الوصول إلى المستشفيات المحفوف بمخاطر جمّة لما تتعرض له هذه المستشفيات من قصف.
وبعد عقود عدة على اتّخاذ الأم تريزا عبارة المسيح على الصليب «أنا عطشان» شعارًا لها، لا تزال مرسلات المحبّة يعشنَ وفقًا لهذه الكلمات. فعطش الفقراء إلى المحبة والعدل والسلام صار لهنّ بوصلة تقودهنّ إلى أماكن الوجع والألم، ووجودهنّ في غزة أكبر دليل على ذلك.
Comments are closed.