البابا يتحدث في مقابلته العامة مع المؤمنين عن رذيلة الغضب
تابع قداسة البابا فرنسيس خلال مقابلته العامة مع المؤمنين سلسلة التعاليم في موضوع الرذائل والفضائل وسلط الضوء اليوم الأربعاء على رذيلة الغضب، وذكر بكلمات بولس الرسول لا تَغرُبَنَّ الشَّمْسُ على غَيظِكم” (أفسس ٤، ٢٦).
أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في قاعة بولس السادس في الفاتيكان، وتابع سلسلة التعاليم حول موضوع الرذائل والفضائل، وتوقف اليوم في تعليمه الأسبوعي عند رذيلة الغضب قائلا إن الشخص الذي يسيطر عليه الغضب يصعب عليه أن يخفيه ويمكن معرفة ذلك من خلال حركات جسده وعدائيته وتنفسه بصعوبة ونظرته العابسة والمتجهمة. وأضاف أن الغضب في مظاهره الأشد حدة هو رذيلة لا تعرف التوقف. فإذا نتج عن ظلم تم التعرض له (أو يُعتقد أنه كذلك) لا ينصبّ غالبًا على المذنب بل على أول شخص يصادفه.
كما وأشار الأب الأقدس إلى أن الغضب رذيلة مدمّرة للعلاقات الإنسانية، ويعبّر عن عدم القدرة على قبول اختلاف الآخر لاسيما عندما تكون خيارات حياته مختلفة عن خياراتنا. نبدأ بكره نبرة صوته وطرق تفكيره ومشاعره. وحين تصل العلاقة إلى هذا المستوى من الانحطاط، يُفقد الصفاء. فإحدى سمات الغضب في بعض الأحيان أنه لا يخف مع مرور الوقت. وحتى البُعد والصمت في هذه الحالة، وبدل أن يخففا من ثِقل سوء الفهم يضخّمانه. ولهذا السبب يوصي بولس الرسول المسيحيين بمعالجة هذه المشكلة فورا ومحاولة المصالحة ويقول” لا تَغرُبَنَّ الشَّمْسُ على غَيظِكم” (أفسس ٤، ٢٦). فمن الأهمية بمكان، أضاف البابا فرنسيس، أن يتم حل كل شيء على الفور، قبل أن تغرب الشمس. فإذا نشأ سوء فهم خلال النهار، ولم يعد بإمكان شخصين فهم بعضهما البعض، لا ينبغي تسليم الليل إلى الشيطان. إن الرذيلة تجعلنا مستيقظين في الظلام، تابع الأب الأقدس يقول، وعندما يسيطر الغضب على شخص فهو يقول دائما إن المشكلة هي في الآخر، ولا يكون قادرا أبدا على الاعتراف بعيوبه ونواقصه.
وإذ أشار إلى أنه في “صلاة الأبانا” يجعلنا يسوع نصلّي من أجل علاقاتنا الإنسانية، تابع البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي قائلا إننا جميعنا خطأة ونحتاج بالتالي إلى أن نتعلّم المغفرة، وسلط الضوء على أن نقيض الغضب هو اللطف وسعة الصدر والوداعة والصبر. وأضاف البابا فرنسيس قيل إن الغضب رذيلة فظيعة هي أصل الحروب والعنف. إن مقدمة الإلياذة تصف “غضب أخيل” الذي سيكون سبب “أحزان لا تنتهي”. ولكن ليس كل ما ينشأ عن الغضب هو خطأ. فالقدماء كانوا يدركون جيدا أن هناك ناحية فينا سريعة الغضب، لا يمكن ولا ينبغي انكارها. فالانفعالات هي إلى حد ما بلا وعي: تحدث، هي خبرات الحياة. لسنا مسؤولين عن الغضب عند نشوئه، إنما دائما عندما يتطور. وفي بعض الأحيان يكون من الجيد أن يتم التنفيس عن الغضب بالطريقة الصحيحة. فإن لم يغضب الشخص قط، ولم يشعر بالاستياء إزاء الظلم، ولم يشعر بشيء يرتعش في داخله إزاء ظلم شخص ضعيف، فذاك يعني أنه ليس إنسانًا ولا حتى مسيحيًا.
وأضاف البابا فرنسيس أنه يوجد غضب مقدس عرفه يسوع مرات عديدة في حياته (راجع مرقس ٣، ٥): لم يُجب قط على الشر بالشر، وفي حادثة تجار الهيكل، قام بعمل قوي ونبوي، لم يُمله الغضب إنما الغيرة على بيت الرب (راجع متى ٢١، ١٢ – ١٣). وختم قداسة البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي الذي تحدث خلاله عن رذيلة الغضب قائلا علينا، وبمعونة الروح القدس، إيجاد المقياس الصحيح للانفعالات وتهذيبها بشكل جيد، كي تتجه نحو الخير، لا الشر.
هذا وفي ختام مقابلته العامة مع المؤمنين صباح اليوم الأربعاء في قاعة بولس السادس في الفاتيكان أشار قداسة البابا فرنسيس إلى الاحتفال غدا في إيطاليا باليوم الوطني لضحايا الحرب المدنيين. وأضاف أنه مع تذكرنا بالصلاة مَن ماتوا في الحربين العالميتين، لنذكر أيضا الكثير من المدنيين، الضحايا العزّل للحروب التي لا تزال وللأسف تُدمي كوكبنا، كما يحدث في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وقال الأب الأقدس: لتلمس صرخة ألمهم قلوب مسؤولي الأمم وتحفّز مشاريع سلام.
Comments are closed.