أبرز المواقف التي ميّزت الأحبار الأعظمين السابقين إزاء الحروب
لمناسبة الذكرى السنوية الثانية لبداية الغزو الروسي لأوكرانيا نود أن نستعرض أبرز المواقف التي ميّزت الأحبار الأعظمين السابقين إزاء الحروب، والتي تندرج كلها في سياق النداءات والمناشدات العديدة التي أطلقها البابا فرنسيس لصالح السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم كله.
عديدة جداً هي المحطات التاريخية التي شهدت حروباً وصراعات مسلحة منذ بداية القرن العشرين والتي حملت البابوات على رفع الصوت والمطالبة بوقف الاقتتال وإحلال السلام، بالإضافة إلى الدعوات لتذكار أهوال الحروب المنتهية كي لا تتكرر في المستقبل.
عشية الاحتفال بعيد الميلاد عام ١٩١٨، تطرق البابا بندكتس الخامس عشر إلى الحرب العالمية الأولى التي انتهت قبل شهر ونيف وحصدت أرواح أكثر من سبعة وثلاثين مليون شخص. فقد رفع الحبر الأعظم صوته ليندد بالحقد العنيف، مشيرا إلى الجهود التي تُبذل بهدف بزوغ فجر السلام، مسلطاً الضوء على العدالة التي لا تتغير والتي تتأتى من المسيح.
في الثامن من أيار مايو من العام ١٩٤٥ وصلت الحرب العالمية الثانية إلى خواتيمها في أوروبا، بعد أن أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن خمسة وخمسين مليون شخص. في اليوم التالي وجه البابا بيوس الثاني عشر رسالته الإذاعية الشهيرة تطرق فيها إلى ما خلّفه الصراع المسلح من دمار مادي ومعنوي لم تشهد البشرية مثيلاً له في تاريخها. وأكد باتشيلي أن نظره يتجه نحو من ذهبوا ضحية القتال والمجازر والجوع والبؤس، مشددا على ضرورة السعي إلى بناء أوروبا جديدة ترتكز إلى مخافة الله، والأمانة لوصاياه واحترام الكرامة البشرية، ومبدأ المساواة بين حقوق جميع الشعوب والدول، كبيرة كانت أم صغيرة، قوية أم ضعيفة.
في العام ١٩٧٥ انتهى صراع دامٍ آخر حصد أكثر من ثلاثة ملايين ضحية، ألا وهو حرب فيتنام. في الثاني والعشرين من كانون الأول ديسمبر من ذلك العام توقف البابا بولس السادس عند هذا الموضوع لافتا إلى أن نهاية الصراع الذي استمر لثلاثين عاماً فتحت صفحة جديدة في منطقة جنوب شرق آسيا، مشيرا إلى التزام الكرسي الرسولي في المشاركة في عملية الإعمار بروح من المودة وآملا أن تُمنح الجماعة الكاثوليكية الفسحة المناسبة في الحياة العامة، وفي المجال الديني بطريقة تعود بالفائدة على نمو البلاد كلها.
في الرابع عشر من كانون الأول ديسمبر ١٩٩٥ تم التصديق على اتفاقات دايتون السلمية والتي وضعت حداً للحرب في البوسنة والهرسك، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من مائة ألف قتيل، بينهم أربعون ألف مدني. في خطابه التقليدي إلى أعضاء السلك الدبلوماسي في الثالث عشر من كانون الثاني يناير ١٩٩٦ تحدث البابا يوحنا بولس الثاني عن أجواء من السلام الذي بدأ يستتب في أوروبا، وقال إن البوسنة والهرسك تمكنت من الإفادة من اتفاق يهدف إلى الحفاظ على طبيعتها مع الأخذ في عين الاعتبار التنوع العرقي فيها، آملا أن تتحول ساراييفو، المدينة الرمز، إلى تقاطع لطرق السلام ومشددا على ضرورة أن يصبح اسمها مرادفاً لمدينة السلام حيث ينمو التعايش من خلال التبادل الثقافي والاجتماعي والديني.
عن الحرب في العراق تحدث مطولاً البابا فرنسيس خلال زيارته إلى بلاد الرافدين في العام ٢٠٢١ كـ”رسول سلام”. قال برغوليو إن العراق عانى خلال العقود الماضية من كوارث الحروب وآفة الإرهاب والصراعات المذهبية التي ترتكز إلى تطرف لا يقبل بالتعايش السلمي بين مختلف المكونات العرقية والدينية وينبذ الأفكار والثقافات المختلفة. وأوضح أن كل ذلك أدى إلى الموت والدمار، ليس على المستوى المادي وحسب، لأن الضرر عميق جداً إذا ما نظرنا إلى جراح القلب لدى العديد من الأشخاص والجماعات، لافتا إلى أن الشفاء منها يحتاج إلى سنوات طويلة.
Comments are closed.