عظة البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا

الأحد التاسع من الزمن العادي ب

مرقس 2: 23 – 3 :6

نواصل اليوم مسيرتنا عبر آحاد الزمن العادي، والتي تحثنا على التأمل في جوهر علاقتنا مع الرب.

يتجلى مقطع اليوم (مرقس 2: 23 – 3: 6) في حدثين مختلفتين، يحدث كلاً منهما في مكان مختلف. الأول في الحقل، حيث يسير يسوع مع تلاميذه، بينما تراقبه جماعة الفريسيين. والثاني داخل المجمع، حيث يلتقي يسوع دون تلاميذه برجلٍ أشل اليد، ومرة أخرى في حضور الفريسيين.

هناك عدة عوامل تربط بين الحدثين. أولاً، كلاهما يقعان يوم السبت.

ثانيًا، كان الفريسيون حاضرين في كلتا الحالتين وأظهروا موقفًا مماثلًا. في الحدث الأول، ينتقدون تلاميذ يسوع على التقاطهم السنابل يوم السبت، معتبرين ذلك انتهاكًا للشريعة (مرقس 2: 24). وفي الحدث الثاني، يقول الإنجيلي مرقس أن الفريسيين كانوا يراقبون يسوع ليروا ما إذا كان سيشفي الرجل يوم السبت، قاصدين اتهامه بخرق حُرمة السبت (مرقس 3: 2).

وهكذا يقدم الإنجيلي وجهات نظر مختلفة حول الحدث ذاته: فبينما ينظر الفريسيون إلى الأحداث بطريقة ما، ينظر يسوع إليها بطريقة أخرى.

ينحصر تركيز الفريسيين على يوم السبت فقط، وينظرون إليه في المقام الأول على أنه مجموعة من القواعد التي يجب الالتزام بها: بعض الأعمال محظورة، وأي مخالفة يشكل خرقًا للشريعة، وبالتالي الابتعاد عن طاعة الله والعهد.

ولكن، في خضم نظرتهم، يغفل الفريسيون عن شيء مهم: فهم لا يرون جوع التلاميذ، أو الحاجة الملحة لشفاء الرجل أشل اليد. يرى يسوع العكس تمامًا.

لا يوجد في مركز نظره قانون يجب مراعاته، بل أناس لهم احتياجاتهم وآلامهم. إنه لا يرى شيئًا سوى هذا.

ما يراه يدفعه إلى السماح لتلاميذه بالأكل، كما أنه يشفي الرجل في المجمع. إنه لا يتخلى عن الإنسان من أجل القانون.

ينظر يسوع إلى الفريسيين مغضبًا ومغتمّا بسبب سلوكهم (مرقس 3: 5). أي سلوك؟

يبدو لي أن الإنجيلي يؤكد على جانبين: أولاً، القلب القاسي غير القادر على الشعور بالشفقة. يطلب يسوع من الرجل أن يقف في الوسط (مرقس 3:3) حتى يراه الفريسيون ويعلموا أن ما في الوسط ليس الشريعة بل الإنسان، إلاّ أن الفريسيين لم يتأثروا بمصاب الرجل.

أما الجانب الثاني فهو الصمت: عندما سألهم يسوع سؤالاً التزموا الصمت (مرقس 3: 4). في النهاية، القلب القاسي هو قلب يأبى الكلام، غير قادر على أن يدخل في حوار مع الله يوم السبت، أي يوم الرب.

ختامًا، يمكننا القول أن علاقتنا مع الرب لا يمكن اختزالها بمراعاة الشريعة فحسب: فالشريعة موجودة لحماية ما هو ثمين، ولكن من الضروري أن ندرك ما هو ثمين حقًا.

يروي الإنجيل بأكمله هذه القصة – قصة ما هو ثمين في نظر الله: وهو الإنسان. البشر ثمينون عند الله، وقد أُعطي السبت للبشرية لتذكيرهم بكرامتهم التي تعكس كرامة الله. إنه يذكرنا بأننا لسنا مخلوقين للعمل فقط بل للتمتع بالراحة أيضًا. وهذا ينطبق على الجميع: رجالاً ونساءً، عبيدًا وأحرارًا، لأننا جميعنا نحظى بالكرامة.

إذن، العلاقة مع الرب لا تأتي من خلال كوننا مراقبين، بل مؤمنين.

فإن مراعاة الشريعة دون احترام لكرامة المرء وكرامة الآخرين غالبًا ما تؤدي إلى مراعاة محرَّفة من قبل أولئك الذين يقفون متفرجين ويراقبون مدى حسن أو سوء اتباع الآخرين للشريعة، تمامًا كما فعل الفريسيون في إنجيل اليوم.

إن هذا السلوك بعيد كل البعد عن نظرة الرب التي تجعل كل يوم، وكل موقف، يوم سبت، أي يوم لقاء الله بشعبه.

+ بييرباتيستا

Comments are closed.