عندما لا يسكن المسيح في قلوبنا تغيب المحبة! بقلم القس سامر عازر
ربما أصبح الحديث عن المحبة اليوم ضربٌ من الخيال أو الرومانسية أو الأمر البعيد عن واقع عالمنا الذي تفشت به لغة الكراهية والعداء والمادة والتسلّط والإستغلال وتجاوز كل المعايير الإنسانية والأخلاقية والأدبية، لدرجة أن هذه المحبة قد فترت حتى بين أبناء البيت الواحد والمجتمع الواحد وفي داخل الكنيسة الواحدة، فأصبح الأخ يبيع أخيه بثلاثين من الفضة وتسود حالة العداء عند التنازع على الميراث، ففقدنا معنى الأخوة والتفاهم وترسيخ مبدأ العدالة والمساواة، وحولنا قلوبنا إلى آلة تضخ حقداً وكراهية وعداوة.
فغياب محبة المسيح في قلوبنا تُسبب غيابَ المحبةِ الصادقةِ والحقيقية، لأنّ المحبة الحقيقية تَنبع من تربُّع المسيح على عرش قلوبنا بتعاليمه وأعماله ورسالته السماوية التي تجعل حياتنا تُؤسس وتتثبت على مبدأ المحبة الإلهية التي لا تعرف المحاباة ولا تعرف إلا لغة الخير والحق والعطاء والتضحية حتى لمن يسيء إلينا ويناصبنا العداء ويتسبب في إيذائنا. لذلك فعالمنا لوحده لا يمكن أن يختبر قوة المحبة الإلهية إن لم يترسخ في قلبه عُمقَ تعاليم المسيح وقوة كلمته الحيّة التي هي روح وحياة وتنبض بكل ما هو جليل وصالح وخيّر.
فمن لا يسكنُ المسيح في قلبه لن يختبر عمق وعلو وعرض وطول محبة الله الفيّاضة، فهذه المحبة لا يتم الوصول إليها بأية معرفة بشرية أو أيِّ علم معرفي لأنها تفوق كلَّ معرفةٍ وكلَّ علم، وهي المحبة الوحيدة القادرة أن تملأ قلوبنا إلى كلِّ ملء الله، فننمو مجدداً على صورة الله ومثاله ونسير في طريق القداسة، ونكونَ حقاً رسلَ محبةٍ وسلام، يعمل الله من خلالنا بقوة قدرته العاملة فينا حتى أكثر جداً مما نطلب أو نفتكر.
لذلك، من غير أن يسكنَ المسيحُ في قلوبنا بقوة كلمته ومعناها وتأثيرها لن نقدر أن نُنتَزَع من ذواتنا وأن نكون فيما لله، بل ستبقى حياتنا معادية لقوى المحبة والسلام والعدالة والمساواة وميّالة للخصام والنزاع وفعل الشرور. ولكن إن سكنَت فينا كلمةُ المسيح بغنى فإن قوةَ كلمةِ الله قادرة أن تعمل فينا ومن خلالنا أعمالاً عظيمة توقّف التدهورَ الحاصلَ في عالمِنا نحو مزيد من الشرور واللاإنسانية والقتل واستباحة أعراض الآخرين وحقوقهم.
Comments are closed.