الكنز الحقيقي بقلم الأب جورج شرايحه .
في هذه الأيام تقدم الكنيسة صوما خاصا للعذراء مريم فشهر آب شهر العذراء لدى كنائس الشرق حيث تحتفل في نصفه الأول كنيستنا الرومية الملكية الكاثوليكيّة بصوم العذراء وما يرافقه من صلوات وتعود كنيسة الروم الارثوذكس بالاحتفال بذات المناسبة في النصف الاخير من ذات الشهر وهو فرق بسبب التقويم.
وفي هذا الزمن تودع الكنيسة ممارسة طقوسها الاعتيادية لتدخل بتقويات وشعائر خاصة و تتلو على مسامعنا مقتطفات طيبة القطاف من الانجيل المقدس والنص التالي هو الذي سوف اتوقف عنده شارحا:
“قال الرب: إن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أيضا أبوكم السماوي زلاتكم. وان لم تغفروا للناس زلاتهم، فأبوكم أيضا لا يغفر لكم زلاتكم. وإذا صمتم فلا تكونوا معبسين كالمرائين، فانهم ينكرون وجوههم ليظهروا للناس صائمين؟ الحق أقول لكم، انهم قد نالوا أجرهم. أما أنت فإذا صمت، فادهن رأسك واغسل وجهك، لئلا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفية، وأبوك الذي ينظر في الخفية هو يجازيك علانية. فلا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض، حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون. لكن اكنزوا لكم كنوزاً في السماء، حيث لا يفسد السوس ولا صدأ، ولا ينقب السارقون ولا يسرقون. فانه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضاً.”
سوف اتحدث هنا عن ثلاث ركاز أساسية في هذا النص الإنجيلي اعلاه:
1- المغفرة
2- الصوم
3- الكنز الحق
يصيغ هنا الرب قانون المغفرة الإلهية المقرون بالمغفرة البشرية،فيشترط الاخيرة لاجل الاولى بمعنى ان الله لن يغفر لمن لا يغفر لاخيه، عدله يتوجب ذلك فالرحمة الالهية هبة من غير استحقاق نفهم ذلك لكن الملكوت لن يدخله الجميع،رغم كثرة منازل الاب الا ان هناك اماكن لغير التائبين وهنا المكان بمعنى الحالة وليس الموقع.
وثم ينتقل سريعا الى موضوع الصوم الذي تحدث عنه الرب مباشرة بعد المغفرة فلا نفع من صوم الطعام والقلب يأكل ويشرب الحقد والضغينة،فالصوم لاجل التقرب والتعبد لله هو الاصل في العبادة لا الحمية ولا الصحة هي مبتغى المؤمن انما توقه الى علياء السماء.
“لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَم هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَم أَيْضًا.” (مت 6: 21).
الكنز الحق هو الكنز الخالد،والديمومة شرطه الاساس،اما كنوز الارض بكل اشكالها المادية والمعنوية فأن لم تشرك فيه اخوك كانت سبب بلاء عليك،الرزق ليس كله نقد في البنك او عقار باهر،الصيت الحسن والعمل الصالح ،وابناء الرضى ،وحسن الخلق ،كلها ارزاق من رب السماء.
القلب رمز الحياة وجسد بلا قلب ميت،والكتاب المقدس يقصد بالقلب كينونتك الجوانية ،نفسك حياتك وجودك كلك.
قلب واحد صندوق خفي تضع فيه فقط ما انت تره كنز ثمين وليس لاحد كشفه الا الرب.
ماذا تخفي في قلبك بالنسبة لك ماهي قائمة اولوياتك
رتب هرم قلبك بحسب حبك واسكن الله هيكل روحك تعيش ابدى الدهر بين كنوز السماء.
Comments are closed.