قوة وأهمية الصلاة في الصعاب: لماذا نصلي؟ ميرال عتيق

في ظل الحروب والظلم الذي يسيطر على العالم، يواصل رؤساء الكنيسة وكهنتها بدعوة المؤمنين إلى الصلاة والتوبة. وقد يتساءل البعض: هل للصلاة فعلاً تأثير حقيقي؟ وهل يمكن أن تغيّر الواقع؟  

تُعتبر الصلاة جسراً يربط بين الله والإنسان، وقد شُبهت بسلم يعقوب الذي يصل بين السماء والأرض (تك 28: 12). فهي ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي وسيلة للحفاظ على الصلة مع الله، من خلال القلب والفكر. تُعبّر الصلاة عن ثقة عميقة بقدرة الله على التدخل في حياة المؤمن وتغيير الظروف من حوله.  

تُعزز الصلاة الإيمان وتذكر المؤمن بأن الله حاضر في حياته، وهو الوحيد القادر على منح النعمة اللازمة للتغلب على الشرور والصعوبات. يجب ألا يستهين أحد بقوة الصلاة، حيث أشار القديس يعقوب في رسالته (5: 16-18): “طلبة البار تقتدر كثيرًا في فعلها”. كان النبي إيليا إنسانًا مثلنا، صلى بأن لا تُمطر، فامتنع المطر ثلاث سنوات ونصف، ثم صلى مرة أخرى فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمرها.  

علّمنا المسيح أن لو كان لدينا إيمان مثل حبة خردل لا شيءٌ يصعب علينا (مت 17: 20). كما أنّ المسيح نفسه لجأ إلى الصلاة في أحلك اللحظات، خاصة قبل آلام الصليب، حيث صلى في بستان الزيتون طالبًا من الآب القوة لمواجهة الألم والتجربة. 

يُعتبر الشر قوى روحية تُهاجم المؤمنين، ولذلك فإن الأسلحة الروحية هي الوسيلة الفعالة للانتصار عليها. كما يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس: “البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس” (أفسس 6: 11). تُعد الصلاة جزءًا رئيسيًا من هذا السلاح الروحي، حيث إن صراعنا ليس مع لحم ودم، بل مع قوى روحية في السماوات (أف 6: 12). 

أكد قداسة البابا فرنسيس في خطابه حول “سنة الصلاة” استعداداً ليوبيل الرجاء لعام 2025 على أهمية التواضع وفتح المجال للصلاة النابعة من الروح القدس، حيث يُعبر الروح في قلوبنا وعلى شفاهنا عن الكلمات المناسبة لتصل صلاتنا إلى الآب. 

بالإضافة إلى الصلاة الفردية، هناك أهمية خاصة للصلاة الجماعية في مواجهة الشر. قال يسوع: “لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم” (متى 18: 20). تعزز صلاة الجماعة الوحدة الروحية بين المؤمنين وتقويهم في مواجهة الصعوبات، حيث يتحد المؤمنون في الصلاة ويشتركون في طلب القوة والنعمة من الله للتغلب على الشر ومساعدة بعضهم البعض. 

خلال ظهورات العذراء مريم في فاطمة عام 1917، تم التأكيد على أهمية الصلاة، وخاصة صلاة السبحة الوردية، كوسيلة لحماية البشرية من الشرور والحروب. طلبت العذراء من الناس التوبة والصلاة من أجل السلام. وهناك العديد من القصص الكتابية والتاريخية التي تسلط الضوء على أهمية الصلاة والتوبة والرجوع إلى الله في الحد من الشر. كما ورد في الكتاب المقدس: “فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلَّوْا وَطَلَبُوا وَجْهِي، وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيةِ، فَإِنَّنِي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ” (2 أخ 7: 14).  

هذا يعكس كيف يمكن للصلاة والتوبة أن تلعبا دورًا حاسمًا في فهمنا لاستجابة الله للمطالب البشرية في أوقات الأزمات، لذا لنتحد في الصلاة والصوم والتوبة في السابع من تشرين الأول، استجابةً لدعوة غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا كصرخة طالبين رحمة الله وتحقيق بره في جميع أيام حياتنا. 

نقلا عن موقع البطريركية اللاتينية

Comments are closed.