البابا فرنسيس: ازرعوا الرجاء بين المهاجرين واللاجئين وضحايا الحرب

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في اللقاء الثالث لـ “Iglesias Hospital de Campaña” وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال أشكركم على حضوركم. أهلاً وسهلاً بكم في هذا اللقاء. أود أن أقول بضع كلمات لمساعدتكم على التأمل في عمل الكنيسة، العمل الذي تقومون به من أجل الأشخاص الأكثر فقرًا وتهميشًا. أود أن أشارككم ثلاثة جوانب ذكرتها مؤخرًا: أولاً، إعلان المسيح، وثانيًا، إصلاح أوجه عدم المساواة، وثالثًا، زرع الرجاء. أنتم، إذ تساعدكم نعمة الروح القدس، تعملون لكي تكون الكنائس كمستشفى ميداني من خلال حملكم قدمًا لهذه المبادئ الثلاثة.

تابع البابا فرنسيس يقول أنتم تقدمون شهادة من خلال استقبال الأشخاص بواسطة التصرفات أكثر من الكلمات. وبالتالي فالمبدأ الأول هو الاستقبال، وكذلك تذهبون لزيارة الأشخاص وهذا شكل آخر من أشكال الاستقبال. وترون في كل واحد من هؤلاء الأشخاص الضعفاء، وجه المسيح. وبهذه الطريقة، أنتم تعلنون المسيح كذلك الذي يسير معهم على الدوام، حتى وإن كان يقوم بذلك بأسلوب مجهول، لأنه هو الذي قد جعل نفسه فقيرًا أولاً. أما الجانب الثاني: استقبال المسيح في الفقراء والمهاجرين. أؤكّد أن واقع المهاجرين في إيطاليا كما في إسبانيا هو أحد الوقائع المهمّة – لا أريد أن أقول مشكلة – وإنما أحد الوقائع المهمة، أليس كذلك؟ ومن ناحية أخرى، علينا أن نكون شاكرين لمجيء المهاجرين لأن مستوى الأعمار لدينا قد أصبح فاضحًا بعض الشيء. أعتقد أن متوسط العمر في إيطاليا هو ٤٦ عامًا. وليس لديهم أبناء. نعم، جميعهم لديهم كلب أو قطة، لكن ليس لديهم أبناء. والمهاجرون يأتون، حسناً، وبطريقة ما، هم الأبناء الذين لا نريد أن ننجبهم. فكروا في هذا الأمر قليلاً.

أضاف الأب الأقدس يقول ثانيًا، إصلاح أوجه عدم المساواة. من خلال رسالتكم أنتم تدينون عدم المساواة في المجتمع، الذي يكون أحيانًا كبيرًا جدًّا، بين الأغنياء والفقراء، بين الوطنيين والأجانب، وهذا ليس ما يريده الله من البشر، وفي العدالة يجب حل هذه الأمور. يجب ترميم النسيج الاجتماعي من خلال إصلاح التفاوتات، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يقف غير مبالٍ بألم الآخرين. وفكروا في جانبي الحياة: عدم المساواة الموجودة بين الأطفال والمسنين. عندما يتم تهميش المسنين، وإرسالهم إلى دور المسنين وكأنهم لا يملكون شيئًا ليساهموا به في المجتمع في الوقت الحالي. وفكروا في الأطفال، عندما يتم استخدام الأطفال في أعمال معينة ثم يتم التخلي عنهم. هناك أطفال يتم استخدامهم للذهاب وجمع الأشياء في مقالب القمامة لكي يتمَّ بيعها فيما بعد. في أحد البلدان التي يوجد فيها فاكهة لذيذة جدًّا تسمى التوت الأزرق، وتتطلب الكثير من الدقة في حصادها، يستخدمون الأطفال الجائعين لحصادها ويستغلونهم. ولذلك علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا يحدث مع الأطفال، ماذا يحدث مع المسنين؟ إن المسنين هم مصدر الحكمة، ونحن نشهد عار إبقائهم في خزانات دور المسنين.

وأخيرًا، تابع الحبر الأعظم يقول من الضروري أن نزرع الرجاء. في كل شخص تستقبلونه، سواء كان مشردًا، أو لاجئًا، أو فردًا من عائلة ضعيفة، أو ضحية حرب، أو لأي سبب آخر يجعله مهمشًا من المجتمع، ازرعوا الرجاء. وهنا أريد أن أشكركم علنًا على عملكم. صحيح أنكم شجعان بعض الشيء وتتحلون بالجرأة، وهذا أمر لا نجده لدى الجميع، لكن ما تقومون به يلهم الآخرين، يلهم كثيرًا، العناية باللاجئين وبالجنود الأوكرانيين جرحى الحرب. الحرب هي واقع صعب جداً، إنها واقع يقتل ويدمّر، اعتنوا بهؤلاء الأشخاص. شيء واحد أراه عندما تأتي إلى هنا مجموعات من الأطفال الأوكرانيين الذين تم ترحيلهم إلى هنا: هم لا يبتسمون. لقد سلبتهم الحرب ابتساماتهم. لهذا السبب كل العمل الذي تقومون به مع اللاجئين مهم جداً. وأيضًا، إنه أحد الأمور الثلاثة التي يكررها العهد القديم دائمًا: الأرملة واليتيم والغريب، المهاجر واللاجئ. إنه سؤال علينا أن نطرحه على أنفسنا، ولهذا، ازرعوا الرجاء من فضلكم. في كل شخص تستقبلونه، في كل شخص ضعيف، ازرعوا الرجاء. حتى وإن كان هؤلاء الإخوة والأخوات غارقين في ما يمكننا تشبيهه بـ “طريق مسدود” – وكم من “الطرق المسدودة” نجدها اليوم، وما أكثرها – ذكّروهم بأن الرجاء المسيحي هو أعظم من أي وضع – حتى ولو لم يكن من السهل أن تقولوا هذا لجريح حرب، لكن عليكم أن تقولوه – لأن الرجاء يجد أساسه في الرب وليس في الإنسان. إنَّ التفاؤل هو شيء جيد، ولكن الرجاء هو شيء آخر. إنه مختلف تمامًا.

أضاف الأب الأقدس يقول أود منكم جميعًا، في العمل الذي تقومون به في الكنيسة، أن لا تتوقفوا أبدًا عن اكتشاف أن الاهتمام بالأكثر ضعفًا هو دائمًا امتياز، لأن لهم ملكوت السماوات. إن خدمة الأشخاص الأكثر ضعفاً هي خدمة للرب نفسه. “ما صنعتموه لواحد من هؤلاء فلي قد صنعتموه”. في كل مرة تسنح لنا الفرصة لكي نقترب منهم ونقدم لهم مساعدتنا، تكون فرصة لنا لكي نلمس جسد المسيح، لأن حمل الإنجيل ليس أمرًا مجردًا، أو أيديولوجية مجردة تُختزل في تلقين العقائد. لا، ليس الأمر هكذا، ولكن حمل الإنجيل يصبح ملموسًا هناك، في الالتزام المسيحي تجاه المعوزين؛ وهنا تكمن البشارة الحقيقية.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الإخوة والأخوات، أشكركم على شهادة الحياة المسيحية التي تقدمونها، انشروا الرجاء، انشروا الرحمة، انشروا المحبة لجميع هؤلاء الأشخاص، لكي يتمكنوا هم أيضًا، إذ يقتنعون بهذه الحقيقة، من أن يتعاونوا معكم في خدمة الأشخاص الأكثر فقرًا، لأن يسوع هو بينهم. وهم سيخدمون يسوع حتى لو لم يؤمنوا به. ليبارككم يسوع في العمل الذي تقومون به ومن فضلكم صلوا من أجلي.

Comments are closed.