أحد تجديد البيعة بقلم الخوري شوقي كرم


“وَلِذلِكَ رَفعوا الأًناشيدَ إلى الله الَّذي يَسَّرَ تَطْهِيرَ مَكَانِهِ الْمُقدَّس” 2مكابين 10: 6
إخوتي أخواتي الأعزاء الأحباء بالربّ يسوع
مع بداية سنة طقسيّة جديدة تهدف إلى مساعدتنا على معاشرة يسوع منذ البشارة بتجسّده حتى حلول الروح القدس للتبشير به، لنتابع بناء ذواتنا بالتماهي معه، لأن فيه كشف لنا الله الآب الصورة الّتي خلقنا لنكون عليها، صورة الأبناء على مثاله، يأتي عيد تجديد البيعة، تجديدنا نحن الّذين بايعن المسيح كملك على حياتنا، ليذكّرنا بأهميّة تنقية نفوسنا التي صارت مع المسيح هيكل الله الحقيقيّ.
في الحقيقة، قبل المسيح كان هيكل أورشليم هو مكان سكنى الله بين شعبه. وفي كلّ مرّة كان هذا الهيكل يُدنس من الأعداء أو من الشعب نفسه بإدخال العبادات الوثنية إليه، كانت البقيّة المؤمنة من الشعب المختار تثور وتعود فتطّهر هذا الهيكل لتجدّد العبادة الحقّة فيه، وترفع ” الأًناشيدَ إلى الله الَّذي يكون هو قد يَسَّرَ تَطْهِيرَ مَكَانِهِ الْمُقدَّس”.
مع تجسد ابن الله، ودمار هيكل أورشليم، اختار الله الآب بابنه يسوع أن يكون هيكله، مكان سكناه الإنسان نفسه. ولذلك، قام المسيح نفسه بتنقية وتطهير هيكله فينا بتقدمة ذاته ذبيحة نقيّة كفّارة عن خطايانا وبغسلنا بدمه الزكيّ فداءً لنا: “فَدَخَلَ إِلى قُدْسِ الأَقْدَاسِ مَرَّةً واحِدَة، لا بِدَمِ التُّيُوسِ والعُجُول، بَلْ بِدَمِهِ هُوَ، فَحَقَّقَ لنَا فِدَاءً أَبَدِيًّا” عبر 9: 10
في الواقع، ما من أحد منّا نحن أبناء البيعة في مسيرته مع المسيح استطاع طوال السنة الليتورجيا الُتي مضت أن يحفظ ذاته- هيكل الله الحقيقي- بدون خطيئة. وهذا أمر واقعيّ وحقيقيّ، فحتى الّذين جاهدوا الجهاد الروحيّ الحسن (الصلاة والصوم والصدقة وحفظ كلمة الله والمشاركة بسريّ التوبة والإفخارستيا) لم يصيروا كاملين في محبتّهم لله وللقريب، فكم بالحريّ أولئك الّذين لم يجاهدوا؟!
لهذا، يعود المسيح الراعي الصالح، الحاضر إلى الأبد بيننا ليبذل ذاته لأجل خرافه، فيجدّد دعوته لنا لنتبعه في الطريق، طريقه، طريق التلمذة له، طريق اتباعه والتشبّه به، طريق الإصغاء له، طريق العمل بما يشير علينا، حتى نختبر بحق ما قاله لليهود الّذين رفضوه كمعلم ومسيح مخلّص: “خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وأَنَا أَعْرِفُهَا، وهِي تَتْبَعُنِي. وأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّة، فَلَنْ تَهْلِكَ أَبَدًا، وَلَنْ يَخْطَفَهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي”.
يقول القديس برناردوس: “أنت مدين بحياتك كلّها للرب يسوع المسيح، كونه وهب حياته من أجل حياتك، وتحمّل آلامًا مبرحة كي لا تتحمّل عذابات أبديّة ( القديس برناردوس). وعليه، فالّذي يستجيب لدعوة المسيح الراعي ويأتي إليه ويتركه ينقيّه ويطهره بكلمته ودمه الثمين، سينعم بمصير خرافه. والّذي يغلق أذنيه ويتابع حياته كأبناء هذا العالم، سيربح العالم ولكن سيخسر نفسه والحياة الأبديّة. لا تسمح يا رب إذا سمعنا صوتك أن نقسّي قلوبنا ونصمّ آذاننا لئلا نخسر ما أعددته لنا من ميراث في الحياة الأبديّة.

Comments are closed.