واقع الآلام وثبات الرجاء بقلم القس سامر عازر
الأحد الرابع بعد عيد الظهور الإلهي
أصعب ما يعصف بنا في هذه الحياة هي الآلام، فهي متلازمة الحياة، وأسباب الآلام كثيرة ومتعددة، وأكثرها إيلاما تلك الآلام المتسببة لنا من أخطاء الآخرين قصدا أو عن غير قصد، فكم من أناس يدفعون ثمن حياتهم بسبب الإيذاء الذي يتسبب لهم من أناس مقربين عليهم.
من جانب آخر أكثر ما يملأ القلب فرحا وسلاما ورغم كل الآلام والمعاناة هو الرجاء الذي يولِّدُه عمل الروح القدس في قلوبنا رغم جرعات الآلام والتحديات والصعوبات التي يمّر بها الإنسان.
وتلاميذ ورسل المسيح خير مثال على ذلك، حتى إن بولس الرسول يكتب لنا في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس عن الضيقات والشدائد التي ألمّت به وبصحبه في آسيا الصغرى حتى كاد اليأس أن يتغلل إلى صدورهم، لأن ظروفهم كانت صعبة لدرجة الموت المحتّم، ولكنه لم ينل منهم، لأنّ يد الله كانت فوقهم ونجتهم من موت محتم. فالعناية الإلهية كانت فوقهم، وهم بدورهم وثقوا بقدرة الله القادرة أن تقيم الموتى، والذي إن شاء أن ينجي فَعَل. وهذا هو حال حياتنا، فمهما أحاطنا من تحديات وأخطار وصعوبات وآلام فلا شيء يعجز على قدرة الله تعالى، فيد الله قادرة أن ترفع عنا شدة الأخطار والآلام وتنجينا من كربنا إن وضعنا كامل ثقتنا وإتكالنا على الله.
وفي إنجيل البشير مرقس عن قصة البحر الهائج والقارب الذي كان المسيح بداخله على وسادة نائما وكاد القارب أن يغرق لا محالة في وسط بحيرة طبريا من كثرة المياه التي دخلت إلى القارب من هول العاصفة الهوجاء وشدة الأمواج المتلاطمة التي ضربت القارب، لكننا نرى السيد المسيح يقف وينتهر الريح ويهدئ هيجان البحر وكأن شيئا لم يكن.
إن أعظم ما يعلمنا إياه البشير مرقس أن نتيقن أنَّ الله معنا في قارب حياتنا مهما اشتدت الرياح علينا وعلت الأمواج، لذلك لا يجب أن نجزع أو أن نخاف لأنَّ القدير معنا، ومهما علت الأمواج واشتدت الرياح علينا فيد الله في العلى أقدر. فأكبر نعمة يمنحنا إياها الله القدير في هذه الحياة المليئة بالمتناقضات والتحديات والأخطار هي نعمة الرجاء الحّي في قلوبنا المبني على الإيمان الواثق بأنّ محبة الله تغمرنا وبأن يد الله أقوى من كل قوى الشر والظلام التي قد تحيط بنا، وقادرة أن تنجينا وتنقذنا وأن تحفظ نفوسنا على الدوام.
فإيماننا الثابت والأكيد بصلاح الله ومحبته يدعونا أن لا نفقد الرجاء الحي أبداً مهما اشتدت قسوة وظروف الحياة علينا. والرجاء فينا لا يخزى لأن محبة الله انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا.
Comments are closed.