ماذا لو كان الإنسان ليحيا بالخبز وحده؟ بقلم القس سامر عازر
جاحد من ينكر أهمية كلمة الله في حياة الإنسان وضروتها ليحيا حياة البّر والقداسة.
فحياة الإنسان من غير روحانية إنحطاط وفساد وجشع وغطرسة واستعلاء، فالطبيعة البشرية فسدت من لحظة إبتعادها عن الذات الإلهية وعن النور الإلهي الذي ينير دروب الحياة نحو الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة والمساواة. ومن هنا وبقول السيد المسيح له المجد تكون الحاجة إلى أمر واحد، وهو الرجوع إلى الشرائع السماوية المتمثلة في الوصايا العشر التي تنيرُ دروبَ الحياة وتكون أسرجة لأرجلنا ونور لسبيلنا.
أحوج ما يكون العالم إليه اليوم هو مفهوم الصوم الحقيقي، لأنه صوم يرتقي إلى انقطاع عن كل أشكال الشر والفساد وضرورة الولادة من جديد من فوق بقوة وعمل عمل روح الله القدوس المحيي نفوسنا وحياتنا والموجِّه لحياتنا نحو أبديةٍ تبتدأ من حياتنا الأرضية بكل معاني الصدق والوفاء والنقاء والصفاء.
فليس من شك في أنَّ تخبُّط عالمِنا اليوم هو بسبب سعيه ليحيا بالخبز وحده، بمعنى آخر، قياسه لنجاج الحياة فقط بالماديات وبالثروة والسيطرة التي يقدر بها أن يتحكم بها بكل من هم حوله على حساب كل القيم والمبادئ الروحية السامية، فينتنعم على حساب حياة الآخرين ويسلبهم حقهم في الحياة الكريمة وحريتهم في إختيار الأفضل لهم.
ولأجل ذلك تحمل الكنيسة ذلك الصوت النبوي الذي يدعو الناس للتوبة والرجوع إلى الله ولضرورة الصوم الجسدي الذي يعلمنا نكران الذات والتوبة والتواضع وخدمة الآخرين والوقوف بكل جرأة وشجاعة في وجه قوى الظلام التي تحاول النيل من قداسة هذه الحياة ومن جوهرها ومن جمالها. فعدو الخير متربص بالبشرية لكي لا ترتقي إلى إنسانيتها، وعلى الدوام يحاول أن يثنينا عن السعي نحو حياة السماء بتحويل نظرنا نحو المادة والماديات ونحو السلطة والتسلط، ويحيد بنظرنا عن الكنز الحقيقي الذي يبقى ويدوم إلى كنوز هذا العالم الزائلة وأمجاده الباطلة، وأن يزرع في نفوسنا روح التكبر والإستعلاء والغرور بالنفس كذلك الغني الذي أخصبت كورتَه فقال لنفسه، ” يا نفس لك خيرات كثيرة لسنين كثيرة، كلي واشربي وافرحي”، ولكن نفس ذلك الغني طلبت منه في تلك الليلة، فلم تنفعه كل خيراته وكل أمواله!!!
ففصل الصوم الأربعيني الكبير هو دعوة قبل فوات الأوان لنؤمن أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله.
Comments are closed.