الخدمةُ التي يُكرمُنا بها الله بقلم القس سامر عازر
كثيرون يعملون لأجل العمل فقط ولأجل المردود المادي المتعلق به.
صحيح أنه يجب علينا أن نعمل إذ بعرق جبيننا نأكل خبزا، ولكنّ قيمة العمل أكبر وأسمى بكثير من مجرد القيام بالواجب المنوط بنا، لماذا؟! لأنَّ العمل ذاته يحمل قيمة روحية سامية ويحمل رسالة البناء والعطاء والتضحية من القلب كما للرب وليس كما للناس، ويتطلب تكريس الذات للإبتكار والإبداع والإتيان بكل جديد، واستثمار المواهب الروحية التي وضعها الله في قلب كل واحد منا، لكي يتقدم عالمنا ويزدهر ويتطور، ويتوفر ما هو الأفضل لخدمة الإنسان وخدمة الخليقة.
فالعمل ينبغي أن ينبع من مفهوم الخدمة أينما دعينا وفي كل مجال من مجالات الحياة ولا سيما في المجال الروحي. فالخدمة تتطلب الإجتهاد والبحث والسعي لتقديم ما يتناسب مع متطلبات الحياة واحتياجاتها وتحدياتها بفكر ولاهوت إنجيلي معاصر يتفاعل مع كل القضايا التي تهم المجتمعات وتحدياتها وما يشغل فكر الكثيرين من قضايا مستجدة تتطلب البحث عن إيجاد حلول لها وأجوبة شافية بشأنها بما يتماشى مع الإعلان الإلهي بمحبة الله الشاملة ورحمته الواسعة وعدالته.
لذلك خدمتنا في الحياة يجب أن تتسم بطابع التضحية، فالمجد الحقيقي لا يتجلّى إلا بتكريس الذات وبذلها وربما موتها من أجل توفير الحياة الكريمة للآخرين، وهنا يكمن مفهوم حبة الحنطة التي تكلم عنها السيد المسيح بأنّها إن لم تقع في الأرض وتمت تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير (يو. ٢٤:١٢).
هذا ليس بكلام إنشائي أو كلام تنظير بل هو واقع الأمور وحالها، فلا عظمة من غير تضحية، ولا سيادة من غير خدمة، ولا قيامة من غير موت. وفي هذه كلها يستطيع الإنسان أن يرى وجه الله الحقيقي الذي يدعونا لأن نحبَّ ملكوته أولا، لا أنفسنا وأهوائنا وشهواتنا وأطماعنا، بل أن نحب حياة الملكوت السماوي فوق كل شيء، وهذا يعني أن نكره تلك الحياة في ذواتنا التي تميل إلى الخطيئة والشر والشهوة وإيذاء الآخرين وسرقة إنجازاتهم، وأن نسعى في حياتنا وعملنا لما يرتضي به الله من خدمة وعطاء وتضحية تنال الإكرام والمجد السماوي.
فمن لا يقدر أن يرى الله في خدمته لن يقدم أفضل ما لديه ولن ينال الإكرام الأسمى والأبقى.
Comments are closed.