مقاربة بين الرسالة للعبرانيين وإنجيل مرقس بقلم الراهب الباسيلي الحلبي يوسف عرموش

يُطالعنا إنجيل مرقس عن حادثة شفاء الرجل المصروع ونصّ الرسالة إلى العبرانيين عن إيمان إبراهيم ووعد الله، تستوقفنا العديد من الآيات منها “هذا الجنس لا يخرج إلا بالصوم والصلاة” و “فصاح أبو الصبيّ لساعته بدموعٍ وقال: إني أؤمن يارب، فأعن قلة إيماني”. وأيضًا يُذكِّرنا تقليد الكنيسة في هذه الآونة بأسبوع القديس يوحنا السلمي كاتب كتاب سلّم الفضائل، هذا القديس الذي عاش حياة الرهبنة وسما في الفضائل، هو أيضًا عبّر عن أن الصلاة كما جاءت في النص الإنجيلي هي: (العيش مع الله)، كما كان يفعل الرب يسوع عند بداية كل عمل كان يختلي ويصلي، هذا العيش الذي هو العلاقة مع الله لا يكتمل إلا بالصوم.
الصوم أي الغوص في صحراء ذواتنا وكسرها ومحاربة شهواتها والولوج إلى أعماق الذات. هذا البحث العميق يُوصلنا إلى الله حيث الطريق الضيق. يقول القديس أغسطينوس “لقد خلقتنا يا الله لك، ولن نستريح إلا فيك”. نعم هذا التسليم التام لمشيئة الله هو سبب خلاص……
إلى جانب عنصر هام هو الاقرار بالضعف الذي هو بداية الدخول في الشركة مع الله، إيمان هؤلاء الأشخاص أوصلهم إلى معرفة الله وطلب الشفاء لابنهم المريض…….. هنا تبدأ مسيرة الإنسان نحو الله، الله مَن هو دائمًا في مسيرة لقاء مع الإنسان الذي اكتمل بتجسُّد المسيح، هذا الإنسان منذ بداية الخلق يبحث عن آلهة أخرى، ومازال مستمرًا بوعده الذي وعد به ابراهيم وهذا ما سمعناه في رسالة العبرانيين، إيمان ابراهيم بصدق وعد الله هو سبب خلاص له وللشعب.
فهل نجرأ أن نُسلِّم ذواتنا لله؟ ونُقرّ بضعفنا ونترك كل صنم أي كل ما هو يتملك الإنسان للانطلاق للعلاقة مع الله؟

Comments are closed.